مناصب ولو بـ "التكليف الشرعي"
بقلم : علي حسين
العودة الى صفحة المقالات


غابة كثيفة من الخطب والشعارات والخرافات التي تملأ فضاء السياسة العراقية  لكنها لا تعكس اهتماما حقيقيا بمستقبل الناس، فهي مجرد بالونات ملونة  يطيّرها هذا الطرف أو ذاك للفرجة والمتعة، غابة من الخرافات يريدون من  خلالها السيطرة على قطاعات واسعة من الشعب لتزييف إرادتهم عبر مشعوذين  سياسيين ومندوبين للاستبداد، لا يهمهم رضا الناس ولا العمل على تقديم خدمة  لهذا الوطن بقدر الاهتمام بالحصول على قدر اكبر من المكاسب والمنافع.



ظهر لدينا اليوم مسؤولون لا يبالون بوضع خطط للنهوض بهذا الوطن بقدر اهتمامهم بتنفيذ أجندات سياسية، فوجدنا الوزير الذي يطالب بتطبيق الحملة الإيمانية في دوائر وزارته دون أن يهتم بدراسة واقع الوزارة، فيما وزير آخر يصدر بيانا يوضح فيه أن وزارته تسعى لتعليم العراقيين شؤون دينهم على الرغم من أن وزارته ليست وزارة أوقاف وإنما وزارة تهتم بشريحة كبيرة من الشباب والكفاءات العلمية والأكاديمية، ومسؤول آخر قرر أن يصبح واعظا فيما الناس تعاني من فقدان الخدمات ومن البطالة، ومسؤول يعتقد أن قبوله بالمنصب ما هو إلا تكليف شرعي وعلى الآخرين الانصياع والطاعة، بالأمس أصبت بحالة من الكآبة وأنا استمع إلى احد المسؤولين وهو يحاجج منتقديه في حوار إذاعي من إن المنصب ما هو إلا تكليف شرعي حتى وصل الأمر به أن يقول "إن قبولي بتولي المنصب هو تكليف ومسؤولية شرعية" عندها أغلقت المذياع وأنا اصرخ بصوت عال: يا مثبت العقل والدين يا الله ارحمنا انك ارحم الراحمين.
ما يصرح به بعض المسؤولين يحتاج إلى إنسان يملك عقل كمبيوتر، وقلب رجل شديد الإيمان والصبر، كي يتحمل ما يقوله كهنة السياسية العراقية.
نستطيع أن نقنع الناس أن الحكومة يمكن لها أن توفر بعض الأمن والحماية ويمكن لبعض المسؤولين أن يتعطفوا وينظروا لمشاكل الشعب، ولكن كيف تريدون منا أن نقنع الناس بان التعيين للمنصب هو تكليف شرعي واجب التنفيذ.
سنحاول أن نكون طيبين وساذجين ونصدق أن بعض المناصب إنما هي هبة ينعم بها المسؤولون على العراقيين، وعليهم الحمد والشكر على هذه النعمة، وسنكون أكثر سذاجة ونصدق أن السعي للمنصب عند بعض السادة المسؤولين هو خدمة وطنية أكثر مما هو منفعة شخصية وبدليل أن المتقدمين للمناصب طالبوا بأن لا تخصص لهم رواتب عالية وان تحذف فقرة المنافع الاجتماعية وان يقلص عدد الحمايات وان لا يطالبوا ببدل إيجار ولا مخصصات إضافية، وإنما سيعملون ليلا ونهارا لخدمة الناس وإرضاء رب العالمين، وسنكون أكثر سذاجة ونؤمن بأن بعض المسؤولين السابقين ممن يطمحون لمناصب اليوم لم يهدروا المال العام بمشاريع وهمية ولم يفتحوا باب وزاراتهم للأقارب والأحباب ولم يغتنوا، وان عصرهم كان يمثل مرحلة ازدهار للدولة العراقية وعليه فان اختيارهم من جديد إنما هو تقدير ومكافأة لما قدموه لهذا البلد من خدمات جليلة.
هكذا يراد من الناس أن تتعامل مع المسؤول على انه صاحب المعجزات الذي يقول للشيء "كن" فيكون.. ساحر سيحقق العدل والرفاهية بلمسة من يديه الكريمتين
يوهمون الناس بأنهم مبعوثو العناية الإلهية.. وان الله والدين معهم.. وإنهم حماة الشريعة.. وان الناس ستسأل عنهم يوم القيامة.. دون أن يخبرونا لماذا اختارهم الله لهذه المهمة لوحدهم دون غيرهم من العراقيين؟.
‎ إنه الدجل السياسي بصوره الحقيقية، وهو بالمقابل إعلان حقيقي عن عجز هؤلاء وفشلهم في تقديم أي شيء للناس، وهو إصرار على إشاعة الشعوذة السياسية باعتبارها برنامجا لتطوير البلد؟.
يمكني أن أفسر ما قاله المسؤول الهمام على اعتباره نوعا من الميل الغريزي إلى الكوميديا، والضحك في أصعب المواقف وبغير ذلك أظن أنه من المرهق جدا محاولة فهم الخطوة التاريخية المباركة التي قرر مسؤولنا "حفظه الله" اتخاذها، وعلينا الآن أن نصدق مقولات من عينة "خدمة الوطن والمواطن" و"والسهر على مصالح الشعب"،
اعتقد اليوم أننا بحاجة اليوم إلى مسؤولين مختارين بإرادة الناس، موظفين نستطيع ان نحاسبهم في اي وقت.. ولسنا بحاجة إلى أشخاص يعتقدون أنهم مبعوثو العناية الإلهية لإصلاح حال العراقيين.. لأن الناس ضجرت من هذه الكوميديا السوداء.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 23-05-2012     عدد القراء :  1607       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced