ـــ ناقل الكفر ليس بكافر ..
هذا صحيح تماما ، ولكنه في الوقت نفسه لا يعني أنه ـــ أي ناقل الكفر ــ من خلال نقله للكفر لا ينشره بين الناس مروجا هنا و هناك لينتشر بين أكثر الناس و ذلك خدمة لفكرة الكفر ذاتها ، ربما بنية حسنة و طيبة !! ..
فألم يقولوا سابقا :
ــ أن النوايا الطيبة تعبّد الطريق إلى الجحيم ؟!..
هذا إذا وضعنا النية الخبيثة و المتعمدة جانبا في هذا الأمر..
فثمة وكالات أنباء و صحف ومواقع وكذلك فضائيات تنشر أخبارا و تقارير أو تعيد نشرها نقلا عن مصادر أخرى وهي ـــ عادة ـــ في غالبيتها مصادر مجهولة ؟!!، ولكنها في مراميها و شكلها و محتواها ، بل ودوافع و أغراض نشرها تخدم السياسة الإعلامية و الببروغندا الداعشية ، ومع الأسف الشديد إن هذه الوكالات و الصحف و المواقع وهي " عراقية " الهوية أو تزعم بأنها عراقية الهوية و المشاعر ؟!!، كلها تعج بمثل هذه الأخبار على مدار اليوم ، أي ترويج دعايات لصالح داعش من النوع التالي :
سيطر داعش على المنطقة الفلانية أحتل داعش البلدة الفلانية قتل داعش كذا عدد من الجنود تقدم داعش ..فعل داعش .. وعمل داعش داعش و داعش و داعش و الخ ..
و الطامة الكبرى إن هذه الأخبار مستقاة من مصادر أمنية مجهولة عادة و دائما !..
و هذا يعني ـــ بكل بساطة ــ بأنه بإمكان أي كان أن يكتب أي خبر أو تقرير يريده ، وذلك خدمة لأية أغراض إعلامية يروم تحقيقها ، إذ إن الأمر لا يكلفه سوى أن يشير على مصادر مجهولة والسلام عليكم ..
هذا في الوقت الذي بدأ يتكون إدراك واضح وجلي بمدى التأثير الكبير والسلبي الرهيب للإعلام و الدعايات على تكوين و صياغة وعي و ذهنيات الناس نحو قبول حقائق ووقائع معينة قد تكون تحتوي على نسبة ضئيلة من الصحة ، أو بلا أي نصيب من صحة أو مصداقية إطلاقا ، في مقابل حجب حقائق دامغة و قوية بركائز وجودها المفجع و المأساوي مثلما حدث في العراق مرارا و تكرارا ..
فيكفي الإشارة هنا إلى مدى تأثير الإعلام و الدعايات على انتخاب الرئيس الأمريكي مثلا ، فالمرشح الذي يحصل على دعم مادي كبير وعلى مساحة أوسع لترويج حملته الانتخابية في الصحف و القنوات التلفيزيونية و الإذاعات المحلية و الاتحادية في آن يكون نصيبه بالفوز أقوى احتمالا و أكثر حظوظا ..
كما يجب و ضمن هذا السياق ، أن لا ننسى الإشارة إلى الدور الإعلامي التخريبي و الكارثي المدمرين اللذين لعبته فضائية " الجزيرة " سواء في تنامي و انتشار العمليات الإرهابية في العراق أو في سوريا أو مصر و ليبيا و غيرها ، إضافة إلى دورها الفعّال و الرئيسي في تحريك ما يسمى بثورات " الربيع العربي " ذات النتائج الكارثية و التخريبية و الوبالية فيما بعد على الشعوب العربية ..
بينما كل ما فعلته فضائية " الجزيرة " هو القيام بدور " ناقل الكفر " فقط ، أي عن مصادر إما مجهولة تماما في أغلب الأحايين !! أو عن مصادر أمنية مجهولة هي الأخرى مائة بالمائة ، ولكنها في الحقيقة ملفقة ومفبركة أومختلقة تماما !!، غير إنها قُدمت و تقدم بخبث وتقنية واحترافية عاليتين لتبدو أكثر من مصداقية و حقيقة محققة !..
إذن ف"ناقل الكفر " أو الأخبار و التقارير ليس بريئا إلى هذا الحد الذي يصوره البعض سواء بحسن نية حسنة وطيبة أو عن سذاجة مفرطة أم بدوافع حبيثة ومبيتة خدمة لتحقيق أجندة معينة ..
و هذا ينطبق تماما على ناقلي " الكفر الداعشي" الذي يخدمون داعش إعلاميا متظاهرين بالبراءة أو النوايا الحسنة ؟!! ، بحجة أن دورهم لا يعدو أن يكون مجر دور " ناقل الكفر بحسب " !!..
وهم على مدار اليوم ينشرون أخبار انتصارات داعش نقلا عن مصادر مجهولة أو أمنية ولكن أكثر مجهولية من الأولى !!..
فالمسألة هنا تتعلق بعملية ترويج و دعاية سواء من مصدر أساسي مجهول مختلق أو نقلا عن مصادر مجهولة أخرى ..
إلى جانب كل ذلك ، فنحن بتنا ندرك و نحس بمدى الاصطفاف الطائفي و القومي في العراق ، لذا فسوف لن نستغرب من أن يقوم هذا أو ذاك بمناصرة قومه أو طائفته منحازا أو حتى مناصرا لداعش إعلاميا و ذلك نكاية بهذا السياسي أو بذاك الزعيم !..
و ..........................
و لن نقول بعد الآن :
ــ و أنت أيضا يا بروتس !..
لأنه يبدو كلنا على وشك أن نكون " بروتس " لنطعن العراق من الخلف من شدة حرصنا المزعوم عليه !..