دولة القانون الدولة الحلم (2)
بقلم : سامر عنكاوي
العودة الى صفحة المقالات

عانت الأقليات من مكونات الشعب العراقي من التمييز على طول التاريخ العراقي المعاصر فضلا عن القديم, والتمييز لم يكن واضحا دائما بل كان في مد وجزر, حسب الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية للمجتمع ومتناسب مع نهج الحكومة وعقيدة الدولة, وحسب حاجة مصالح رجال الدين والسياسة, وكانت المعانات تشتد كلما تعمقت التوجهات الدينية الطائفية أو القومية في المجتمع.

قبل وبعد الجمهورية الأولى أي قبل وبعد 14 تموز 1958 وأبان انتشار الفكر الماركسي كالماء يروي الأرض العطشى في الدول العربية والإسلامية ومنها العراق, يبشر بآداب وفنون المحبة والسلام والتآخي الجمال, كان التمييز في اضعف حالاته, وان كان مخبوء في طيات الدماغ فانه لم يكن مقبول ميدانيا على الساحة المجتمعية, وكان من يميز بين العراقيين على أساس الدين أو الطائفة أو القومية, يُنظر إليه نظرة دونية, ويقرّع ويُلام من الآخرين ويوصم بالتخلف وإثارة الفتن والعنصرية.

تجلى التمييز بوضوح على كافة الصُعُد ( القومي والاثني والديني والطائفي والطبقي والمناطقي ...الخ ) في عهد الدكتاتور صدام حسين نتيجة سياساته القومية والطائفية البغيضة, مما أدى إلى تمزيق النسيج المجتمعي بسبب سلوكيات وضغوطات العمل اليومي من قبل أزلام السلطة, ودفع بالذات العراقية وبضغط من رجال الدين المعممين ودور العبادة إلى التخندق بعيدا عن مكونات المجتمع الأخرى والانفتاح على الآخر من الطائفة المعينة في نفس الخندق طلبا للحماية من جور الحكومة, وبالتالي تخندق وتسلح الكثير من أبناء الشعب العراقي الواحد, بانتظار الفرصة أو استحداثها للنيل من الآخر.

على الصعيد القومي:- كانت العنصرية تمارس من قبل حزب السلطة ( البعث العربي ), وبطرق متعددة مخفية مستورة تارة وظاهرة مكشوفة تارة أخرى كشن حملات تصفية وحروب على القوميات الأخرى وأحزابها, ولما كان رب البيت بالدف ناقر, تعنصرت القوميات الأخرى كرد فعل على الحزب الحاكم, وتعمقت التوجهات القومية الكردية والآشورية والتركمانية والازدية والشبكية وغيرها, وتوسعت أحزابها القومية والدينية والطائفية على حساب الأحزاب الوطنية العلمانية واللبرالية واليسارية والديمقراطية, وتراجع شعور المواطنة الطبيعي بسبب استئثار صدام ورهطه بالسلطة والثروة والمناصب الحكومية بعد أن أقام دولة الاستبداد والدكتاتورية.


على الصعيد الديني:- بعد الحرب العراقية الإيرانية وإقحام أبناء الشعب العراقي في حرب عبثية كان من الممكن إيجاد بدائل لها ودرء مخاطرها, ودخول الكويت وتداعياتها انتفاضة الشعب العراقي في آذار الخالد 1991 ,والقمع الوحشي الذي تعرض له الشعب العراقي إثرها وخاصة من الطائفة العربية الشيعية, والحملة الإيمانية الصدامية الطائفية, تناما وظهر للعيان الانقسام الطائفي والتخندق والتسلح الخطير بانتظار ساعة الصفر للانتقام.

دولة الاستبداد الصدامية أحرقت الأخضر واليابس ولم تبق ولم تذر لا بنية تحتية ولا فوقية لا بشر ولا شجر بحروب عبثية لم توفر بيتا عراقيا إلا وأقيمت فيه المآتم وسكنته الأحزان, كيف يمكن لعراق الحضارة أن يُختزل في حاكم وعائلة وعشيرة وعملاء من سقط المتاع والمشوهين والانتهازيين من كل مكونات الشعب العراقي, استثني الذين اجبروا على الدخول في حزب السلطة بعد أن أصبح المنفذ الوحيد للاستمرار على قيد الحياة ولحماية العائلة من العوز والسجن والموت.

أزهقت الكثير من الأرواح نتيجة التمزق المجتمعي ( والضحايا الأكبر كانوا من النساء الأرامل واليتامى ), حصل هذا في زمن صدام بحروبه الداخلية ضد الشعب العراقي وأحزابه الوطنية والخارجية مع دول الجوار والعالمية مع القطب الأوحد أميركا, وبعد سقوط سلطة الاستبداد الصدامية وحصول الشعب العراقي على هامش من الحرية.

دولة القانون هي الحل للخلاص من الظلم والقهر والموت العشوائي, ولقطع دروب العودة أمام سلطة الاستبداد والتهميش, في ضل دولة القانون سيطمئن الشعب إلى أن هناك من يحميه ويرعى حقوقه ويُطمئن مصالحه , وبالتالي سيكون الطريق ممهدا للرجوع إلى حماية الدولة بدل الخوف منها, بمعنى آخر الانتقال من الهويات الفرعية الثانوية المفرقة إلى الهوية الوطنية الجامعة, وستنطلق مكونات الشعب العراقي وخاصة الأقليات من التقوقع والتخندق الطائفي والقومي الضيق إلى فضاء المواطنة الواسع, ويصبح العراقيون جميعا مواطنين من الدرجة الأولى, متساوون أمام القانون, والدولة ومؤسساتها تحفظ الحقوق القانونية للجميع وفق الدستور.

تراجي ذهب:-
دولة القانون ضرورة موضوعية لتجاوز قانون الغاب وسلاح المليشيات.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 12-10-2009     عدد القراء :  2336       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced