جدلية العلاقة بين المواطنة كحقوق والوطنية كواجبات
بقلم : علي عرمش شوكت
العودة الى صفحة المقالات

لمن الاسبقية .. للمواطنة ام للوطنية..؟ سؤال بحاجة الى اجابة بمنطق علمي وحضاري، ولكي لا نخوض في جدل بزينطي يقتضي الامر الدخول في التعامل مع هذا الهم السياسي العراقي، فليس لزاماً علينا ان نثقل متوننا بمهمة البحث عن من يعطينا الاجابة حول الاولوية لمن. لكون الامور السياسية في بلد حضارة وعلم والثقافة مثل العراق، قد عوقت واخذت مساراً عشوائياً لا بوصلة له، و غدت مرهونة بارادات شخصية اقل ما يمكن وصفها بانها مجافية للمعرفة و لعلم السياسة الحديث.
وهنا يدفعنا شغف التطلع الى حقيقة العلاقة الجدلية القائمة بين الوطنية والمواطنة، وعند التماس مع هذه المسألة نجد انفسنا نحن المعنيين قبل غيرنا في تحديد الاجابة حول، لمن الاولوية ؟، ربما يحصل اختلاف بين المتجادلين انطلاقاً من اختلاف الرؤى ومستوى الادراك لجوهر هذا الترابط العضوي بين كلا الجهتين، اذا صح هذا التعبير. اي ان الوطنية التي هي واجب تفرضه استحقاقات الوطن ومصالحه العليا، فهي لا يمكن ان تتجسد لدى المواطنين دون ان تنطلق من البحث عن حقوق المواطنة. وعلى سبيل المثال وليس الحصر. فان الدفاع عن السيادة الوطنية يمثل بمعنى من معانيه الدفاع عن حرية المواطنين والحقوق الانسانية الاخرى، وهي حقوق مواطنة حصراً، التي تنتصب في مقدمة ضحايا اغتصاب السيادة الوطنية.
ومن خلال هذه الرؤية يتوجب تقييم ادوار كل من يمسك بصولجان الحكم وفقاً لنواميس الحق والباطل، المقرّة دستورياً وشرعياً. ويمكننا ان نتلامس مع ما نقصده عن قرب، اذا ما اشرنا الى تلك الجهة او ذلك المسؤول حينما يتجاوزعلى حقوق المواطنة باية صورة من الصور، لكي نضعه في مكانه المناسب من دائرة الوطنية. فهل يصح ان نصف من يسلب الحريات العامة، ويغتصب الحقوق، ويسرق حق الاختيار للمواطنين، بدافع التجاوب مع مرجعيته اياً كانت، او تجاوباً مع ايدلوجيته اياً كانت، بـ " الوطني"..؟!، ام يحق القول بانه بعيد كل البعد عن الوطنية. والحقيقة لابد ان تقال ان حقوق المواطنة تمثل الغرة البيضاء في جبين الوطنية، وحينما يحاول احد ما ازالتها عن هذا الجبين لابد له ان يلجأ الى تلطيخها بسخام الادعاءات الكاذبة،  فيتحول فعله الى جريمة نكراء يستحق العقاب القانوني عليها.
وهنا لا نريد ان نقدم مواعظ، بقدر ما نحاول المساهمة في ايضاح العلاقة الجدلية بين المواطنة والوطنية. ومن فهمنا المتواضع نقول: ان المواطنة حقوق موضوعية تولد مع الانسان، ولا يجوز لاية جهة مهما علت ان تسلبها، فضلاً عن كونها تمثل غربالاً للوطنية، رغم كون الاخيرة حقوق واجبة واذا ما جرى الادعاء بها من اية جهة دون ان يستوفي شروطها والتي نتنصب في مقدمها الاقرار والدفاع الفعلي من قبل تلك الجهة عن حقوق المواطنة، حينها تصبح مجرد ادعاء اجوف، هذا اذا ما وصف في اقل تقدير بكونه نفاقاً سافراً يعري اصحابه.
ومن الاهمية بمكان القول بان الوطنية هي الاخرى صفة مكتسبة لا احد يدعي بامكانه اطلاقها على نفسه او على غيره اعتباطاً، وفي ذات الوقت لايمكنه تجريد احد منها، انما يعود امر اكتسابها الى تقديم استحقاقاتها، والتي تتجلى بالسير في ثلاث قواعد متوازيات، و متداخلات، الاولى: هي الدفاع عن سيادة الوطن ووحدة ترابه، و مصالحه العاليا بالاستقرار والديمقراطية كأساس لبناء الدولة المدنية، والثانية: الاعتراف وصيانة الحقوق والحريات العامة والخاصة لبنات وابناء الشعب العراقي دون تمييز بالانتماء القومي او الديني او الطائفي، والثالثة: الحفاظ على وحدة شعبه الوطنية ذات الهوية العراقية الواحدة.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 21-09-2012     عدد القراء :  1688       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced