ملحمة كلكامش على الواقع العراقي بقلم : جمعة عبد الله العودة الى صفحة المقالات لاحم الشعوب تعتبر احد مكونات التأريخ لاي بلد لانها تكشف من خلال فصولها , القيم الثقافية والحضارية التي كانت سائدة انذاك , ومدى التقدم الحاصل , وكذلك مدى انسانيتها في التعامل مع الواقع .. ولهذا جاء الاهتمام والعناية بالملاحم ومن خلال التثقيف والتوعية بها عبر وسائل الاعلام , ومن خلال المناهج المدرسية لتثقيف الجيل الناشيء بها .. للعراق البلد الحضاري , اي حضارة وادي الرافيدين العريقة المعروفة في كل انحاء العالم قاطبة , لم يولي الاهتمام المناسب من الدولة العراقية بالتثقيف الجدي والواعي , ونأخذ مثال ملحمة كلكامش كاحدى المكونات التأريخ العراق القديم وهي جزء من حضارة وادي الرافيدين التي ظلت شبه منسية إلا من الجهود الفردية بينما نرى ماهو حاصل مثلا في اليونان حيث الاهتمام الجدي والواسع , والضخ الاعلامي حتى صارت مادة دسمة لانتاج عشرات الافلام السينمائية ,وكذلك المسرح ووسائل النشر . والمعروف في اليونان ملحمتان .. هما 1 - الالياذة ... التي نظمها الشعر الاغريقي ( هوميروس ) قبل ( 800 ) سنة قبل الميلاد , وتتحدث عن حرب الطروادة التي دامت ( 10 ) سنوات وعبرتها التأريخية او سماتها التأريخية لازالت تنبض بالحياة ,هي وحدت الاقاليم الاغريقية ضد عدو مشترك الطرواديين وهذا التوحد كان عامل حاسم بالانتصار . هذه الملحمة تدرس في المدارس اليونانية كدرس اساسي ولمدة عام دراسي كامل في الصف الاول متوسط 2 - ملحمة اوديسيا ... نظمها ايضا الشاعر الاغريقي ( هوميروس ) ,تتحدث عن احداث حصلت بعد حرب الطروادة . وبالتحديد الملك أوديسيا , الذي يعتبر هو صاحب فكرة بناء حصان الطروادة الذي ساهم في حسم الحرب ... وتتحدث عن الصراع القاسي والعنيف الذي طال (10 ) سنوات عجاف تتمثل في رغبة اوديسيا في الوصول الى مدينته وغضب اله البحر ( بوسودونس ) اي كلما يصل الى مشارف مدينته تهب عواصف بحرية هائجة وتنقله الى مدن وغابات مجهولة , لكنه ظل مستمرا بعناد متواصل دون كلل رغم العراقيل والمصاعب ,لم يستكين للقدر , او يدخل قلبه اليأس والخنوع حتى تحقق هدفه بالوصول الى مدينته (ايتاكا ) تدرس هذه الملحمة في الصف الثاني متوسط ولمدة عام دراسي كامل.. وكذلك في حضارة وادي الرافيدين . ملحمة كلكامش الملحمة السومرية .التي تتحدث عن ملك (اورك ) وصراعه من اجل الخلود . وكذلك تتضمن معاني انسانية وعبر ودروس لازالت تنبض بالحياة في عراقنا الجديد .. ولهذا اتقدم بالاقتراح الى السيد وزير التربية , بان يكون درس يخص حضارة وادي الرافيدين بكل تفاصيلها ولمدة عام دراسي كامل , حتى يطلع جيل الشباب على جذور ومعاني واصالة حضارة وادي الرافيدين وانها تدرس الان في مدارس وكليات العالم قاطبة .. حتى نعيد الغبن والاهمال بجزء من تأريخنا العريق والتي نفخر بها الان امام شعوب العالم ان هذه الملحمة غنية بالعبر والدروس وكما تبين لنا من خلال فصولها الزاخرة بالمعاني الانسانية التي ما احوجنا اليها اليوم في عراقنا الجديد .وهي .. .. 1 - توكد بشكل قاطع ,بان الظلم مهما بلغ من قوة وجبروت , فانه زائل لا حياة دائمة له , او بقى دائم 2- تؤكد على عشق الحياة بمضامينها الانسانية والحضارية , والخوف من الموت 3 - البحث عن الخلود .. بعد عناء طويل وشاق , ورحلة طويلةمن المغامرات والمخاطر والمصاعب , اتضح بان الخلود ممكن تحقيقه , وممكن الانسان الحاكم ان يكون خالدا على مر العهود من خلال الاعمال الخيرة التي يقوم بها , او من خلال الاعمال النافعة التي تعود بالنفع على الشعب , او من خلال الانجازات والمكاسب التي يحصل عليها الشعب , او من خلال العلاقة الحميمة بين الشعب وصاحب القرارالسياسي .. ومن خلال نظرة سريعة لحكام العراق الذين جاءوا بعد سقوط الملكية في العراق ..ماذا قدموا للشعب ؟ وماهي انجازاتهم ؟ وماهو الخير الذي قطف ثماره الشعب ؟ وماهو الشر الذي اكتوى بناره الشعب ؟ وهولاء هم ... 1 - الزعيم عبدالكريم قاسم ... يعتبر بحق ابو الفقراء . الزعيم المحبوب الذي يدخل القلوب بدون جواز سفر , رغم هفواته واخطاءه لكن اعماله وانجازاته تبقى حية في ذاكرة الشعب , مثل انهاء سيطرة الاقطاع .. توزيع الاراضي دون مقابل على الفقراء مثل مدينة الثورة (الصدر ) ومدينة الشعلة ..تأميم النفط ..تشريع قانون المرأة الذي يضمن حقوقها . اشاعة الحريات الديموقراطية . مساندة قضية فلسطين . وقضية تحرير الجزائر انذاك 2- عبدالسلام عارف .. يمثل الوجه المخادع والمراوغ والمتقلب بالغدر والخيانة , هو الذي اغتال ثورة (14 ) تموز مع العصابات القومية والبعثية ومات محترقا غير مأسوف عليه 3 - عبدالرحمن عارف .. تمثل بالحاكم الضعيف والشخصية االمهزوزة ,وتميز فترة حكمه بكثرة الانقلابات العسكرية والصراع على النفوذ 4 - احمد حسن البكر .. الوجه البشع والمدمر , وكتبت بأسمه كل المجازر التي روعت الشعب في (63 ) و(68 ) واستخدامه الارهاب المفرط ضد المعارضين . ويتمثل بالغباء السياسي .. وانتهى به المطاف مسجونا في بيته يتجرع الذل والعذاب والموت البطيء ومات مسموما تلاحقه اللعنات من عشرات الالاف الشهداء 5 - صدام حسين .. من متشرد ووضيع وسائب في الشوارع .. الى قاتل محترف مأجور بثمن الى الرجل الاول في الدولة العراقية , والمعروف ببطشه الوحشي . ويحمل عقدة الخوف وعدم الثقة حتى من اقرب المحيطين به ..حول العراق من بلد غني في خيراته الى بلد فقير نتيجة حروبه المتواصلة . لم يسلم من بطشه كل القوميات والاقليات المختلفة .. انه سفاح من طراز فريد . وانتهى به المطاف في حفرة يعيش فيها الجرذان   كتب بتأريخ :  الأحد 08-04-2012     عدد القراء :  1785       عدد التعليقات : 0