العقلية الجمعية المشبعة بالوحشية الدموية هي السبب
بقلم : مهدي قاسم
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

حاول كلا على حدة استغلال و " استثمار " جريمة القتل البشع و البربري السادي الوضيع الذي تعرض له الإعلامي و الأستاذ الجامعي البديوي ، حسب أهدافه ونعراته و تصوراته السياسية و الفئوية ، تنسيبا و تآويلا أو تخبيثا ، بينما الأمر برمته يتعلق بعقلية جمعية ترعرعت على الوحشية و تعودت عليها وتعايشت معها و فيها ، ومارستها ضد بعضها بعضا نشدانا لتحقيق مصالح و حصولا على مناصب و امتيازات أو إلغاءا و إقصاء بحق الآخر المختلف ..

ثم تطور الأمر ــ بفعل تواصل عمليات التفجيرات و الاغتيالات ــ إلى معايشة دائمة بين مشاهد يومية لتكرار الوحشية و القسوة المفرطة و السادية الضارية بين برك دماء نافرة و تناثر أشلاء متشظية و بقايا جثث ممزقة الأطراف و متفحمة الأحجام و العظام ! ..

مشاهد يومية رهيبة ينام عليها المجتمع ليلا و يستفيق على كوابيسها صباحا وفي كل يوم ..

كيف يمكن لمجتمع سليم العقل و النفس أن يتحمل كل هذا و يتعايش معه كطقس يومي و مألوف ؟!..

و لا يمر يوم دون أن يُقتل عدد من العراقيين ..

و إلا دلونا على مجتمع أخر غير المجتمع العراقي ، الذي يتحمل عمليات القتل و التفجيرات و شلالات الدماء الشاخبات ، كل يوم ومنذ عشر سنوات و حتى اليوم دون أن يقلب الأمور و المسببات رأسا على عقب ..

و هكذا انتهت حياة المواطن العراقي بلا أية قيمة تُذكر ، ولم تُعد تساوي حتى قيمة حياة بعوضة أو نملة أو ذبابة ..

إذ بإمكان أي واحد أن يقتل أيا كان ..

فحتى في سوريا التي تدور فيها حرب أهلية ضروس ، و حيث توجد مناطق و مدن بكاملها تحت سيطرة المعارضة ، لا تحدث فيها تفجيرات انتحارية أو سيارات مفخخة كل يوم مثلما تحدث في العراق ..

هذا ناهيك عن أفغانستان و حتى صومال حيث نادرا ما نسمع عن حدوث تفجيرات أومفخخات هناك ..

لماذا يا ترى ؟!..

فمثلا عندنا في العراق عندما تشتد الأزمة السياسية بين الأطراف المشتركة في العملية السياسية و المتنازعة على السلطة فسرعان ما نسمع من هذا الطرف أو ذاك تهديدات بارتفاع و تصاعد و تزايد أعمال العنف في الشارع العراقي ، لتعقبه فعلا تصاعد أعمال العنف على شكل تفجيرات وعمليات انتحارية و اغتيالات و خطف وعمليات قتل جماعية ــ كأنما كإيعاز وتنسيق صريحين وعلنيين ـــ ليتقبل الجميع الأمر مشيء مسلم به أو كأنه كرنفال عادي للاحتفال !!. دون أن يتساءل أحد ما كيف يمكن قبول أمر إجرامي من هذا القبيل : من قبيل أن طرفا سياسيا يهدد بتصاعد أعمال العنف و بعد ذلك تتصاعد أعمال العنف و الإرهاب فعلا ، ليعقب ذلك سقوط مئات من الضحايا العزل بين قتيل و جريح ، دون أن تخرج الجماهير إلى الشوارع غاضبة و ساخطة لتقلب الكراسي على رؤوس الفاعلين و المحرضين و الضليعين و المتواطئين و المساومين ؟!..

ليقولوا كفى ! ..

ولن نقبل بعد اليوم إرهابا و قتلا و تفجيرات وخطفا و إعدامات سرية للمدنيين العُزل ومذابح على الطريقة الإسلامية ومن أي طرف كان و مهما كان !!..

ولا نقبل استهتارا و لا استباحة للدماء من قبل ضابط أو جندي ولا من قبل أي كان ..

ولم نُعد نطيق مشاهد القتل اليومية ، و نبغي الخلاص و بأي ثمن كان و مهما كان ..

و أما أن يقتل ضابط كرُدي القومية إعلاميا عربي القومية ، فليس الأمر بذات أهمية من هذه الناحية بقدر ما له أهمية من ناحية : كون إن عراقيا يقتل عراقيا أخر بدم بارد كبرودة دم ذئب مسعور !..

مثلما فعل ضابط أو جندي شيعي عندما قتل مدربا رياضيا شيعيا في كربلاء وهو جاء متطوعا من هولندا ليخدم بلده مجانا ، أو مثلما فعل قاتل الصحفي عبد الهادي مهدي الذي حتما لم يكن كورديا ولا قاتل المفكر كامل الشياع وغيره العشرات الآخرين من ضحايا الخطف و الاغتيال و الإرهاب المنظم ..

أو أولئك القتلة المقنعون الذين يتركون خلفهم جثثا مجهولة الهوية ..

ومن ثم ألم تتم عملية قتل و اغتيال عشرات من الصحفيين الكورد على أيدي الكورد أنفسهم لكشفهم و فضحهم لملفات الفساد المالي و الإداري و السياسي العاصف هناك و التي تطال ــ عادة ــ أقرباء أو أفراد العائلات الحاكمة أو المتحكمة و أقطابهم وحبايبهم من القياديين و المتحزبين الكبار أو الصغار؟!..

  كتب بتأريخ :  الأحد 23-03-2014     عدد القراء :  3462       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced