أتابع باهتمام وحرص ما يكتب عن الشبكة والبرامج والمدراء وعني شخصيا، بقدر تعلق الامر بعملي في الشبكة، في الصحف والمواقع الالكترونية بما فيها طبعا مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك. وسبب الاهتمام ايماني بان رؤية الاخرين ضرورية لتطوير العمل وسد الثغرات واصلاح الاوضاع ومحاربة الفساد. واحيانا اشارك بالتعليق هنا وهناك لتوضيح نقطة او الاجابة عن سؤال، رغبة مني في تعميق النقاش وتصحيحه اذا لزم الامر ذلك.
واكثر ما يفيد من هذه الكتابات ما كان نقدا، وليس ما كان مدحا. صحيح ان النفس البشرية تحب المدح، او على الاقل تحب ان يرى الاخرون عملها، كما اشار الى ذلك القران الكريم بقوله:"قل اعملوا فسيرى اللهُ عملَكم ورسولُه والمؤمنون"، لكن النقد اكثر نفعا، لأنه يلفت نظر الانسان الى ما يحتاج الى اصلاح، بالمعنى الشامل للكلمة اي تغيير السلبيات وما فسد من امورنا، او تعزيز الايجابيات وما حسن من هذه الامور. المدح يخبرك بما تعلم، في حين ان النقد يسلط الضوء على ما لا تعلم. والاخيرة اجدى وانفع.
والنقد يكون نافعا حين يكون موضوعيا. والنقد الموضوعي هو ما كان مستندا الى معلومة صحيحة، وقدّم بدائل وخيارات اخرى، وابتعد عن النوازع الشخصية.
المعلومة الموثقة هي العنصر الاول في النقد الموضوعي. وبدونها يصبح الكلام اقرب الى الوشاية، او حتى الغيبة، التي تفقد القيمة الموضوعية والقدرة الذاتية على الاصلاح. وتعمد تكرار "المعلومة" غير الصحيحة يجعلها مجرد "اشاعة" يراد نشرها لتحقيق اهداف لا نعلمها. وفي عصرنا لم يعد من الصعب الحصول على المعلومات، والتأكد من صحتها ووثاقتها من مصادرها الاكيدة. فلم يعد بالامكان اخفاء شيء، فكل شيء مباح، وكل شيء متوافر و متيسر. ويستطيع من يرغب بالكلام ان يتأكد مما لديه من معلومات اولية، والذهاب الى العارفين بها، والحصول على التفاصيل وتأكيد او نفي المعلومة الاولية.
تقديم البدائل او الافكار الايجابية من اجل الاصلاح يمثل عنصرا ثانيا مهما من عناصر النقد الموضوعي. فالعبرة من النقد الموضوعي استبدال حالة بحالة، او فكرة بفكرة، او حتى شخص بشخص، تحقيقا لمصلحة عامة وخير شامل. قد لا يستطيع كل من يشخّص نقطة ضعف او فساد او خطأ ان يقترح بدائل او حلولا. ولا مشكلة في ذلك. لكن الاحجام المتعمد عن ذلك، مع توفر القدرة، يقلل من فرص الاستفادة من النقد.
واخيرا لا بد ان يبتعد النقد عن الاسباب والدوافع والاهداف الشخصية. فليس النقد وسيلة للثأر الشخصي من الاخرين، او حتى تعمد التشهير بهم او الاساءة اليهم بدون وجه حق. انما هو ممارسة تستهدف الخير العام والصالح العام وليس لتحقيق مصلحة فردية شخصية بحتة، باي شكل من الاشكال.
كان الامام الصادق يحب من "يهدي اليه عيوبــه"، كما قال في حديث له. ولا اقل ان يقتدي من يتصدى لقيادة امر ما بهذه الخصلة القيادية الايجابية العظيمة، بان يحب اولئك الذين يوجهون له النقد الموضوعي البناء، ويتواصل معهم من اجل تحقيق الخير العام.
كتب بتأريخ : السبت 30-06-2012
عدد القراء : 1652
عدد التعليقات : 0