جرائم "غسل العار"
بقلم : سليمة قاسم
العودة الى صفحة المقالات

أمــــا آن الأوان للتخلــــــص مـــــن هــــذا العـار؟

في ليلة تسعينية مفعمة برائحة الجوع والحصار دخل (خ) وهو يحمل بندقية من طراز حديث وعيناه تشيطان غضبا كانت امه قد عادت لتوها من عملها وهو التسول تحت احد جسور بغداد وقد تحلقت حولها بناتها الاربع علهن يجدن ما يسد الرمق. كانت العائلة تعيش في فقر مدقع؛ الاب عاطل وسكير وحين نهضت واحدة من اخواته لتسأله عن سبب جلبه للسلاح فجاءها الرد سريعا وحاسما وهو نيران كثيفة قتلت الام وبناتها الاربع اللواتي لم يتزوجن بعد وعندما سلم نفسه للشرطة واجريت معه التحقيقات الاولية اعترف بأن السبب وراء قتله امه وأخواته الاربعة هو سوء السمعة والسلوك.

كان عمومة خالد حاضرين معه في مركز الشرطة ولكنهم لم يكونوا حاضرين مع اخواته اللواتي كن يعانين من شظف العيش خصوصا وان احوالهم المادية جيدة جدا اتضح فيما بعد ان خالد فعل فعلته تلك بتحريض من عمومته للتخلص من عائلته ووصلت ذروة التحريض بشرائهم له بندقية قتل بها امه واخواته.

المهم ان عمومة خالد كانوا يعولون كثيرا على مادة (غسل العار) لكي يتمكنوا من اطلاق سراحه لكن المفاجأة الكبرى كانت في الفحص الطبي الذي اجري على اخواته الاربعة في الطب العدلي حيث اثبت الفحص ان الفتيات الاربعة كن (عذراوات)! اذن كان على عمومة (خالد) البحث عن مخرج آخر ليطلقوا سراح (خ) من السجن فقاموا بدفع عدة ملايين كان يمكن ان يمنحوها لام خالد واخواته لتوفر لهن العيش الكريم دفعوها مقابل اعتباره مريضا نفسيا او مختلا عقليا وذهبت تلك الدماء البريئة لاذنب جنته سوى انها سيئة السمعة!

واستعدوا للمفاجأة الكبرى حين سألت عن (خ) قيل لي انه يعمل شرطيا الآن ضمن قوة حماية المنشآت!!.

هناك حكاية اخرى ضحيتها فتاة في الرابعة عشرة من عمرها. كانت ام ساجت امرأة تبيع في السوق مواد غذائية وبعد وفاة زوجها تزوجت رجلا آخر عله يكون والدا لبناتها وأولادها الصغار كانت كبرى بناتها (سلوى) في الرابعة عشرة من العمر وقد كبرت لتوها. كانت الام تقضي جل وقتها في السوق وزوج الام عاطل عن العمل كانت سلوى تقوم بأعمال البيت امام زوج امها الذي اخذت تثير شهوته تلك الفتاة الصغيرة واخذ يمارس معها اقذر الاساليب وبمرور الوقت اصبح يعاشرها معاشرة غير شرعية كانت الفتاة صغيرة وخائفة ولم يدر بخلدها العواقب الوخيمة التي تترتب على فعلة زوج امها وانها ستكون الضحية والجلاد سينجو من العقاب. المهم اخبرت الفتاة امها بأنها حامل من زوج امها, الام المتعبة المنهكة لم تعرف ما الذي تفعله ولم تفكر في مساعدة ابنتها الصغيرة بل لجأت الى عمومة سلوى لتخبرهم بما حدث وليتخذوا الاجراء الانسب وكان قرارهم قتل الفتاة الصغيرة, وفعلا تم لهم ما ارادوا ففي احد الايام جاء عمومتها واقتادوها من بين اخوتها الصغار بحجة الذهاب لزيارة بيت عمتها وودعتها الام بدموعها وهي تعرف مصيرها مسبقا لكن سلوى ادركت ان امرا رهيبا سيحدث فما الذي يجعل عمومتها يجتمعون ليأخذوها؟ وهناك في بيت عمتها الذي كان خاليا من ساكنيه ليكون ساحة لوقوع الجريمة ثم قتلها ودفنها في منطقة ريفية مهجورة وزوج امها ظل طليقا ولم يحاسب على جريمته تلك بالمقابل ففي الولايات المتحدة الاميركية قامت فتاة شابة بقتل زوج امها الذي كان يجبرها على ممارسة الجنس معه لمدة ثلاث سنوات واطلق سراحها بعد فترة قصيرة نظرا للظروف السيئة التي رافقت عملية اغتصابها من قبل زوج امها نحن لا نريد ان نتشبه بدول متقدمة لكننا نريد ان نلغي تلك القوانين المجحفة التي تبيح للرجل قتل المرأة لمجرد الشك بها, فهناك عشرات القصص المشابهة لنساء هدرت دمائهن ولم يحاسب منفذوها تحت غطاء غسل العار. واحدة من اشهر تلك الحوادث الحادثة التي وقعت بعد الاحتلال في محافظة شمالية حين احب رجلا فتاة لا تنتمي لطائفته وحين علم أفراد العشيرة بذلك تجمعوا امام بيت الفتاة وفي وضح النهار وقاموا برجمها بالحجارة وهي تستغيث صارخة لعل احدهم يستطيع مساعدتها لكنها ماتت امام مرآى ومسمع عائلتها ولم يتحرك ضمير واحد من المتجمهرين الذين كانوا ينظرون اليها وهي تموت بدم بارد.

* التقينا بالمحامي السيد زهير الخزرجي وحين سألناه عن الطبيعة القانونية لمادة غسل العار؟ أجاب مشكورا.   

- جاء في قانون العقوبات المرقم (111) لسنة 1969 المعدل" انه يحق للرجل قتل زوجته او احدى محارمه في حالة تلبسها بالزنا ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات. لكن هذا القانون تم تعديله مرة اخرى من قبل مجلس قيادة الثورة المنحل في 15/ 8/ 1990 حيث اجاز له هذا القانون قتل زوجته او احدى محارمه في حالة تلبسها بالزنا ويحبس لمدة ثلاثة ايام فقط ولا يتم مساءلته جزائيا. لقد اعطى هذا القانون للرجل الحق في قتل زوجته او احدى محارمه وبقتل عشيقها عند تلبسها بالزنا لكن لو عكسنا الموضوع وتفاجأت الزوجة بخيانة زوجها متلبسا بالزنا فلا يحق لها قتله بل ستحاسب على جريمة القتل العمد استنادا لاحكام تلك المادة. ان في هذا القرار عقوبات قاسية جدا على المرأة واستهانة بحياتها وقتلها اذا ارتكبت الفعل المخل بالاخلاق كذلك ميز القانون بين الرجل والمرأة من حيث مكان ارتكاب الجريمة حيث تعاقب المرأة اينما ارتكبت هذه الجريمة بينما الرجل لا يعاقب الا اذا ارتكبها في بيت الزوجية. كما استثنى ذلك القانون المرأة من شمولها بالعذر المخفف وكأن الخطيئة حكر على المرأة دون الرجل امعانا في هدر آدميتها واعتبرها انسانا من الدرجة الثانية من حيث الكرامة والمشاعر والاحاسيس. وقد يقول قائل ان معدل تلك الجرائم انخفض بنسبة كبيرة في المجتمع العراقي في السنوات الاخيرة لكن العكس هو الصحيح فتلك الجرائم اتخذت منحى آخر حيث يقوم المتورطون فيها بقتل ضحيتهم وإخفاء معالم الجريمة عن طريق حرق الجثة او إغراقها كي لا يدخل السجن اصلا ولا تلاحقه النظرة الاجتماعية السيئة لكونه قاتلا.

اننا ندعو هنا باسم كل نساء العراق الى إلغاء هذه القوانين المجحفة بحق المرأة كونها تشكل انتهاكا صارخا لإنسانيتها وتجاوزا على حقوقها يسلبها اعز ما تملك وهو حياتها.

  كتب بتأريخ :  الأحد 25-10-2009     عدد القراء :  3560       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced