هواجس العزوف.....ولحن الصراع !
بقلم : رضا الظاهر
العودة الى صفحة المقالات

بينما يستمر النقاش البرلماني بشأن قانون الانتخابات على نحو يبدو بلا نهاية، وبوجهة تعزز الخشية من أن تؤدي تأخيرات إقرار القانون الى اعتماد القانون الحالي، اعترف الجميع، مؤخراً، مفوضية انتخابات وقوىً وأحزاباً وشخصيات سياسية، بتدني نسب إقبال المواطنين على مراكز تحديث سجل الناخبين وتسلم البطاقات الانتخابية قبل إغلاق المراكز.
وبحسب مصدر مسؤول في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أواخر الشهر الماضي فانه من أصل 18 مليون و900 ألف ناخب يحق لهم المشاركة في الانتخابات البرلمانية زار مراكز سجلات الناخبين البالغ عددها 1083 مركزاً 678 ألف ناخب فقط، وهي نسبة في غاية التدني.
وتكشف هذه الحقيقة المروعة عن دلالات خطيرة لعل أبرزها فشل نهج المحاصصات وإخفاق برامج النخب الحاكمة وعجزها عن الوفاء بوعودها وتعاظم معاناة ويأس وإحباط الملايين جراء ذلك.
وفي غضون ذلك تواصل مفوضية الانتخابات مواقفها المتسمة بالانغلاق والمكابرة. وتجلت هذه المواقف السلبية في استجواب البرلمان لرئيس المفوضية يوم الحادي عشر من الشهر الحالي، حيث اتسم حديثه بالتشنج والعجز عن تقديم صورة واضحة عما اتخذته المفوضية من إجراءات لتجاوز أخطاء الماضي والأداء السيء لأجهزة المفوضية في المحافظات لصالح جهات معينة، ومنع حالات التزوير، وضعف الالتزام بالحيادية، ناهيكم عن غياب تطمينات جديدة بشأن عمليات التزوير التي يحتمل أن تحدث لاحقاً.
وفي السياق ذاته أطلق نواب تصريحات تدعو، على نحو يخالف الدستور، الى حرمان العراقيين في الخارج من حقهم في المشاركة في الانتخابات بحجة التكاليف المالية واحتمالات التزوير، وكأن مشاركة المواطنين داخل البلاد لا تحتاج الى تكاليف مالية، وهي، فضلاً عن ذلك، محصنة ضد التزوير.
وفي ظل لوحة اجتماعية وسياسية معقدة بدأت الاستعدادات للانتخابات البرلمانية، وراحت سمات هذه الممارسة وما يرتبط بها من تجليات لصراع الامتيازات تزداد وضوحاً، حيث تنشأ، في سياق الصراع على صياغة وجهة التطور وملامح البديل السياسي الاجتماعي، اصطفافات جديدة في ظروف سعي القوى السياسية الى ترتيب أوضاعها، إذ اتخذ البعض إجراءات الانعزال أو الاندماج، فيما اختار البعض الآخر الانتظار حتى ينضج موقفه قبل إعلانه.
ولا ريب أن من بين قضايا الصراع تلك المتعلقة بآلية الانتخاب التي تحقق أفضل وسائل التعبير عن رأي المواطنين. وتتمثل هذه الآلية في القائمة المفتوحة والدائرة الواحدة، التي تجسد مبدأ المواطنة والوطنية في إطار صيغة ديمقراطية حقيقية تضمن أشمل مشاركة في العملية الانتخابية، وأوسع تنوع في مجلس النواب، وأفضل فرصة لتمكين الأقليات السياسية والاجتماعية من الاسهام في العملية السياسية عبر تعبيرها عن مواقفها وبرامجها في مجلس النواب.
ويتوافق مع هذه الوجهة مبدأ توزيع المقاعد الشاغرة على القوائم ذات المتبقي الأكبر من الأصوات، والتخلي عن نهج الاستئثار والاقصاء الذي نهب الفائزون "الكبار" عبره مقاعد غيرهم، وحرموا ملايين المواطنين من حق تمثيلهم. هذا ناهيكم عن ضمان حصة المرأة وفقاً للدستور، وخفض سن الترشيح لعضوية المجلس الى 25 عاماً لضمان مشاركة الشباب وتعبيرهم عن تطلعات الملايين من أقرانهم.
غير أنه مما يثير السخط أن عدداً من القوى السياسية في البرلمان تخشى أن تجري تعديلات على القانون النافذ. وفي سياق هذا الجدل يستمر التناحر بشأن قضية كركوك  التي زجها "البعض" في النقاشات على نحو مقصود، فأسهمت في مفاقمة توتير أجواء النقاش. وهذا، في الواقع، جزء من سلوك التسييس السائد في البرلمان وسواه من مؤسسات العملية السياسية.
وليس من العسير القول إن التأخير المديد في إقرار قانون الانتخابات يكشف، من بين أمور أخرى، عن سعي بعض القوى السياسية الى إعاقة إصدار قوانين ضرورية ترى أنها يمكن أن تتعارض مع مصالحها الضيقة.
*    *    *
بينما تتفاقم هواجس "العزوف" عن المشاركة في الانتخابات تتصاعد نغمات لحن الصراع على الامتيازات، وسط مناخات "التسييس" والتوتر والارتياب وتبادل الاتهامات وتجليات الصراع المرشح للتصعيد ربما بأشكال لا تحمد عقباها.
أما الضحايا فهم الملايين من مغيّبي الارادة المحرومين. وأما أولئك المالكون للسلطة والثروة، موزِّعو الأموال والهبات، والبطانيات والساعات، لشراء أصوات الناخبين والناخبات، فيعلمون علم اليقين أن رشوة المواطنين لا يجمعها جامع بالنزاهة والديمقراطية الحقيقية.
وما من منصف يرتاب في أن منهجية المحاصصات هي منبع المآسي، وأنه بدون التخلي عنها يمسي كل حديث عن انتخابات ديمقراطية ذرّاً للرماد في العيون، بل مجرد ضرب من التضليل والأوهام.
هناك "مقررون" يريدون إقصاء "الآخرين"، ونهب مقاعد السائل والمحروم. وليس بوسع هذا الخراب العميم أن ينتهي على أيدي ائتلافات تتصارع على الامتيازات في ظل منهجية محاصصات، حتى وإن "جمَّلت" صورتها بلاعبين دور ديكور، ولاهثين وراء نفوذ.
ينبغي خوض صراع السلم ضد من لا يبالون إلا بامتيازاتهم، والارتقاء بالمعركة الاجتماعية من أجل استثمار السخط وتحويله الى حركة شعبية تسهم في تغيير الواقع. فخراب البلاد، المادي والروحي، لن ينتهي إلا عبر ائتلاف حقيقي، عابر للطوائف والقوميات، ذي برنامج وطني قادر على إنقاذ البلاد من أزمتها المستعصية.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 19-10-2009     عدد القراء :  2495       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced