الغيرة على البلاد
بقلم : عبد المنعم الاعسم
العودة الى صفحة المقالات

لماذا يتردى التعامل مع الشأن العام؟ او، لماذا تتصدع الغيرة على الوطن؟ اعني، لماذا يقف المجتمع متفرجا على ما يحيطه من اخطار تداهم بلاده ومستقبله، ولا يبادر الى تصويب الامور؟.
اعرف من بين الاسباب سببا واحدا جديرا بالاهتمام، هو ان اصحاب الحل والربط سقطوا باعين الجمهور وساءت سمعتهم، وان هذا الشعور من المرارة يشكل خلفية لتصدع “همة” ما يسمى بالعمل العام، او الشأن العام.
ان العمل العام، مصطلح لواحدة من قيم الخدمة التي يقدمها الافراد الى مجتمعهم،، وهي فعالية يتجاوز فيها الانسان اهدافه الخاصة وانانياته لصالح الاهداف العامة للجماعة التي ينتمي اليها، وتعبر عن نفسها في اشكال عديدة، بل وتصبح في المجتمعات المتضامنة بمثابة ثقافة عامة وكجزء عضوي وفاعل من اسس السلام الاهلي.
وإذ تطورت مفاهيم العمل العام (او الشأن العام) وتوزعت على انشطة وهيئات طوعية واحسانية (منظمات المجتمع المدني) فان الثابت في تلك المفاهيم يتجه الى رجل الدولة او العامل في مقامات المجتمع المختلفة وفي الواجهات الخدمية ليضرب مثلا لافراد المجتمع، يشجعهم على الانخراط الطوعي في انشطة العمل العام، التي تصبح، في منعطفات معينة من تاريخ الشعوب(مثل الفيضانات. الحرائق. الزلازل. الكوارث. التهديدات الخارجية) بمثابة مبادرات انقاذ، او غرائز انسانية نبيلة لحماية البلاد.
ويحسن ان نتذكر ان الكثير من التعاليم الاسلامية والمسيحية، وجميع الاديان، تشجع على العمل العام وتلزم الانسان بالعمل من اجل غيره، فالعمل من اجل الغير “يقرب الانسان من الله” وذهب الفيلسوف الالماني هيغل الى تصوير العمل بالجهد الذي يحيل فيه الانسان الطبيعة الى اداة لخير المجموع ليصبح في نهاية الامر سيد الطبيعة، وفي الفكر الانساني عموما، تأكيد على ان تحرر الانسان من تهديدات الطبيعة تم، ويتم، عبر سلسلة مديدة من الاعمال الجمعية غير المأجورة، او العمل العام، في المفهوم الحديث.
وفي جميع الاحوال، يحدث ما يسميه الباحثون الثنائية بين العمل العام والعمل الخاص، ويبرز الافتراق بينهما، في حالتين، الاولى، الانانية التي تتهرب من تقديم اية خدمة او عمل تطوعي للمجتمع، والثانية، الافتداء بالنفس والمصالح الذاتية في سبيل المجتمع، ولسنا هنا بصدد الاستطراد في هذين الوجهين من العمل العام، بل الاشارة الى تردي حال “العمل العام” في البيئة السياسية العراقية “الانتقالية” الحالية، حيث تراجعت هذه الفعالية الى ادنى منسوب لها، وبالاخص في عيون العامة من الناس، زادها فيضان المعلومات، والشائعات، واعمال التشهير والفضائح ومطاعن الفساد، والاثراء غير المشروع، ومظاهر النعمة المفاجئة، والانانيات الفئوية والقبلية والعائلية.
ولعل اخطر نتائج انحدار سمعة العمل العام يمكن رصده في تراجع حركات الاحسان للاخرين والحملات المنظمة لانقاذ المحتاجين والاستعداد للتضحية بالانانيات من اجل الغير وقهر قوى العنف والجريمة، فيما يسري شعار “كلمن يكول يا روحي” كمنشور سري للعدو لسلب وتسميم روح المبادرة الجمعية وتحطيم مقاومة الشعب للاخطار، واخذه ـ في النهاية - أسيراً الى الغابة.


“الافكار العليا لا بد لها من لغة عليا”.
اريستوفان


Read more: http://sotaliraq.com/mobile-item.php?id=113538#ixzz20fHXUBZr

  كتب بتأريخ :  الأحد 15-07-2012     عدد القراء :  2108       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced