قبل خراب البصرة:وقت للأمل أكثر من وقت للتشاؤم
بقلم : طالب عبد العزيز
العودة الى صفحة المقالات

مثل كل البشر لدينا نحن في العراق فرصة للأمل أيضا،لكن فرصنا في التشاؤم  أكثر من أي بلد آخر،والأمل مشروع إنساني كبير،يحثنا على الاعتقاد به  أصدقاؤنا من اليساريين عبر لغة المسجات التي نتلقاها منهم في الأعياد،وعيد  رأس السنة خاصة،حيث يكتبون لنا أبياتا من قصيدة شهيرة للشاعر ناظم  حكمت،التي تقول:



أجمل الأيام تلك التي لم نعشها بعد،أجمل الأطفال هم الذين لم يولدوا بعد....إلخ.لكن نافذة التشاؤم تبقى مشرعة أكثر وأكثر،عبر القادم من الأيام،وليس ثمة من أمل بحياة جديدة لأطفالنا القادمين.
  ومن يعتقد بأمل من لقاء المالكي –علاوي مثلا فهو واهم كبير،وهو مثل الذي يعتقد ببناء مترو بغداد أو ميناء البصرة الكبير،أما من يعتقد أن الكتل الدينية-الإسلاموية الحاكمة والمتنازعة في العراق والوطن العربي قادرة على صناعة مستقبل لبلدانها فهو واهم،ولا يعلم عن المستقبل شيء.
ومن قائمة تشاؤمنا نستل ورقة سياسية،هي الأكثر سطوعا اليوم ففيما تقاتل العراقية بزعيمها إياد علاوي في الدفاع عن قضية الهاشمي يصر التحالف الوطني بزعيمه المالكي على التلويح بورقة العصائب بوجه من يراهم خصوما قادمين له،مثلما نستل ورقة تدعو للمصالحة الدينية تقول بأن 700 رجل دين من السنة والشيعة يعملون على توحيد الخطاب الديني،وهناك خطة للم شمل الطائفتين،وهو لعمري أمر في غاية الأهمية،لكن التشاؤم فيه بين ومن خلال ما نسمعه ونشاهده في الفضائيات وفي المجالس،ومن لا يصدق فليأت البصرة ويأخذ تخطيطا عشوائيا لقلب أحد أهل السنة ساعة تنفجر عبوة في بغداد.
  يقول المرجع اللبناني السيد علي الأمين في لقائه مع تركي الدخيل (برنامج إضاءات) بأنه ومنذ الحرب اللبنانية في الثمانينات تقدم بمشروع "يدعو لرفع مادة التربية الدينية من المدارس،لأنها سبب في الفرقة،إذ يخرج المسيحي من الدرس إذا كان غالبية الطلاب من المسلمين،ويخرج الطالب المسلم من الدرس إذا كان غالبية الطلاب من المسيحيين،لأننا نعلم أطفالنا التفرقة بين الأديان والطائفية ثم حين يصبحون رجالا ندعوهم للوحدة ونبذ التفرقة والطائفية" ترى كم لدينا من المعلمين المتسامحين الذين يعتقدون أن الدين (لا سنة ولا شيعة)إنما توحيد للقلوب وحرمة اللحم والدم والمال والعرض؟
وفي قطاع البناء والاستثمار والمشاريع لدينا الخيبة والتشاؤم في أكبر الصور إذ يتحدث محافظ البصرة د.خلف عبد الصمد عن مشاريع كثيرة منحت لشركات ومقاولين عراقيين،أكثر من 800 مشروع،وهي خطوة عدها أحدهم في المجلة الاقتصادية التي يصدرها ديوان المحافظة بـ (الذهبية)، لكنه (المحافظ) يقول:" لو سألتني هل أنت راض عنها؟ لقلت لك: لا،لأن المشاريع أحيلت قبل تسلمي المحافظة،ومن خلال تجوالي بين المشاريع تكشّف لي بأن المقاول العراقي لا يصلح لبناء حتى مدرسة،لأنه غير مقاول أيضا،هو صاحب (جنبر)،يربح في اليوم 10 آلاف دينار،فجأة وجد نفسه مقاولا،وصاحب شركة،وبطريقة أو بأخرى رست عليه مجموعة من المشاريع".  ترى هل تؤهل خبرة رجل كهذا لبناء أحلام عراقية كبيرة؟وهل يفكر بأن المدرسة التي يبنيها إنما هي لأولاده وأحفاده؟ أكيد لا،لأن روح الجماعة لمّا توجد في النفس العراقية اليوم.فضلا عن التخصص والإخلاص، فأتذكر المدرسة التي سقطت على أبنائنا في بابل،ترى كم مدرسة ستسقط إذا كانت المدارس تبنى بمثل المقاول الذي وصفة لنا محافظ البصرة بقوله: وجدته بلحية طويلة وبمحابس كثيرة،أشعث،ثيابه لا تدل على هيئة محترمة سألته "أين المهندسون والفنيون في مشروعك فقال: طردتهم لا يفهمون شيئا،وما تحصيلك الدراسي فقال: كلية الزراعة فقلت:ما علاقة الزراعة بالبناء والحديد والاسمنت؟"بمثل هذا تنعدم فرصة الأمل وتكثر فرص التشاؤم.
  يكتب لي أحد الأصدقاء (متشائما جدا)، تعليقا على مادة نشرتها تتحدث عن الثقافة وإمكانية تفعيلها في الحياة من جديد،فيقول:أنت واهم مع هؤلاء، هم أعداء الموسيقى والشعر والفن والسينما والمسرح والأغنية،هؤلاء أعداء الحياة،أتظن أنهم يفكرون بمستقبل حقيقي للعراق عبر الثقافة، الثقافة الحقيقية طاردة لهم، لذا لن يؤسسوا لنا ثقافة جادة،فيزيدني تشاؤما،لكن المشهد برمته لا يوحي بأمل إذا لم يكن يدعو للتشاؤم،أرقب شبكة المجاري التي طفحت بفعل مياه المطر،أنظر لأسيجة الأبنية وهي ترتفع عاليا، أتأمل الشارع بقذارته التي تزيد يوما إثر آخر، أتطلع بوجه البقال والجزار وسائق التاكسي ورجل الدين وشيخ العشيرة وووو حتى أصل إلى وجه الأستاذ الجامعي فلا أجد أملاً،هناك إجماع عراقي على شيوع البؤس.

  كتب بتأريخ :  الخميس 09-02-2012     عدد القراء :  1759       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced