أنت منذ الصغر تتباهى بملابسك البيضاء، المكوية بعناية شديدة و بالغترة البيضاء الغارقة في 'النشاء' و التي تعطيك إطلالة جميلة و هيبة تدل على الترتيب و التأنق و تبعد عنك حرارة الشمس الحارقة. أنا من الصغر و في سن الشقاوة و اللعب 'أتكعبل' بالعباءة السوداء التي تجذب أشعة الشمس، و التي في أحيان كثيرة تجعلني أصل لدرجة الغليان ... أنت الحلم الأول لكل أب حتى يتباهى بك بين أسرته و أصدقائه و أنا الحلم الثاني .. أنت حب الأم الأول، لأن تشريفك قد يلغي زواج والدك الثاني بحثاً عنك، و أنت سبب التباهي 'بأم الذكور' و أنا سبب نكد الأم، لأن تشريفي قد يؤدي إلى زواج الأب بحثاً عنك، و أنا سبب معايرة أمي 'بأم البنات' .. أنت تسمع اسمك كل يوم في زهو حين يكنون والديك 'أبو فلان' و 'أم فلان' و أنا محرومة من سماع اسمي و كأنني غير موجودة أصلاً، و إذا تساهل الأب و سمح للجميع بتسميته بأبي فلانة فسرعان ما يختفي اسمي عند تشريفك ! أنت تتزوج ممن ترغب، و في أي وقت تعدد، و أبناؤك يحصلون 'اوتوماتيكياً' على الجنسية التي تخصك، و حتى زوجتك إذا كانت غير سعودية, و أنا لا أتزوج في أي وقت أرغب فيه بالزواج، فأمري كله بيد وليي ' أب – أخ – عم – جد'. أما عن الاختيار فلا مجال 'نوع من الكماليات لا أحلم به حالياً أنا إذا ما سمح لي لكبر سني مثلا بالزواج من غير سعودي فلا يحصل زوجي و لا أبنائي على جنسيتي إلا بعد مرمطة، و إذا قدر الحصول عليها فابني الذكر يحصل عليها عند سن الـ 18، أما ابنتي الأنثى فتحصل عليها عند بلوغ الـ35 سنة و بشروط مغلظة ! و كأنه عقاب مجتمعي و جماعي ضد إبنائي أيضا على زواجي من غير سعودي! أنت لك الحق في التطليق متى شئت من دون محاسبة و أحياناً تختفي من دون تطليق و من دون احترام لحياة إنسانة مصيرها متعلق بيدك بعد الله، بينما لا يحق لي طلب الطلاق، و إذا ما تجرأت لسبب أو لآخر فأعرف مسبقاً أن سنوات عمري ستنقضي دون الحصول عليه، لأنك لا تحضر الجلسة!و لأنني مطالبة بإثبات الضرر 'الذي يكون غالباً داخل الجدران الأربعة و يصعب إثباته'! و علي أن أخلعك و أعوضك حتى لو كنت مدمناً أو فاسقاً أو مزواجاً ! أنت تستطيع النزول في أي فندق و في أي وقت حتى لو كنت تقيم علاقة غير شرعية 'مستغلاً إسمي المدون في كرت العائلة' و أنا لأنني 'أسود' متهمة دائما، لا يحق لي النزول في فندق في المدينة أو في مكة حتى لو في رحلة سياحية دينية سوى بخطاب من ولي أمري أو من الشرطة ! أنت تستطيع أن تكتتب بأسماء أولادك و من دون استئذانهم، و أنا غير مسموح لي بذلك إلا بموافقة والدهم .. أنت 'ابيض' ديتك كاملة ، و أنا 'أسود' نصف ديتك! أنت تستطيع أن تتزوج بعد وفاتي مباشرة و بترغيب من المجتمع 'جدد الله فراشك'. ما تقدم دعوة مناسبة لك و أنت تستقبل العزاء في! أنا لأنني 'أسود' أتهم بقلة الأصل لو فكرت مجرد تفكير في الزواج بعد انتهاء العدة! هذا غير احتقار و كره الأولاد لي 'لاعتقادهم أن هذا الزواج خيانة لذكرى والدهم'. ما تقدم هو 'غيض من فيض' و هو بالطبع بعيد كل البعد عن الآيات الكريمة التي لم تحتو على كلمة التفضيل (ثم)، بل (و) المساواة، 'إن المسلمين و المسلمات و المؤمنين و المؤمنات و القانتين و القانتات' الآية ألا يحتاج ولي الأمر إلى إعادة بناء لهذه الثقافة الذكورية التي شملت كل الجوانب و أثرت تأثيراً سلبياً في طريقة تربيتنا و حتى على سمعتنا كمسلمين؟ حتى نوعي الأجيال القادمة أن أبيض = أسود، ليس بحكم العادات و التقاليد، و إنما بحكم الله الواحد الأحد إلى متى تضيقون الفسيح بحجج واهية ؟؟؟ مقال للكاتبة منع من النشر في صحيفة الحياة السعودية !!