غدا يوم جديد (دموع امرأة عراقية)
بقلم : طارق حرب
العودة الى صفحة المقالات

راحت تنشج وتنشج وتهطل دموعها مدرارا !
انهارت مشاعرها في لحظة صدق مع نفسها ومحدثها، تخلت عن هدوئها وخرجت عن وقارها، الذي ميزها منذ أول حوار افتراضي بينهما، ومن عمر الزمن فاجأتها لحظة هاربة، كانت تعالج فيها وحدتها واضطراب عواطفها، يأسها وخذلانها، خيبتها في الزواج وسنوات عزلتها، وكم ندبت حظها العاثر الذي رماها بين يدي رجل لايستحقها!؟، تركها نهبا للضياع وكلام الناس : ملامة أو شفقة وسلمي أمرك بيد الله!

طغيان حروب حصار احتلال ثم عهد ديمقراطي فاسد بكل ماللكلمة من معنى، كلها أكلت من جرف المرأة العراقية، وقبلها كان النظر إليها بدونية وربما أحيانا ضربها بوحشية، المعاملة القاسية من الاب والاخ والزوج في ظل انعدام التشريعات القانونية اللازمة، التي تحميها قبل الزواج وبعده، كانت تصغي فيما هو يستعرض ذلك كله وأكثر خلل دموعها !

كم حاول - في كل مرة يلتقيان فيها - أن يعيد سبك ماتحطم في داخلها، مماحطمته الاقدار - منذ مئات السنين - في دواخل الكثير من العراقيات، أن يعيد إليها الثقة بنفسها، وتوازن كيانها الانساني، وضبط ايقاع حنانها ورقتها وأنوثتها، على نغمات أن الزمن كفيل بتطييب أعمق الجروح والفات مات!

كم كان يحبها ..!؟
سعى دوما إلى شراء سعادتها بفكرة ضحكة قفشة قصيدة خاطرة دارمي بيت شعر قديم تعليق نقد ساخر وغيرها كثير، ليعيش معها نعيم الحب المفقود، لكن ثمن سعادتها كان باهظا بعد مرِّ التجربة وقساوة قلب الرجل ولامبالاته، كان يرفع من معنوياتها بتذكيرها أن المطلقة في المجتمع الذكوري، هي إنسانة أيضا، مرت بزواج تقليدي فاشل، لكن هذا ليس نهاية المطاف!، وكما أن على المرأة أن لاتنتكس نفسيتها بعد طلاقها، عليها أيضا أن لاتبتئس في حال فشل زواجها الاول، كان يسرد أمام دموعها المتساقطة بغزارة على خد المجروحة بكبريائها، تواريخ وتجارب نساء من شعوب مختلفة، نهضن من الرماد وحافة اليأس إلى النجاح والسعادة!

لكنها كسرت القاعدة هذه الليلة حينما أخذ نشيجها يتصاعد في وحدتها البعيدة بين أربعة جدران، فيما دموع حرى تغسل وجنتيها الناعمتين اللتين يحبهما كثيرا ويمني النفس بتقبيلهما يوما ما!، وترسم خرائط ألم وندم على الوجه الطفولي البرىء.

أخذتها رغبة عميقة في البكاء بين ذراعيه الممدودتين إليها في الآفاق وبين جوانحها !

قال لها وصعقة ألم مردت قلبه في المنفى البعيد مردا، مخففا من تباريح آلامها واستمرار بكائها، آه كم أحبك ياامرأة ؟، قالت : أنت احتويتني ومددتَ يدك إلى بئر الحرمان وأنقذتني فشكرا لك، قال أحبك كثيرا وأبذل المزيد من أجل سعادتك، وفيما كانت عيونه تتوسل القرب منها، كانت عيونها - مثل لبوة مجروحة - تلمع في ظلام العراق البهيم!

لكنه لم يرتبك في حياته - كما يتذكر - مثلما ارتبك هذه الليلة أمام سيل دموعها المنحدر، شاعرا برغبة عميقة في احتضانها وكفكفة الدموع بمنديل أبيض، فيما هي ترفع خصلة من شعرها الاسود الفاحم عن شباب دائم، ونضارة فتاة كانت مدللة قبل الزواج !

تمنى عليها أن تترك الحديث عن الماضي نهائيا، وتشعر بطعم الانتصار عليه بعد أن تطلّقه بقوة حاضرها، وحضورها الشخصي وجمالها وسحرها، وترى إلى المستقبل بعين الانفتاح والامل، هي عاهدته على ذلك وأخذ يكفكف دموعها بالكلام الجميل والحب ويقرأ لها أشعارا، قبل أن تنبلج خيوط الفجر الاولى، وتصدح بلابل العراق معلنة يوما جديدا.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 17-04-2012     عدد القراء :  1632       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced