سقوط فضائية
بقلم : عبد المنعم الاعسم
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

ثمة امر معروف في المعايير المهنية الاعلامية، ومعلوم، منذ زمن طويل، ان قناة العربية لا تتمتع بالاستقلال الذي يرفعها الى مستوى الاعلام المستقل، ومرد ذلك الى رعايتها من قبل الاسرة الملكية السعودية الحاكمة، تمويلا وتسهيلات، والى الخطوط الحمر التي تتحرك بها مراعاة لجهة التمويل، فضلا عن التسويق الاعلامي المفروض على القناة وما له صلة بالعلاقات والمحاور التي تلتزمها السياسة السعودية، وقد تزايدت بصمات “الراعي” على أداء القناة وامسك بخناقها، بحيث انتهت، في اكثر من واقعة وخدمة وحدث، الى محض بوق حكومي حالها حال الابواق الحكومية الاخرى، ملتحقة بقناة الجزيرة، الواجهة الاعلامية النافذة لحكومة قطر.

ولا بد من الاستدراك، للقول، ان القناة حاولت الافلات من الإملاءات الفاقعة للسلطات السعودية، وقدمت خدمات خبرية وتحليلية استثنائية لأحداث في المنطقة خارج موصوف التبعية والتزامات التابع، وانها بنت بعض (اقول بعض) السمعة والاحترام على اساس تلك الاستثناءات القليلة التي نأت عن الرطانات الفقهية والمذهبية والاتوقراطية لسلطة الافتاء المتحالفة مع الاسرة الحاكمة، واستضافت عددا من الاعلاميين والكتاب والمفكرين المستقلين واصحاب مشاريع التحديث والعلمانية ومناهضة الاستبداد والدكتاتورية.

ولعل علاقة العربية بالملف العراقي، وحصيلة الخدمة الاعلامية للاحداث والصراعات السياسية في العراق شكلت امتحانا قاسيا لمهنية القناة، إذ حاولت ان تلبي، بشيء من المهارة القلقة، ثلاثة فروضات (او ضغوطات) سياسية، الاول، هو إكساء المواقف السعودية الرسمية من الشؤون العراقية باكبر قدر من المساحيق واللاحرفية، والثاني، منح الحصة الاكبر من الخدمات (برامج. لقاءات. تقارير. دعاية انتخابية) لأحد التيارات العراقية المنخرطة في الصراع السياسي وتبني اراؤه وتسويق زعاماته ومشاريعه بعيدا عن التوازن المهني واحترام المشاهد وعقله وحاجته الى التعرف على اراء الجميع، والثالث، ما تقدمه القناة من و”بعض” المواقف المستقلة و”الجمل” الاعلامية الاحترافية، وفي مرات كثيرة اخفقت في اقناع المشاهد والمراقب بصدقية ادائها ورسالتها “العراقية”.

ومنذ احداث الانبار، ثم الفلوجة، وبعدهما الموصل، سقطت الستارة بين “العربية” والموضوعية الاعلامية وصارت اقرب الى الجماعات المسلحة وشعاراتها ومشروعها الاجرامي، حتى من قناة الجزيرة، والاخطر، انها تحولت الى محمول طائفي يفيض بالتأجيج والتأليب، وأدخلت مصطلحات عنصرية وارهابية في حشوة خدمتها الاخبارية والتحليلية فيما تراجع الى مناسيب فقيرة ذلك الهامش من المهنية الاعلامية المتوازنة، تكفي الاشارة الى ان الناطقين باسم داعش والنقشبندية والواجهات التابعة لفلول صدام حسين صاروا ضيوفا دائميين على شاشاتها، ومصدرا لتقاريرها وخدماتها الاخبارية.

لا حاجة لأن نسأل: مَن دفع “العربية” الى هذا السقوط؟.

“من لم يكن حكيما لم يزل سقيما”.

سقراط

  كتب بتأريخ :  الجمعة 20-06-2014     عدد القراء :  2649       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced