أيام الأنفال ...أيام الحشر الإلهي
بقلم : ئاشتي
العودة الى صفحة المقالات

(ستؤدي بك هذه السبل،
  دائما،
إلى هذه المدينة،
فلا تأملن في فرار،
إذ ليس لديك من سفينة،
ولا من طريق)
هل هي رؤيا كافافي تعيدك إلى منبع الروح الأول، أم هو شوقك لهذه البلاد التي رغم أسمها أرض السواد، إلا أنك تراها ضياء الكون، تطوف العالم والقلق يتشابك بين خلايا رئتيك خوفا عليها، وها أنت الآن تتذكر كل جحيم الحزن الذي أحاط بروحك وأنت تحاول أن تغادرها، ولكن كيف تغادرها؟؟ أنت الذي زرعت كل تفاصيل أفراحك بين ثناياها، ورسمت صورة وردية لمستقبلها، مثلما آمنت من أن مستقبلها لابد أن يكون مضيئا، مع هذا اقتنعت من أن رحيلك عنها مؤقت، وستعود إليها عما قريب، لهذا خلعت ملابس البيشمه ركَه، وارتديت البنطال والقميص وحذاء الكتان.
الليل رفيقك الذي لا تستغني عنه، فهو ساترك الأول، وهو حاميك الأول، وهو ساعدك الأول حين ترغب في تنفيذ أية عملية عسكرية، رحتلك مع الليل طيلة هذه السنوات، كانت رحلة ممتعة وقاسية، ممتعة عندما تسير دون أن يعترض طريقك  كمين عسكري، وقاسية عندما تتقاطع بك السبل وليس هناك من طريق تفضي بك إلى قرية أو مكان تعرفه، ورغم معرفتك بالمكان، إلا أنك أسلمت قياد روحك للدليل، والذي هو بالتأكيد صلة الأتفاق مع الجهة التي سوف نلتقي بها.
عبرنا جبل القوش، وسرنا بمحاذاة الطريق الواصل إلى دهوك، كان موعدنا مع السيارة التي تقلنا إلى مكان أخر، بين الساعة التاسعة والنصف والعاشرة مساء، وكانت اشارة الصلة في ذهاب السيارة وإيهابها هو الأضاءة بمصباح السيارة ثلاث مرات في الذهاب وفي الإياب، وهذا ما تم بالفعل بين الساعة العاشرة إلا ربعا والعاشرة مساء، فقد توقفت سيارة برازيلي، صعدنا جميعا بها، وسارت بنا حيث لا ندري.
تسير بكم السيارة أكثر من نصف ساعة، ومن معرفتك بالمدن الكردستانية، تعرف أن هذا مجمع سكني، من تلك المجمعات التي شيدتها الحكومة لتجميع القرويين، تقف السيارة أمام بيت بدون سياج، المصباح الكهربائي، يكشف لك وجه السائق ومرافقه، وتتيقن من أنك لم تراهما من قبل، يدخلونكم أنتم الثلاثة في غرفة، بعد أن يقدموا لكم الرقي والخبز، ويبدأ الحوار المر، تسمع أن احدهم يقول وبلغته الكوردية، من أنه ليس على استعداد أن يموت من أجل الشيوعيين، تحبس أنفاسك ورفيقك، وتفهم من أن الذي يقوم بإيصالك، ليس سوى استخبارات النظام الذي تقاتله،
هم يشترطون عن كل فرد الف دينار وبندقية، وصاحبكم يقول أن الاتفاق، بندقية وألف دينار عن الجميع، وكم هي صاخبة بالانزعاج تلك اللحظة التي تسمع بها جملة قالها أحدهم من أنه، لايموت من أجل الشيوعيين، بعد ذلك ينخفض الصوت، فتتوصل إلى قناعة من أن هناك أتفاق ما تم التوصل إليه ينهم.
منذ تسع سنوات وأنت لا تنام وحدك، تنام والبندقية رديفة روحك، بها وحدها تكون ملكا، فكيف والحال هذه عندما تكتشف من أنك في بيت للاستخبارات، هم يساومون من اجل حصولهم على الأكثر، وأنت تساوم من أجل أن تبقى حيا.

  كتب بتأريخ :  السبت 08-09-2012     عدد القراء :  1780       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced