لا هذا وطنهم ، وانتم غزاة
بقلم : د. علي الخالدي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

يعاني المسيحيون ، و من لا يدين باﻹسلام في الشرق، اﻷوسط وشمال أفريقيا ، وفي الدول التي تضع الشريعة اﻷسلامية مصدرا للتشريع القانوني ، يعانون القمع واﻹضطهاد والحرمان ، من ممارسة حقوقهم المدنية وطقوسهم الدينية في أغلب البلدان العربية، وفي الدول التي تدين باﻹسلام. ففي الوقت الذي لا يسمح لهم ببناء أو ترميم دور عباداتهم ومزاولة تقديم خدماتهم الصحية والمعاشية للناس وبدون تمييز، وبصورة خاصة الفقراء منهم، يتعرضون للقتل والتشريد وصب الرعب في صفوفهم ، ﻹجبارهم على ترك أرض أجدادهم وموطن حضارتهم ، لا لسبب إلا لكونهم ، ربطوا مصيرهم بأوطانهم وبحريتها وتقدمها ، فأنخرطت أعداد كبيرة منهم في المنظمات التي تدافع عن أﻷوطان، وحقوق اﻹنسان في الحياة الحرة الكريمة ، ومن أجل الديمقراطية السياسية واﻹجتماعية لكل فئات المجتمع ، على قاعدة العفو لمن اساء اليهم ، إلا أن هذه اﻷخلاق والتقاليد لا تروق للمتشددين اﻹسلاميين ، في الكثير من الدول ذات التوجه اﻹسلامي . فبين الحين والآخر يطرق سمعنا تزايد عدد الذين يقتلون بحد السيف أو بعيارات نارية، والبعض يهرب من جحيم هكذا إرهاب، الى مناطق آمنه أو الهجرة عن أرض اﻷجداد إلى خارج أوطانهم . حاليا يجري في المناطق التي غزتها داعش وأخواتها في كل من سوريا والعراق، وضع المسيحيين تحت خيار التخلي عن ديانتهم السمحاء وتقديم الولاء لداعش، وتطبيق طقوسها القريبة من الهمجية والتوحش مطلية بتعاليم إسلاموية، أو دفع الجزية، وعند الرفض فحد السيف ينتظرهم.

لقد منح أهالي الموصل اﻷصلاء بعد هكذا فرمان ، فرصة لترك أرض أجدادهم نينوى ، في بيان وجه اليهم ينتهي في منتصف يوم 18/7 ، جاء فيه . "اخرجو من الموصل ، ولا تأخذوا معكم أي ممتلكات ﻷنها غنائمنا".

يجري هذا وسط زيف الذين يتغنون بالوحدة وبصيانة النسيج اﻹجتماعي من رافعي راية التجييش الطائفي ، وبنفس الوقت يعملوا على التبشير بإحياء الخلافة ، وبتقسيم العراق مع داعش ، تحت حجج واهية تخفي أطماعا سلطوية ، ولو على أرض صحراوية جرداء ، فأخوات داعش من النقشبندية وفلول البعث الفاشي شأنهم شأن داعش، يستولون على اﻷموال المنقولة وغير المنقولة لكل من لا يعلن الولاء لهمجيتهم. ، مما يزيد من أسفنا في الشأن العراقي إن القائمين على النظام ، منشغلون هذه الأيام بأمور ثانوية وكأن الشعب والوطن يعيش ظروفا طبيعية آمنة . فإذا لم يتغير الوضع الحالي بوضع مقدرات الوطن في أولياتهم ويغلبوا مصالحه ، فوق مصالحهم الحزبية والطائفية ، فإن هجرة المسيحيين ومعتنقي الديانات غير اﻹسلامية ستستمر الى الخارج وسيخلو الوطن منهم ، ففي هذه اﻷيام المأساوية ، يتناقل البعض أخبار محزنة من مدينة القوش العريقة بمسيحيتها، بأن معدل الهجرة اليومية الى خارج العراق يتصاعد بإستمرار، تخوفا من المطب الذي وقع به إخوتهم في المناطق اﻷخرى . فتجاهل المسؤولون لما يتعرض له فصيل حيوي مهم من فصائل المجتمع العراقي ، وإنشغالهم بتمتين أنظمتهم وترتيب كراسيهم ، بالعودة لقانون وعرف النهج المحاصصاتي عبر التجييش الطائفي، وتكوين الميليشيات كرديفة للجيش العراقي، الذي يتعرض نتيجة اﻷخطاء الجسيمة التي إرتكبت عند تشكيله ، ( يحصد الوطن والشعب نتائجه حاليا ) ، والتي وقفت مع نهج المحاصصة الطائفية وراء عدم إستتباب اﻷمن و تصاعد فقدان ارواح المئات من ابناء الوطن ، إن بالسيارات المفخخة أو بكواتم الصوت مما نشر الرعب بين صفوف المواطنين ، وأضطرت عوائل كثيرة إتخاذ قرار الهجرة الى خارج الوطن ، ولا سيما هجرة معتنقي الديانات اﻷخرى ، وخاصة بعد توارد أنباء وكالات اﻷخبار المغرضة من أن الهمج على أبواب بغداد الحبيبة.

لقد تقلص حاليا عدد المسيحيين في العراق بعد أن كانوا أكثر من مليون ونصف الى مليون قبل اﻷحتلال اﻷمريكي و الى أقل من 400 الف حاليا * وعاجلا سيتحول الوجود المسيحي الى رمزية تستغل كديكور لنهج المحاصصة الطائفية كما هو جاري حاليا ، مما يدعو كل حريص على وحدة نسيج المجتمع العراقي وسلمه اﻷجتماعي ، ووحدة كيانه الجغرافي ، الى النظر بجدية وتبصر عميق ، للنهج الذي يصر على أخلاء أرض الرافدين من نسيج عريق عمل على إزدهار العراق وتطوره الحضاري ، أن يفعل كل ما من شأنه التصدي لهذا النهج الداعشي وأخواته ، وإستغلال كافة اﻷمكانيات لصيانة نسيجنا اﻹجتماعي ، بالدعوة الى تنظيم حملة وطنية وعالمية للتضامن مع العراق وطننا وشعبا، بما في ذلك طلب المساعدة العسكرية من دول العالم ﻷيقاف إجتياح داعش وأخواتها و صيانة التراث العالمي الذي تحويه أرض الرافدين . سيما وتربطنا ببعض الدول إتفاقيات أمنية , حتى يجبر الغزاة البرابرة بالرحيل الى البلدان التي جاءوا منها ، فالموصل هي مدينة أجدادهم والعراق وطنهم ، لا نسمح بتشويهه بهجرتهم اﻷضطرارية

*من تصريح رئيس الكنيسة الكلدانية في العراق لويس روفائل اﻷول ساكو ساكو بطريرك بابل على الكلدان

  كتب بتأريخ :  السبت 19-07-2014     عدد القراء :  2463       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced