قرأت بيان رابطة المرأة العراقية الذي صدر مؤخراً بمناسبة يوم الطفل العالمي الذي يصادف في الأول من حزيران من كل عام، وقد شدّني البيان في أولى مطالباته "بتوفير العناية الصحية للأطفال والإكثار من مستشفيات الطفل ومؤسسات الصحة المدرسية وإعادة العمل بنظام التغذية المدرسية والأدوية المجانية للأطفال وتلقيحهم ضد الأمراض السارية".
أنه تشخيص دقيق ومطالبة نضالية عادلة، خصوصاً وأن عدد الأطفال دون الخامسة يبلغ حوالي ستة ملايين طفل وأن منظمات المجتمع المدني تنشر ارقاماً مرعبة حول الأوضاع الرديئة التي يعيشها الأطفال كما تؤشر المعطيات ان، الغالبية من أطفال الشعب يعانون من أمراض سوء التغذية وفقر الدم والأمراض المعدية والمتوطنة.
ثم يطالب البيان بالأكثار من مستشفيات الأطفال، نعم وهنا المعضلة الكبرى، فالبلد يعاني من شح حقيقي بمستشفيات الأطفال ومن الكادر المطلوب، والموجود منها يعاني الأمَرَين بسبب قلة الأسرّة والمعدات ومن الأعداد المتزايدة من الأطفال، ففي كل شتاء تكتظ مستشفيات الأطفال بحالات سببها أمراض المسالك التنفسية، وكذلك الحال في الصيف حينما تنتشر أمراض الجهاز الهضمي، لأن مستشفيات الأطفال لا تستوعبهم بسبب محدوديتها. أن الوفيات بين الأطفال ليست قليلة جراء النقص الشديد في عدد المستشفيات والكادر الخاص بها، فحسب التقرير السنوي لعام 2010 الصادر عن وزارة الصحة في عام 2011، توجد في العراق 14 مستشفى أطفال و15 مستشفى ولادة وأطفال و11 مستشفى نسائية وتوليد بمجموع أسرة أطفال يبلغ 5791 سريراً و1422 حاضنة، علماً أن محافظات ميسان وديالى والأنبار وواسط والمثنى وصلاح الدين والنجف لا يوجد فيها مستشفى تخصصي للأطفال، كما لا توجد مستشفيات متخصصة للولادة والأطفال في كل من ميسان وكربلاء وكركوك وصلاح الدين وأربيل ودهوك. أما مستشفيات النسائية والتوليد فتخلو منها 11 محافظة من أصل 18 محافظة. وتذكر الإحصائية نفسها أن عدد أطباء الأطفال الإختصاصيين يبلغ 1026 طبيباً وعدد أطباء الأسرة الإختصاص يبلغ 140 طبيباً. أما عدد جراحي الأطفال الإختصاص فقد بلغ عددهم 49 جراحاً فقط.
ويتطرق البيان الى نظام الصحة المدرسية، أنه موجود ومعمول به كإحدى وحدات مراكز الرعاية الصحية الأولية، وهو نظام رائع جداً فيما لو طبّق وفق المعايير التي أسس من أجلها، اذ لا تعمل وحدات الصحة المدرسية بمنهجية علمية وإنما كأداء وظيفي ليس إلاّ.
أما التغذية المدرسية فقد تحولت الى تغذية نفعية بفتح حوانيت مدرسية خالية من الشروط الصحية، وتمتلك النزعة الربحية على حساب الطلبة المساكين.
ان الأدوية المجانية يكفلها نظام الرعاية الصحية الأولية، فالكشف والعلاج متوفران بمبلغ لا يتجاوز الـ(500) دينار للمريض الواحد، ولكن السؤال المشروع: هل يحصل الطفل على الرعاية الكاملة بالفحص والعلاج؟ هل العلاجات متوفرة بكمية تفي حق كل المرضى وتمنع الإتجار بها.
وأخيراً لم يفت بيان الرابطة الإشارة الى ضرورة تلقيح الأطفال من الأمراض السارية، وهي معضلة أخرى تخضع لعدد من الغايات نجهل كنهها! حيث غالباً ما يتأخر وصول وجبات اللقاحات، خصوصاً لقاح البي سي جي، ناهيك عن عدم توفير عدد آخر من اللقاحات.
الواقع الصحي المتردي الذي تعاني منه مؤسساتنا الصحية والارقام التي وردت في اعلاه، يؤكدها ما جاء في صفحات جريدتنا لهذا اليوم، من تحقيقات ومقالات في الصفحتين الخامسة والثامنة.
كتب بتأريخ : السبت 02-06-2012
عدد القراء : 1535
عدد التعليقات : 0