المرأة العراقية تصارع التحرش الجنسي بالكتمان والصبر درءاً للفضيحة
بقلم : وسام باسم
العودة الى صفحة المقالات

تستفحل ظاهرة التحرش الجنسي بالنساء في الأماكن العامة ودوائر العمل في العراق بشكل واسع يبعث على التساؤل عن قدرة المجتمع العراقي على وقف استفحال الظاهرة ، التي ينسبها البعض إلى الانفتاح المفاجئ اجتماعيا واقتصاديا وإعلاميا على العالم منذ عام 2003 .

 

لكن الباحث الاجتماعي ياس الحلي يعتقد بتأصل هذه الظاهرة في المجتمع العراقي شأنه في ذلك شأن المجتمعات الأخرى لكن الفرق أن الإعلام بدأ يتداول الحوادث وينشرها على الملأ ، إضافة إلى أن المرأة العراقية لم تعد تسكت كما في السابق على ما تتعرض له من انتهاكات وضغوط ( جنسية ) وصارت تفضح هذه الممارسات ، كما أن ازدهار دور المؤسسات الحقوقية والوعي والإعلام يبرز الظاهرة ويفضحها.
الانتهاكات الجنسية
وتشمل ممارسات التحرش الجنسي ، والانتهاكات الجنسية الفتيات العاملات ، سواء عازبات أو متزوجات في الأماكن العامة ، مثل مناطق التسوق ، وفي أماكن العمل على حد سواء . ويمكن أن يكون المتحرش رجلاً مارّاً  ، أو زميل عمل ، أو رب عمل كذلك.
وتعترف سهام الجلبي (مدرّسة) أنها تتفادى التبليغ عن ( المعاكسات ) التي تتعرض لها في بعض الأحيان من زملاء العمل ، شأنها في ذلك شأن الكثير من زميلاتها حفظا ( للسمعة ) ، ولتجنب ( الحساسيات ) في جو العمل .
كما تعترف الجلبي أن الطامة الكبرى حين يكون مصدر التحرش الجنسي أحد الطلاب .
وتتابع: الكثير من المدرسات والمعلمات يعانين  هذه الظاهرة التي تستدعي الوقوف عندها ،مؤكدة أن المرأة تقف في الكثير من الأحيان عاجزة عن الرد لأسباب اجتماعية وأخلاقية على رغم معرفتها أن ( التحرش) سلوك غير شرعي من الذكور ضد الإناث.
المرأة ضعيفة
لكن هناك من يرفض آراء الجلبي ، فالباحثة الاجتماعية سهيلة حسن ترى أن السكوت يساعد على استفحال الظاهرة ويظن المتحرش أن المرأة ضعيفة أو أنها تستجيب بقدر ما لمعاكساته ، ولهذا يحاول تطوير إيحاءاته إلى ما هو أبعد من التحرش اللفظي أو الجسدي ، فهو لا يجد من يردعه عن ذلك .
ولا تتوفر إحصائية لدى سهيلة عن حجم حالات التحرش الجنسي في العراق لكنها تخمن، بحكم معايشتها مشاكل النساء ، إن نحو ثلاث نساء من بين عشر من العاملات في القطاعين الخاص والعام يتعرضن إلى الاستفزاز الجنسي ، حيث تشكل العاملات نسبة 14% فقط من المجموع الكلي للأيدي العاملة .
وتستطرد: أكثر حالات العنف الجنسي الذي تعانيه المرأة هو التحرش اللفظي ، إذ يُسمعها الرجل كلمات ذات إيحاء جنسي .
وتؤكد نجلاء محمد ( صاحبة صالون تجميل ) أنها تعايش الكثير من حالات التحرش الجنسي ، عبر القصص التي ترويها زبائنها من النساء ، إذ لا يمر يوم إلا وتسمع أكثر من خمس قصص من نحو عشرين فتاة يزرن صالونها .
تحرّش لفظي
وتروي نجلاء أنها تتعرض لتحرش لفظي في أكثر من مرة من قبل رجال ، يعملون أو يمرون عند صالونها في منطقة الكرادة  في بغداد مما اضطرها إلى أن تستعين بأخيها في بعض الأحيان لكي يكون إلى جانبها وهي تعمل أو تنتقل من مكان إلى آخر في المنطقة.
وفي حديقة الزوراء في بغداد ، طلب منها شاب رقم هاتفها ، إذ يعرفها أنها خبيرة تجميل لكي يجلب زوجته إلى الصالون ، لكنها تفاجأت بعد يوم حين اتصل بها تلفونيا في أنه يرغب بإقامة علاقة عاطفية معها وحين رفضت أسمعها ألفاظا جنسية تخدش الحياء.
ويشير الشاب رعد كامل إلى حقيقة أن المرأة تساهم في مظهرها وملابسها غير المحتشمة إلى إثارة الرجل مما يضطره إلى معاكستها .
لكن الباحثة سهيلة تنكر ذلك بالقول إن السافرات والمحجبات يتعرضن للتحرش الجنسي على حد سواء.
وفي الكثير من الأماكن المزدحمة مثل مراكز التسوق والحدائق العامة المزدحمة يلفت نظرك تجمعات لشباب يتابعون النساء بعيون زائغة ، حيث يلجأ بعضهم إلى متابعة الفتيات ويسمعهنّ كلمات الإطراء والإعجاب والمواعدة .
ويتحدث كامل حسن ، سائق ، انه يصادف الكثير من حالات التحرش بين راكبي حافلته حيث اضطر ذات مرة إلى التوقف بسب بكاء فتاة من جراء شاب جلس إلى جانبها متحرشا بها عن طريق الملامسة.
كلمات إعجاب
وتكثر حالات التحرش الجنسي في الشوارع المزدحمة و حافلات النقل ، وأماكن العمل والجامعات على حد سواء .
وقد أشارت لطيفة محسن ( محاسبة )  إلى أن رجلا اقترب منها وهي في طريقها إلى البنك ليُسمعها أوصافا جنسية تتعلق بتفاصيل (جسدها) لكنه ولّى مسرعا إلى الناحية الأخرى.
ولا تجد لطيفة حرجا من أن يُسمعها البعض كلمات مثل أنت ( حلوة ) أو ( أنا معجب بك )، فذلك تعبير عن عاطفة تجاه المرأة لكنها يجب أن تكون في الوقت والمكان المناسبين.
وتؤكد :لا أعتبره أمرا مشينا وأتقبله إذا كان بطريقة مهذبة .
وتواصل: أتعرض كثيراً للتحرش الجنسي حتى من قبل متزوجين في العمل وخارجه.
وأغلب حالات التحرش التي تؤثر في نفسية المرأة وتشعرها بالإحباط – بحسب لطيفة – إسماعها عبارات مشينة خادشة للحياء وتلميحات جسدية.
من جانبها تقول رقية هادي إن أحد الشباب تحرش بها عبر الإلحاح في طلب موعد ، لكنه رفضت ذلك بشدة داعية إياه إلى الابتعاد وإلا اتصلت بالشرطة .
وتدعو رقية النساء إلى أن تكون لديهن القدرة على حماية أنفسهن ، وتضيف : نحن جزء من المجتمع وعلينا أن نساهم في صياغة القيم والتقاليد التي توجهه .
التدخين والتبرج
الباحث الاجتماعي قاسم محمد يرى أن الشاب العراقي في الغالب يتحرش بالمرأة المتبرجة ، وغالبا ما يكون ذلك خلال تجوالها في المراكز التجارية ، كما أن المرأة المدخنة مازالت بالنسبة للرجل العراقي لافتة للانتباه ، و مشروعا سهلا للتحرش الجنسي وإشباع الحاجة الجنسية من المرأة .
ويعتقد قاسم أنه كلما أبدت المرأة حزما وصرامة أمام (المتحرش)، واحتشمت في ملابسها فإنها تساهم في كبح الغرائز الجنسية للرجل التي هي السبب الرئيسي للتحرش بحسب الدراسات.
وبحسب الكاتب العراقي شمخي جبر فإن السؤال الذي يطرح نفسه (هل المتبرجات وحدهن من يتعرضنّ للتحرّش الجنسي ؟ وماذا بشأن المتحجّبات؟ (
ويضيف الكاتب :ربما بسبب الانفتاح المفاجئ على العالم الخارجي وتقنياته الإلكترونية والفضائية، دون تهيئة الظروف والمجتمع لتنميةِ ورعايةِ هذا الجديد بطرق سليمة ووقاية فاعلة إيجابية في المجتمع".
وتعتمد نوعية التحرش وجرأته على خصوصية المرأة أيضا ، فإذا أظهرت المرأة مرونة في صد التحرش ، طوّر ( المتحرّش ) من أسلوبه، فمن العبارات النابية أو الملاحقة أو النظرات إلى لمس جسد المرأة .
وتلفت الباحثة سهيلة إلى أن الرجل مطالب بكبح جماح نفسه وأن يرمي بالأسباب على المرأة في ازدياد نسبة الرجال المتحرشين .

  كتب بتأريخ :  الخميس 05-07-2012     عدد القراء :  1984       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced