حقوق الأقليات والحل الديمقراطي
بقلم : أوس عزالدين المانع
العودة الى صفحة المقالات

توصف المرحلة الحالية من التطور الإنساني بأنها عصر بزوغ العامل الثقافي في  تحديد مسار السياسات الدولية ،كما عبر عن ذلك سلبيا الثنائي ((فوكوياما))  و((هنتغتون)) ،وإيجابيا صعود اليسار في أمريكا وانتخاب الرئيس الأمريكي  ((أوباما)) رئيسا لأكبر قوة عظمى في التاريخ.



زمن إفرازات العامل الثقافي في السياسات بروز الأقليات كمتغير مهم في رسم ملامح مستقبل جديد للعالم، ولم تهد الأقليات في مكاتب وأدراج وزارات الخارجية تلاعب به خصومها أو تستفزهم أو تبتزهم ،وقد أطلق الإعلام الحديث وبأقوى طاقة أصوات المظلومين والمهمشين والأقليات، واضعا ثقافتها وظروفها وتاريخها في صلب الاهتمام العالمي بغض النظر عن النوايا المشكلة لمواقف الدول والمنظمات .
وشيئا فشيئا تترسخ القناعة لدى الجميع بأن الديمقراطية هي الضمان الوحيد لحقوق الأقلية والأكثرية على السواء، ولم يعد ممكنا بعد اليوم حرق الملفات والوثائق بعد أن أصبحت في حرز أمين أسمه (( الذاكرة الإلكترونية))، ومن المهم أن تدخل هذه الأفكار من حيز التفكير النخبوي إلى ممارسات الإنسان العام ،وبالفعل فقد بدأت أغلب الدول الغربية بتدريس حقوق الأقليات ضمن أنضمة خاصة بحقوق الإنسان في المراحل الدراسية كافة.
وفي الطريق إلى تجاوز مشكلات ثنائية (( الأكثرية – الأقلية ))، فإن جهودا كبيرة تبذل لعبور إرث طويل من الاستبداد الذي هضم حقوق الأقليات.
ولذلك، فإن منطقتنا العربية والإسلامية خاصة، ومنها العراق، تجابه هذه المشكلات بطريقة مركبة، فمن باب أصبحت حقوق الأقليات ضرورة عملية، ومن باب آخر، هيمنة الوعي الإقصائي على العقل السياسي العام والنخبوي، فإنها تقف حائلا أمام إنجاز الدول العربية والإسلامية مشروعها التنموي .
وفي لب هذه المشكلة ،فإن الأنظمة الحقوقية ،بما فيها الدساتير ،لا يمكن أن تتحول إلى واقع اجتماعي بالممارسة اليومية بسهولة في هذه الدول ،وعلى الرغم من اختلاف الدرجة في هذا الاستعصاء ،فإنه يبقى علامة مهمة من علامات الصراع الاجتماعي والحقوقي في كافة الدول العربية والإسلامية كي تعبر المنطقة الضحلة التي وجدت نفسها فيها بالصوت الواحد والإقصاء الذي يأخذ أشكالا دينية وقومية للآخر .
وقد هيمنت مؤخرا ألفاظ جديدة على الساحة مثل الآخر والتسامح والقبول والتعايش في المجال التداولي للثقافة والإعلام العربي والإسلامي ،وضمن كل ذلك تبرز مسألة الأقليات كتعبير نوعي عن هذه النظرة ،ويصبح الرهان على تفعيل آليات أخلاقية لجعلها صالحة للتطبيق، رهانا وجوديا يمس مستقبل الكيانين معا وهما ((الدولة والمجتمع)).
ولم تنجز المجتمعات العربية الكثير في هذا الإطار ،لكن النخب الحريصة على إنجاز هذا المشروع بدأت تتحرك في محيط معقول من الاهتمام ،وأهم علامات النجاح لهذه القوى في حراكها الصعب هو أن تنشئ لنفسها قاعدة اجتماعية كبيرة تستطيع الاعتماد عليها في حراكها نحو إنجاز هذا المشروع الحياتي بنيويا ،فالمشروع يصطدم بالبنى التقليدية التي اكتسبت قوة وممانعة كبيرتين ،وهي تحاول الآن الدفاع عن مغانمها باستخدام الرموز التاريخية وأساليب البلاغة اللغوية، وحتى يصل النظام التقليدي إلى استنفاذ قوته والاعتراف بحقائق الواقع الجديد فإن تفكيك هذه اللغة يعد أساسياً.

  كتب بتأريخ :  الأحد 12-02-2012     عدد القراء :  1672       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced