انا والقضاء.. وهواك
بقلم : علي حسين
العودة الى صفحة المقالات

إذن، وبوضوحٍ شديدٍ، ومن غير لفٍّ أو دوران، لا تنتظروا إصلاحات ديمقراطية  ولا حلاً للازمة السياسية، طالما يصر الإعلام على إزعاج السادة المسؤولين  وملاحقتهم بالأسئلة والتدخل في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بعمل مؤسسات الدولة  وإحراجها وسؤالها في أمور لا تعنيه.
هذا هو المعنى المباشر والصريح الذي فهمته من مجلس القضاء الأعلى الذي  اعتبر مقالي المنشور يوم الخميس الماضي والمعنون "سؤال ونصف إلى رئيس مجلس  القضاء الأعلى" يفتقر إلى المعلومات، فأنا وبحسب بيان مجلس القضاء الأعلى  لا ناقة لي ولا جمل في لغة القوانين والدساتير،



حتى وإن أقسمت بكل أديان السماء بأنني املك معلومات بسيطة واعرف أن للبرلمان وفق الدستور، لا وفق مزاج مجلس القضاء الأعلى، الحق في مراقبة أعمال الحكومة، بالاعتماد على أساليب عدة من أبرزها السؤال، وثانيها طرح موضوع للمناقشة، وثالثها الاستجواب، وهو ما أشار إليه الدستور الذي يرفعه في وجوهنا عند الضرورة السادة أعضاء مجلس القضاء، واعتقد أن الغاية من تمتّع البرلمان بهذه الوسائل هو لضمان رقابة فعلية على عمل الحكومة، ولهذا وحسب معلوماتي البسيطة فإن قواعد الاستجواب قواعد عرفية وليست جنائية، فلماذا يصرّ المجلس على إشراك المحكمة الاتحادية بها، لأن الاستجواب يتعلق بمسائل لا تصل إلى مستوى الجرائم، ليصبح الأمر في النهاية مسؤولية سياسية وليست جنائية تتطلب موافقة المحكمة عليها، هذا ما افهمه من الدستور، إلا أن القضاء الأعلى يرى الأمر من وجهة نظر أخرى حين يؤكد في ردّه "أن قرار المحكمة الاتحادية لم يسلب مجلس النواب حقه في استجواب الوزراء أو المسؤولين وإنما أوجب شروطا له منصوص عليها في المادة 61 من الدستور والمادة 58 من النظام الداخلي لمجلس النواب حتى يكون طلب الاستجواب صحيحا وتترتب عليه النتائج المتوخاة منه حيث أوضح القرار النواقص التي شابت الطلب والواجب توفرها بأي طلب استجواب.
وحتى لا أضع القراء في حيرة سأورد نص الفقرة سابعا من المادة 61 من الدستور العراقي الدائم لعام 2005 والتي جاء فيها "لعضو مجلس النواب، وبموافقة خمسة وعشرين عضوا، توجيه استجواب إلى رئيس مجلس الوزراء او الوزراء، لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم، ولا تجري المناقشة في الاستجواب إلا بعد سبعة أيام في الأقل من تقديمه" ولم يأت في الدستور ذكر للمحكمة الاتحادية ولم ينصبها حكما بين البرلمان والوزراء المستجوبين.
  ولكن يبدو الأمر دون بذل أي جهد في التفكير أن قرار المحكمة الاتحادية يأتي في إطار حملة أو مشروع وطني ديمقراطي لتطهير البرلمان من أي نواب يعارضون سياسات الحكومة، حيث وجدنا من قبل رئيس الوزراء ومعه مقربيه لا يجدون غضاضة في وصف هذه النوعية من النواب بأنهم يمثلون أجندة خارجية، ومن ثم فهم فاقدون للشرعية، ويجب استئصالهم قبل أن ينتشر مرض الاستجواب إلى نواب آخرين.
غير أن أخطر ما في الموضوع هي الرسالة التي يريد البعض أن يوجهها للكل وفحواها أنه طالما بقيت العلاقات بين الحكومة والقضاء هذا النحو من التفاهم والتآلف والتحالف الاستراتيجي، فإن موضوع الإصلاح مؤجل أو مسكوت عنه، أو غير مطروح من الأساس..
وبعيدا عن الرد الحاسم الذي أفحمنا به مجلس القضاء، وبعيدا عن البيانات والتصريحات الملتبسة والمزدوجة التي تصدرها بعض الجهات الرسمية، فان الخطورة تكمن لو أن القانون لم يقف على الحياد في قضايا استجواب المسؤولين، عندها فان الناس لا يمكن لها بعد ذلك أن تثق بقضاء تحركه دوافع ونوازع سياسية، فضلا عن أن هؤلاء الناس أنفسهم يدركون جيدا خطورة أن يخضع القضاء لتأثيرات جهة سياسية معينة.. لأن الراسخ في أذهان العراقيين أن أولى بشائر الديمقراطية في العراق كانت في الإعلان عن تشكيل قضاء يقف إلى جانب الصدق والحق والعدل.
وبناء عليه ندعو الله صادقين أن يكون تفسير مجلس القضاء الأعلى للمادة 61 من الدستور صحيحا، وان يخرج السيد مدحت المحمود ظافرا منتصرا، وان تثبت الأدلة أن الحكومة محقة في معركة كسر العظم مع مجلس النواب.
كانت الناس تتوقع أن يساهم القضاء في مساعدتهم على دخول المستقبل، وبناء دولة حديثة تمنح حق التعدد السياسي والثقافي، دولة تقوم على أساس حق المواطنة لا حق الساسة، وعلى العدالة والمساواة لا على توزيع الغنائم بين الأصحاب والأحباب.
وقديما قال الفيلسوف جون لوك حينما تنتهي سلطة القانون تبدأ سلطة الاستبداد.

  كتب بتأريخ :  الأحد 15-07-2012     عدد القراء :  1550       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced