صوت الحقيقة الذي اسكت قسرا (2)
بقلم : يوسف علي خان
العودة الى صفحة المقالات

الفصل الثاني
لقد عبر احد المصريين عن وجهة نظره في الدوافع الحقيقية التي دفعت توفيق عكاشة صاحب قناة الفراعين من اتخاذ هذا الموقف المعادي للامريكان وعملائهم والدفاع عن مصر وقال هذا المصري ان عكاشة لم يفعل ذلك بدوافع وطنية معبرة عن مشاعر حقيقية صادقة كما كان يدعي بل كان موقفه ردة فعل لما اصابه من مواقف الامريكان معه وعدم تحقيق ما كان يطمح به وخذلانهم ونكوصهم عن وعودهم له برفعه الى الاعلى وتبؤه كما كان يأمل من مناصب رفيعة وكبيرة في الدولة اذ انظم في بداية الامر لهم والتحق بمعاهدهم السرية والعلنية وكما اعترف هو بذلك بالتحاقه باحد اوكارهم السرية في اثيوبيا التي ضمت العديد من الشبان والشابات الطموحين من مختلف اقطار العالم وتثقيفهم بثقافة امريكية خالصة وتدريبهم على بعض المهمات ... فقد مهدوا له الطريق على ما يبدو في اول الامر ودفعوه وهيأؤا له الضروف لكي يصبح عضوا في مجلس الشعب الذي كان يقوده الحزب الوطني الحاكم انذاك والتابع لحسني مبارك وزعامة فتحي سرور .. غير انهم لربما اتضح لهم بانه لا يصلح لما بدر منه من مواقف ومشاحنات كثيرة مع بعض اعضاء الحزب ولرغبته الملحة بالاستعجال بالوصول الى المراكز العليا بطفرة واحدة خلاف ما خططوه وما يخالف اسلوبهم مع عملائهم فلم تستسيغ الادارة الامريكية كل تلك التصرفات التي تخالف تعاليمهم الحرفية التي يريدون من عملائهم تطبيقها بدقة دون محاولة الخروج عليها والتصرف وفق ارادته وفرض رأيه وارادته خلافا لارادة اسياده الامريكان... فقد شابه فعله مواقف صدام حسين الانفرادية التي خرجت عن ارادة الامريكان التي خضع لها عدة سنين فاعتبروه متمردا فازاحوه بقوة السلاح بعد ان حاول التصدي لهم وعدم تنفيذ طلبهم بخروجه الامن الذي عرضوه عليه عن طريق الامارات..... فاندفاع عكاشة الذاتي للقفز اكثر مما خطط له الامريكان اعتبروه ايضا خروجا عن طاعتهم فنحوه من مجلس الشعب وجردوه من جميع مكاسبه والامتيازات التي منحوها له وهو لا زال شابا صغيرا واستقبلوه في دولتهم ومنحوه شهادة الدكتوراه معتقدين بانه سوف يكون الخادم المطيع دون قيد او شرط لهم غير ان طبيعته القروية العشائرية كان لها مفعولها القوي الذي سيطر عليه وجعلته لا يستطيع تحمل هذا الاذلال الواسع الذي ارادوه من خلاله ان يكون مجرد عجينة طيعة يشكلوها بالشكل الذي يرتأؤنه هم دون ان تكون لارادته تأثير على مواقفه او تصرفاته .. كل هذه الارادات المتعارضة ادت الى الانقلاب على الامريكان واتخاذه الموقف المعادي لهم والتشهير بهم وبعملائهم ما دفع المخابرات المصرية بعد ثورة 25 يناير من اجل فضح كل المنظمات والشخصيات التي شاركت في تلك الثورة اخذت تزوده بالمستندات الحقيقية المتوفرة لديها التي كانت قد جمعتها عن جميع الناشطين في مصر وغيرها من الشخصيات العامة المصرية و العربية الاخرى خلال العديد من العقود الماضية والتي تمتلك الكثير منها باعتبار ان المخابرات المصرية تعتبر بحق وحقيق من افضل اربعة اجهزة مخابرات في العالم .. فقد باشر عكاشة وبعد الثورة مباشرة التي لم يحضى فيها بموقع قدم مع محاولاته البائسة في المشاركة مع المرحوم طلعت السادات بتاسيس حزب مصر القومي غير ان السادات وافاه الاجل قبل اجراء انتخابات مجلس الشعب ورغم حلوله كرئيس لذلك الحزب غير ان ذلك لم يدم طويلا حيث انقلب عليه المتنفذين في الحزب المذكور واغفلوه وتخطوا سلطته ما اثار حفيظته ودفعه للاستقالة من الحزب وكان ذلك الحادث موقفا مضافا لزيادة تطرفه في مهاجمة خصومه وفضح ارتباطاتهم... اذ لم يكن بالطبع احد من الناشطين في الحقل السياسي او الاجتماعي يخل من ارتباط بجهة من الجهات فهذه حال كل من يريد ان يعمل في العمل العام ان كان في المواقع السياسية او في الاعلام او في أي نشاط من النشاطات فان كانت الجهة التي يرتبط بها جهة وطنية فهو امر طبيعي لا غبار عليه وليس فيه أي مأخذ فلا يمكن لاي فرد ان يتقدم في احد هذه المرافق دون عون من جهة ذات تأثير جماهيري وهو امر ضروري وجيد او حكومي وهو امر قد يكون مقبولا ان كان في الاتجاه الوطني... اما اذا كان الارتباط دوليا فهنا مكمن الخطر خاصة اذا كان الارتباط بجهة معادية او مشبوهة .... وهذا ما ينطبق على كل العاملين في الحقل السياسي في العالم ... وعليه فكان الامر بالنسبة لعكاشة ان لم يكن بيده سوى قناته الفراعين التي تمتلكها والدته الثرية فاستغلها بالتشهير وفضح العديد من الشخصيات السياسية وبالمستندات الثابتة القاطعة ولربما كان الامريكان انفسهم يرغبون في الابقاء على عكاشة والاستمرار بفضح تلك الشخصيات التي كانت تتعامل وتقبض الاموال بالخفاء فكشفها امام الناس حتى اذا ارادت امريكا ضرب احدها كان لها المبرر والعذر المسبق ولكي تجعلهم وبشكل دائم مجرد ادوات طيعة بيدها يأتمرون باوامرها ولا يخرجون عن طوعها وهو ما يستدل من طبيعة هجمات عكاشة فقد هاجم اليمينيين من المتشددين الاسلاميين والمسيحيين وبنفس الوقت هاجم اللبراليين والعلمانيين والملحدين فلم يترك فئة إلا وتناولها في الهجوم عليها وكشف اوراقها ..وهذا دليل قاطع بانه هو ما تريده الادارة الامريكية لتحقيق مصالحها مع جميع الفئات السياسية في البلدان العربية والاسلامية على حد سواء وتطويعها لتحقيق مصالحها ... وعلى اية حال ومهما يكن الدافع الخفي الذي دفع عكاشة لعرض كل تلك الوثائق الخطيرة التي ادانت الكثير من التنظيمات السياسية والنشطاء الذين يتحركون في منطقة الشرق الاوسط فانه أي عكاشة قد قدم اعظم الخدمات لشعوب المنطقة كي تتعرف على حقيقة من يحاول ان يعلن البطولة والوطنية والاخلاص ويريد ان يكون زعيم هذه الامة من جميع الاطراف والتوجهات لعلها أي الشعوب تصحو من غفلتها وهو امر اشك فيه تماما فهي قد تعودت ان تكون دائما وابدا المخدوعة والمضحوك عليها .. فحر شمس المنطقة يصيب اهاليها بالخمول ويدفعهم الى النعاس كي يستطيبوا النوم الابدي ولكي يستمروا في احلامهم اللذيذة خير لهم من ان يستيقظوا على واقعهم المؤلم ....

وها نحن نجد اليوم تتحقق كل كلمة وحرف تفوه بهما عكاشة حول المخططات الامريكية التي كانت قد بيتتها لمنطقة الشرق الاوسط للتدخل في شؤونها ومن ثم تقسيمها كي يسهل احتلالها بعد ان تخلق المبررات المنطقية المشروعة دوليا لهذا التدخل... اذ خلقت حادثة الفلم الذي يسء للرسول والمسلمين وهي تعلم ما لتأثير ذلك على المسلمين فاشعلت نار الفتنة التي ادت الى مقتل السفير الامريكي في ليبيا ذات الوضع الهش في الاساس ثم قيام التظاهرات العنفية في جميع البلدان العربية والاسلامية مما سيجعل امريكا تتدخل لا محالة بحجة حماية مصالحها والاقلية المسيحية او حتى لحماية مواطني الدول التي تروم احتلالها من اعتداء السلطات الاستبدادية عليهم كما فعلت في ليبيا وما تحاول ان تفعله في سوريا في الوقت الحاضر.. وهو ما نبه عنه يوميا عكاشة من خلال برنامجه مصر اليوم في قناة الفراعين ولم يصدقه الكثيرون ولكنه كان يعرف كل ما سيجري وما قد خططته الادارة الامريكية وهي في سبيل تطبيق المشروع الاستعماري المدمر الذي يرجع الفضل في كشفه الى عكاشة والذي احجمت وانكرته معظم القنوات الاعلامية الاخرى العميلة التي كانت تسخر من كل ما يقوله وقد ظهرت ملامحه بكل وضوح تتكشف في الوقت الحاضر... وعليه فاني اقول للاخ المصري الفاضل الذي حاول ان يشير الى الدوافع الخفية التي دفعت عكاشة لاتخاذه هذا الموقف العنيف من الادارة الامريكية والمتعاونين معها فمهما كانت خلفية تلك الدوافع فانه ما يعنينا منها ما عرضه من وثائق مهمة ومستندات كشفت المؤامرات الكبرى التي تحاك ضد البلدان العربية من قبل بعض التنظيمات او الشخصيات المتخفية تحت عباءات الدين او الوطنية او غيرها من الاتجاهات المغرية والجاذبة للشعوب الساذجة .. وقد اشار المواطن المصري الى ان عكاشة وبعد كل ذلك الهجوم الذي وجهه الى بعض التنظيمات السياسية والاجتماعية في مصر خاصة العلمانية واللبرالية فقد دعاها جميعها بعد فوز الاخوان المسلمين بالانتخابات ثم برئاسة الدولة الى التكاتف والتأزر والتعاون ومد يده لهم واستعداده للعمل معهم للوقوف ضد الاخوان الذين اتهمهم بسرقة الثورة والقفز عليها والاستيلاء على الحكم دون مشاركة من بدأوا بها واشعلوا فتيلها ونزلوا الى الشارع وقدموا الضحايا وهم اللبرالييون والعلمانييون والاشتراكييون في الوقت الذي وقف فيه الاخوان في بدايتها موقف المتفرج المنتظر حتى ان تأكدوا من حتمية نجاحها بعد عدة ايام بادروا بالمشاركة والمساهمة ودعوا جماعتهم ومنتسبيهم للنزول الى ساحة التحرير منظمين الى بقية المتظاهرين الاوائل في موقف انتهازي مكشوف .. فاود ان اقول للاعلامي المصري المحتج على مواقف عكاشة والتشكك فيه... على انها لم تكن نابعة من دوافع وطنية خالصة وانما بدوافع شخصية مصلحية ... وهي اولا انتقاما من الامريكان واركان الدولة السابقين التي كانت تسير في فلكهم أي فلك الامريكان.... وثانيا محاولا ان يبني له مجدا من خلال الثورة بترسيخ موقفا شعبيا داعما له من اجل التحضير لجولة قادمة يأمل ان يرشح فيها نفسه ليس فقط كنائب في مجلس الشعب بل و رئياسا للجمهورية بعد ان فشل بالفوز في الترشيح في الانتخابات التي جرت بعد الثورة باعتباره من الفلول ... فهو يعتقد بانه كفء لشغل هذا المنصب والظواهر قد ايدت ذلك بمحاولته تأسيس حزب مصر القومي الذي منحته الضروف فرصة تزعمه له بعد وفاة رئيسه المفاجيء طلعت السادات.... وثانيا دعواته المتكررة متخذا من قناته الفضائية منبر له وحث المواطنين بالتجمع والتظاهر في الساحات العامة محاولا تزعم تجمعاتها وكلها دلالات على مواقفه الانتهازية التي عارض فيها الامريكان والاخوان المسلمين محاولا اتخاذ موقفا وسطيا من كل الفصائل كي يكون له خط رجعة الى الجميع عندما يتطلب الامر ذلك .. فاعود واقول للمصري يا اخي حتى لو صحت كل تحليلاتك فان ما فعله عكاشة عجز عن فعله الاخرون وقد قدم خدمة للشعب المصري ولكل الشعوب العربية خدمة لا مثيل لها وقد لا تتكرر بكشفه بؤر الخيانة والفساد والغدر في اوساط هذه المناطق الملتهبة التي نحن بامس الحاجة الى امثال عكاشة في كل بقعة من بقاع الوطن العربي ليكشفوا المزيد من الخونة الذين لا يعد ون ولا يحصون والمنتشرون مثل الجراد في هذه الساحة الفسيحة ...!!!

  كتب بتأريخ :  الجمعة 05-10-2012     عدد القراء :  1677       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced