جنّته وناره
بقلم : معتز رشدي
العودة الى صفحة المقالات

أول ما يحاول القياميون صنعه، وبدأب توراتي رهيب، هو إفساد حياتنا. كان ذا  ديدنهم، من قديم الزمان، يوم كانت أدواتهم مجرد همسة ملفوحةٍ بجهنم لتخويف  الشياطين التي في الصدور، أو سيفٍ لطردها بالقوة إن استدعى الأمر! أما وقد  جثموا، اليومَ، كخفافيش، على كل ما يحيط بنا من فنون القول المرئي، منها  والمسموع، فقد اتخذ إفسادهم لأعمارنا مسارب ما خطرت لإبليس نفسه في أشد  خلواته جحوداً وهرطقة!



البشر في ظل القياميين إلى فسطاطي خير وشر مطلقين، وبما أن صفة الإطلاق، هنا، لا تصمد أمام قوانين التاريخ، وحقائقه، فلا بأس، والحالة هذه، من استنهاض شتى صنوف الأساطير، وأبطالها، من بطون كتب التراث؛ فالتاريخ، هنا، سيرورة ماورائية، وليس لنا، نحن البشر الفانين،المنقسمين إلى معسكرين متصارعين، سوى ممارسة عمليات الردح الدموي والمخزي أمام أنظار هذا الزعيم الزاعق المؤله، أوذاك.
ألا يمكن لنا النجاة مما يراد لنا، وبنا، إلا بمقتلة شنيعة؟
في كل مرة أنظر فيها إلى وجه جورج بوش، مثلاً لا حصراً، يتملكني يأس مرعب من العالم! أي عالم هذا الذي يحكمه هؤلاء؟ وماذا عن دهاقنتنا الأفذاذ؟ هل أطلتم، مثلي، النظر إلى وجوههم غير الكريمة، والخالية من ذكاء المعرفة، ورحمتها؟ ألم يجرف أرواحكم الغثيان من الكذب والوقاحة والشراسة والتقوى المزيفة في ملامح وجوههم المصنوعة صنعاً رديئاً، في أوسخ مطابخ الكون؟!
مغلولون ، منذ الولادة ، إلى فكرة ماضوية عن الحياة ، ومقيدون بسلاسل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، في بلاد أثبتت الإحصائيات ، العالمية ، بأرقام لا سبيل إلى دحضها ، أنها أفسد بلدان العالم، وأشدها قسوة على أبنائها، مقيدون إلى نوافذ قطار أعمى ذاهب إلى جنة الله، أو ناره.
نحن، والحالة هذه، رهائن غيب وحشي، يحكمنا باسمه ذباحون، عملت ديمقراطيات الغرب، ومشايخ الفساد الخليجي، على تسمينهم ، وتغليظ رقابهم ، لغايات باتت معروفة، ومكشوفة.
هكذا، تم استدراجنا إلى حروب عبثية، لا غالب فيها؛ إذ بدلاً من طرح أسئلة التنمية والديمقراطية والثقافة، ما عدنا نسمع سوى عويل قبيحين على حق ضاع، ولا يمكن استرداده إلا بسكينة مطبخ إسلامية الصنع!
يقف الجاهل القبيح في مواجهة قبيح آخر، وتقف خلفهما، مقهقهة منهما، مخابرات دول، وأصحاب مصانع عملاقة لصنع السلاح. تبدأ المواجهة، أول الأمر، بسكين صدئة، على أن تنتهي بمواجهات حقيقية في حروب شوارع، يكر فيها، أو يفر، هذا القبيح على ذاك، كممارسات عروبية حربية لطيفة يستعيدان بها بعضاً من وهج ماضيهما التليد.
فإذا كانا من طائفتين مختلفتين، فلا بد من تدخل المجتمع الدولي لمحاصصة البلد بينهما، وإذا كانا من عرقين مختلفين، فلا بد من  تقسيمه إلى دولتين! أما إذا كانا من عبدة ربين مختلفين، فبقائهما معاً أمر دونه خرط القتاد!
كنا حسبنا أن البشرية قد تمكنت مرة واحدة وإلى الأبد، من حسم مسألة الدين لصالح الحياة والدين معاً، ولكن مهازل الدم التي تحدث، اليوم، باسمه، تؤكد لنا، بما لا يقبل الشك، وقوف قوى كبرى مستفيدة من خلط أوراقهما على هذا النحو المفزع. بلدان تتجزأ، إمكانات بشرية ومادية تُهدر، لقاء إشباع غريزة الوحش الديني الرابض في أعماق جاهلين.
حين يحكمنا هؤلاء، كما هو الأمر حاصل، في بلاد الرافدين البائسين، فلا أقل من تردي المدينة إلى شبه ريف قاحل.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 14-08-2012     عدد القراء :  1798       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced