عراقيات كادحات...يتحدن الصعاب
بقلم : انتصار الميالي
العودة الى صفحة المقالات

امرأة علمتني كيف يمكن إن نعيش الحياة؟؟

نادية..أم لأربعة أطفال، عصام 11 سنة ووئام 9سنوات ولمياء 7 سنوات وويداء 5 سنوات،تعيش وزوجها وأطفالها الصغار مع عائلة زوجها في حي من أحياء الطبقة الوسطى.
تخرجت من كلية الإعلام منذ 15سنة ولم تحصل على عمل دائم ،فارتأت إن تعمل كموظفة بعقد في دار لطباعة الكتب والمنشورات. حين عرفتها كانت مليئة بالحيوية، ولم تكن كما رأيتها بالصدفة في حفل زواج إحدى زميلات الدراسة، كانت تحاول إن تبدو متماسكة، وحين سألتها عن أحوالها أخذت نفسا عميقا وتنهدت وهي تحكي لي حكايتها.
تزوجت عمر عن علاقة حب فهو زميلي في نفس الكلية، ولكن حبنا سرعان ماتلاشى بعد أشهر من زواجي به، فهو بدأ يقيدني كثيرا ويحرمني من الخروج الابرفقته ولااستطيع مغادرة المنزل دون إذن منه حتى في اشد الحالات الضرورية، وشيئا فشيئا منعني من زيارة صديقاتي ومن ثم حرمني من زيارة أهلي، وان طلبت منه زيارتهم يثور ويغضب ويشتمني، فاسكت وتموت الفكرة بداخلي.
نادية..التي عرفتها موهوبة في الأدب وتحب القراءة وفن التفصيل والخياطة اليوم هي لاتستطيع إن تقرأ كتبا حتى في بيتها إلا خفية ،ولاتستطيع تبادل الزيارات مع صديقاتها المقربات، أصبحت تتقن فن الكنس والطبخ ومسح الأرض والتحدث لجدران البيت وتلميع أحذية زوجها والسكوت في حالة غضبه.
عمر..الشاب الطموح الذي كان يحبها أصبح كثير الإساءة إليها لايمر يوم دون إن يشتمها أو يجرحها بشكه وحتى بدأ يضربها بقسوة لأتفه الأسباب.
نادية أصبحت تتحاشى غضبه، ونادرا ماتطلب منه إن يصطحبها للسوق أو إلى أي مكان أخر.
وفي يوم الأيام وبعد ولادة ابنتها الصغرى ويداء جاء والدها لزيارتها واخبرها إن أمك مريضة جدا وترغب في إن تراك.
حملت ابنتها بسرعة دون إن تفكر وذهبت مع أبيها إلى المستشفى لتزور أمها التي ترقد منذ يومين وهي لاتعلم.
عندما عادت للبيت وجدت عمر ينتظرها غاضبا جدا، وبدأ يوبخها وسرعان مابدأ يضربها بكل قسوة وينهال عليها بالسب والشتم، ولم ينفعها حديثها معه وإنها لم تغادر المنزل إلا مع والدها بسبب مرض أمها المفاجئ، ولم يتوقف عن ضربها إلا بتدخل والده الذي سمع صراخها وبكائها.
لم ترتكب نادية خطئا ولكنها سمعت لوم والده لها وإنها تستحق ذلك لأنها خالفت كلام زوجها،وبعد يوم من الحادث اكتشف عمر اثار الضرب على جسد نادية وفكر إن يعتذر إليها وهو نادم على فعلته وانه كان غاضب بسبب عدم احترامها له.
لم تجد نادية إمامها إلا إن تغفر له على أمل إن لايتكرر الأمر ثانية. ووعدها بذلك،لكنه بدأ يختلق الأسباب للخلاف معها، وينفجر بغضبه ويشتمها ويضربها وحين تشتكي لوالديه يلومونها ويؤكدون إن عليها طاعته وتحمله والصبر عليه فهو رجل يتعب ويتعرض للضغط ومن حقه ذلك.
استمرت الحال سنتين وهو يزداد سوءاً، وأصبحت نادية لاتعرف متى ينفجر بغضبه عليها،وأصبح لايحتاج لأسباب يبرر بها غضبه وضربه لها والجميع ساكتون وكأنهم لايرون شيئا.وبدأت نادية تفقد حيويتها شيئا فشيئا وتفقد ثقتها بمن حولها وإنها لم تعد تساوي شيئا.
فكرت إن تهرب وتأخذ أبنائها لكنها ترددت فهي لاتعرف هل سيقبل أهلها بذلك وماذا سيقول عنها الناس.
وقبل ثلاثة أعوام وفي احد الأيام قررت نادية إن تهرب من بيت زوجها وتعيش في بيت أهلها،لم يتقبل أهلها ما فعلت لكنها أخبرتهم إن عدت إليه إما إن أموت في إحدى ضرباته أو إن اقتل نفسي، فخشي عليها أهلها ولم يضغطا عليها للعودة إلى زوجها على أمل إن يتصالحا.
وفي احد الأيام جاء عمر ليعتذر وانه نادم على مافعله معها وإثناء حديثه معها انفجر فجأة وإذا به يضربها لتسقط على الأرض وتغيب عن الوعي.
نادية استيقظت وهي في ردهة المستشفى، لترى الطبيبة التي تعالجها كل مرة تنتظر إفاقتها، وابتسمت الدكتورة وهي تقول حمدلله على سلامتك،هل تستطيعين الحديث؟ وهل تتذكرين ماحصل؟
فهناك ضابط ينتظر إفادتك خارج الردهة فما قولك؟
والدة نادية قفزت من مكانها لم يحصل شي لقد وقعت وهي تنظف سقف الغرفة.
نادية قاطعتها وقالت إنا مستعدة لأتحدث عما حصل لي إمام الضابط، وسجلت إفادتها أنها كانت تتعرض لضرب زوجها لمدة 3 سنوات متواصلة ولم يساعدها احد ولم يتوقف عن فعلته بل كان يزداد سوءا في كل مرة ودون سبب،واني لااريده بعد اليوم وقررت الطلاق منه واخذ حقوقي وحقوق صغاري وهذه أسبابي يكفي أنني تحملت 12 سنة مليئة بالحزن والألم.
نادية مطلقة ألان بعد إن كسبت قضيتها وافترقت عن زوجها عمر الذي أحبته يوما واختارته بنفسها ليكون شريكها في الحياة، حصلت على حقها في حضانة الأطفال وعلى حقها في النفقة وهي تعيش مع أسرتها في بناء منفصل بنته بنفسها لكي تتجنب حديث الناس كونها مطلقة وتعيش في بيئة محافظة وهي الان موظفة تعمل في النهار بعقد شهري يساعدها على تربية أبنائها وعادت لهوايتها في الخياطة لتكون مهنتها الأخرى التي تساعدها في سد مصاريفها الأخرى.
عندما رأيتها للمرة الأولى بعد طول فراق كانت تبدو وكأنها تتظاهر بالقوة لكنني حين اقتربت منها وسمعة قصتها وجدتها كتلة من القوة والإرادة الحديدية القادرة على مواجهة صعوبات الحياة (والناس والمجتمع) هذه المرأة علمتني إن البيئة المحاصرة والمحزنة تخلق نساء قادرات على مواصلة حياتهن.....

  كتب بتأريخ :  الخميس 08-10-2009     عدد القراء :  2543       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced