البارحة تنفس حزني كل أبعاده، ومضى بدروب الوطن الخاوية، يبحث عن ابتسامة عينيك، حيث لا ملاذ له غيرها، ولا لون له إلا لونها، مثلما لا أسم له دون حروفها، لهذا عاد إلى صبره الذي أعتاد منذ أن تعلم كيف يكون ماء، لا يتوقف جريانه ولا يعاق مهما كثرت انحناءات الأرض، ومهما وضعت السدود والعوائق، ومهما توهم البعض من أنه أستطاع أن يهدم كل منابعه، لأنه حزن يختلف عن كل أحزان الأرض والسماء، هو حزن وردي، يسير بين بيوت الفقراء، منذ أن عرف الأنسان طعم الانتصار للحق، ومنذ أن استشهد على مذبح الحرية الملايين من أجله، هو طعم هذه الأرض، وهو انبعاث تفاؤلها.
البارحة تنفس حزني كل أبعاده، ومضى بدروب الوطن الخاوية، يبحث عن ابتسامة عينيك، حيث تدركين أنت عمق تجلياته، مثلما تدركين جيدا، من ان الذين حاولوا مرارا خنق هذا الطيف الجميل من الحزن، أنتهى بهم الأمر إلى مصحات انهيار القوى الفكرية، وتراخت حبال تواصلهم مع الناس، ولكن يبدو التوهم ( أرى توهمهم) أوحى لهم بانهيار أفكار هذا الحزن، أعرف أنك لا ترغبين أن اسميه حزنا، ولكنني يا حبيبة الروح، ارى الحزن أقرب إلى الروح من الفرح، فما بالك وحزني وردي، تطعم منذ نشؤه بهذه الكلمات،
غفل دهري يهل الوادم ولاني
عمن ما بدلت جلدي ولوني
لا هو الوكت عف عني ولاني
رضيت أهدان يتفرعن عليه.
البارحة تنفس حزني كل أبعاده، ومضى بدروب الوطن الخاوية، يبحث عن ابتسامة عينيك، حيث أنت الشاهدة الأولى ، على انبهار العالم بكل منابع هذا الحزن، وحيث التاريخ شاهد على ذلك، مثلما يتمسك المظلمون به، والذين هم السواد الأغلب في عالم التمييز، وعالم القتل المجاني لكل ما هو جميل، عالم تهاوي الحضارات وانهيارها، إلا أعمدة هذا الحزن، فهي تزداد متانة كل يوم، لأن الأرض تدور، والشمس تشرق كل يوم، والصباحات الجميلة ستأتي، كل هذا الحب يتألق بين أناملك، فكيف تصوروا انتصارهم بهدم منابع الحزن؟؟، وكيف توهموا موت المطالبين بالحق، ألم يسمعوا مظفر النواب ماذا قال:
هذوله أحنه سرجن الدم عله صهيل الشكَر يسعود
وخلينه زهر النجوم من جدح الحوافر سود
تتجادح عيون الخيل وعيون الزلم بارود
ويأخذنه الرسن للشمس من زود الفرح ونزود
البارحة تنفس حزني كل ابعاده، ومضى مزهوا بجمال ابتسامة عينيك، رغم دروب الوطن الخاوية، ورغم توهم البعض بهدم منابعه.
كتب بتأريخ : الثلاثاء 17-04-2012
عدد القراء : 1831
عدد التعليقات : 0