في البداية ، اسمحوا لي اهنيء سيادتكم , و انتم تتولون من جديد منصب رئاسة حكومة الاقليم بعد دورتها السادسة , هذه المسؤولية الكبيرة حقا وفي هذه الظروف الحساسة التي يمر بها العراق والمنطقة برمتها بتأثير التغييرات الجذرية التي طرأت على انظمة الدول العربية التي اخذت تتهاوى واحدة تلو الاخرى على أيدي ثورات شعبية عارمة نتيجة ظلم الحكام لشعوبهم وقمع وطمس الحريات العامة......
اعتقد ان هذه المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقكم ، تجعلكم مسؤولين عن كل مواطن كوردستاني اينما وجد و دون استثناء ، وعن احقاق الحق والعدل في ربوع الاقليم ، ورفع الحيف والظلم الذي وقع على ابناء شعبنا الكوردستاني نتيجة شراسة النظام البعثي الفاشي الذي حول العراق بشكل عام وكوردستان بشكل خاص الى مسرحٍ لجرائمه وحروبه وانفالاته الدموية والتي تبقى اثارها شاخصة على البشر والحجرالى امد بعيد ....
في الوقت الذي نحن نقدر ونتفهم كثرة مسؤولياتكم والمهمات الصعبة التي تنتظركم وفي مقدمتها محاربة الفساد وتوحيد الوزرات ومنها وزارة المالية و الداخلية ووزارة البيشمركة والقضاء على تركات الادارتين( ادارة اربيل والسليمانية ) التي قسمت كل شيء في الاقليم , وللاسف لحد الان لم يكتمل التوحيد بالشكل المطلوب رغم كل الجهود المبذولة في هذا الاتجاه ؟! ...اضافة الى مهام الاهتمام بالشريحة الشبابية في صنع حاضرها ومستقبلها ..
اسمحوا لي ان اطرح عليكم مجددأ طلب اهالي ضحايا الانفال والذي عرضاناه على الجهات المعنية في الاقليم مرارا وتكرارا وفي مناسبات عديدة وتحديدا خلال الاعوام الستة الماضية من عمر حكومة الاقليم في دورتيها (الخامسة و السادسة) والمتمثلة في ( اربع سنوات ) من فترة رئاسة دورتكم الماضية وسنتين برئاسة الدكتور برهم احمد صالح . . في طلب ملاحقة المتهمين الذين صدرت اوامر بألقاء القبض على مئات منهم ضمن ملف الانفال لتورطهم في سلخ و ابادة ابناء جلدتهم في (الانفال )الاكثر من سيئة الصيت وإحضارهم للمثول أمام المحاكم ومنهم ( قادة الجحوش المتورطين فيها ـ ايتام النظام البعثي البائد) من مستشاري ماكانت تسمى (بقوات الدفاع الوطني ) الذين شاركوا النظام العراقي البائد في جرائمه ومنها مجازر ومسالخ اتخذت اسماء(الأنفال ـ الابادة الجماعية )... تلك الجرائم التي نفذها النظام العراقي البائد ضد الشعب الكوردي بثمانية مراحل إبتدأت عام 1988 والذي عرف بعام الانفال والتي راح ضحيتها عشرات الالاف من الكوردستانيين العزل ، بالإضافة الى تدمير الاف القرى والقصبات والنواحي في جميع أرجاء إقليم كوردستان.
وعليه اقر البرلمان العراقي باحدى جلساته على إعتبار (عمليات الأنفال ) الاكثر من سيئة الصيت جريمة إبادة بشرية ضد الشعب الكوردي وأصدر قرارا تاريخيأ بهذا الشأن جاء فيه: ( إستنادا الى الدستور العراقي الذي أكد أنه يمثل لسان حال الشعب العراقي ويعبر عن صدى عذابات ومعاناة الشعب العراقي، ومنها عذابات ومعاناة ضحايا سياسات التطهير العرقي ومجازر حلبجة وبارزان والأنفال والكرد الفيليين، وإنسجاما مع الأحكام الصادرة عن محكمة الجنايات العليا الخاصة بعمليات الأنفال السيئة الصيت، فإن البرلمان العراقي يقر أن تلك العمليات تعتبر جريمة إبادة بشرية، وأن ما تعرض له الشعب الكردي من القتل الجماعي تعتبر بكل المقاييس جرائم إبادة بشرية).
نعم ...في تقديري المتواضع، اعتقد و يشاركني كثيرون بضرورة ان تقفوا هذه المرة بقوة وبثبات لفتح هذا الملف الشائك وذالك بتفعيل ذلك القرار الذي اقرّ الاعتقال بحق جميع المطلوبين الفارين من الاحكام القضائية في قضية (الانفال) , وتفعيل الدعاوى المقدمة من قبل عوائل الشهداء والمؤنفلين عند المحاكم المختصة في الأقليم على المتهمين الهاربين , لينالوا جزائهم العادل اسوة (بكيمياوي علي) وكيمياويين اخرين على ما ارتكبوه من جرائم مريعة بحق ابناء جلدتهم, وتعويض عوائل الضحايا مادياً ومعنوياً بما يتناسب مع تضحياتهم الجسام ......
سيادة رئيس الحكومة .... إننا إذ ندرك حساسية الظروف التي ادت بالجبهة الكوردستانية عام 1991 بالعفو و غض النظر عن عموم هؤلاء( المطلوبين ) ...ولكن هذا لايعني ان نلغي اليوم قرارات محكمة االجنائية العليا الخاصة التي تحاكم كبار مجرمي الدكتاتورية بأعتقال المطلوبين وتقديمهم لمحاكمات عادلة في كوردستان اسوة بباقي المتهمين في قضية الانفال .والتي هي بحق مطلب جماهيري ملح ..نعم هذا لايعني ان نتجاهل اليوم الدعاوي المقدمة من قبل عوائل الشهداء والمؤنفلين عند المحاكم المختصة في الأقليم ضد المتهمين الذين تلطخت أياديهم بدماء الابرياء إلى المحاكم ...وكلنا ثقة بكفاءة و حيادية محاكمنا بعد سقوط الدكتاتورية ....
اخيرا.. اتقدم لسيادتكم بإلتماسنا وندائنا ، وبأسم العدالة ، بان تستخدموا نفوذكم وصلاحياتكم من اجل الايعاز والتحرك السريع واعطاء الصلاحية الكاملة للجهات المعنية في الاقليم في البت في هذا الموضوع ,وبالشكل الذي يضمن الوصول لتحقيق العدالة الحقيقية , مع ادراكنا التام لعدم سهولة الامر ، ولكن أملنا وأمل اهالي الضحايا متعلق بموقفكم الانساني النبيل وبقوة العدالة الكوردستانية التي يجب ان ترجع الحقوق الى اصحابها ...
خاصة ان حجم ونوع تلك الجرائم لا تلغى بالتقادم وإن القانون العراقي قد كفل لكل العراقيين المطالبة بحقوقهم الشخصية وتسجيل دعاواهم على كل رموز النظام الدكتاتوري السابق وأزلامه ومرتزقته الذين ارتكبوا الجرائم بحق الشعب في جرائم الانفال ( الابادة الجماعية ) ...نعم فليس من حق احد ان يعفو عن المتهمين الذين اتهموا في ابشع جرائم ارتكبت بحق شعبنا الكوردي في عام الانفال وخاصة بعد ان أقرت المحكمة الجنائية العليا والبرلمان بأن جرائم الانفال التي ارتكبت بحق الشعب الكوردي تعتبر من جرائم الإبادة الجماعية .......
مع خالص تقديرنا واحترامنا ، وامنياتنا لكم بالنجاح في تحقيق العدالة والحرية والمساواة .
الى سيادة رئيس وزراء اقليم كوردستان ...السيد نيجيرفان البارزاني المحترم
