المالكي لايريد (اعطائها) لغيره !
بقلم : د. مهند البراك
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

منذ ان جلس على كرسي رئاسة مجلس الوزراء قبل اكثر من ثماني سنوات و في مقابلة معه عبّر المالكي عن موقفه من التبادل السلمي للسلطة بعبارة ـ احنا ما ننطيها(*)ـ ، و كان يقصد بأن تحالفه السياسي الطائفي الحاكم لايعطي السلطة لغيره و اثار بذلك سخطاً حوله، حتى وصل باسلوبه على ذلك في سنوات حكمه الى جعل نفسه كـ (قائد عام) يحصر السلطات بيده، ثم وصل الى انه شخصياً لايريد اعطائها لغيره، سواء كان من تحالفه او من تحالفات غيره.

حيث دأب السيد المالكي على الإنفراد بالقرارات، و على جعل الهيئات المستقلة خاصة ـ القضاء الأعلى، مفوضية الانتخابات، النزاهة، و غيرها ـ طوع يده كـ ( قائد عام)، عليها ان تطيعه . . ضارباً عرض الحائط بأهميتها الدستورية و بكونها قد تشكّلت لأجل سلامة و نجاح العملية السياسية الدستورية، التي خُطط لها لتكون تعددية توافقية.

الإنفراد الذي يصفه من اتى به الى رئاسة مجلس الوزراء، من علي الخضيري الى خليل زاده و غيرهما من قادة و فاعلي القوات و المخابرات الاميركية، يصفوه بكونه بسبب طمعه الزائد بالسلطة، و يصفوه بان له ملامح سلوك استبدادي دكتاتوري، قد يستطيع عبور مرحلة و لكن تحت رقابة صارمة (راجع الواشنطن بوست، نيويورك تايمز لشهر تموز الجاري ) . .

و اثر تفاقم الإرهاب، تزايد المطالبات الشعبية بتوفير الخدمات و الحريات ، و تأزّم العلاقات بين الحكومة الإتحادية برئاسته و بين حكومة اقليم كردستان، و غيرها من المشاكل العقدية . . طالبته الكتل الكبرى بالاستقالة دستورياً لعدم كفاءته بالحكم، في اجتماعات عليا لها عقدتها في اربيل و النجف منذ اكثر من سنتين، الاّ ان المالكي قابل ذلك ببرود، مستنداً على الدعم الإيراني و الأميركي، في ظل وضع اقليمي ساعد على ذلك الدعم آنذاك . . بانتظار الإنتخابات التشريعية التالية !!

الى ان اجريت الإنتخابات التشريعية، الاّ ان مشاكله تفاقمت اكثر، و كانت احدى ابرزها ما ادىّ الى سقوط الموصل، و صارت المطالبات تضم بعد اجراء الانتخابات المذكورة : كتل التحالف الوطني الشيعية الاخرى، الكتل الكردستانية، الكتل السنية، التحالف المدني الديمقراطي . . التي ادّت ضغوطها ضد اصراره على دورة ثالثة له، في سابقة دستورية غير مألوفة و بأنواع الأحابيل . . ادّت الى خروج كتل هامة من تحالفه الذي يقوده هو شخصياً ـ دولة القانون ـ ، عليه.

في وقت ابدت فيه المرجعية الشيعية العليا للسيد آية الله العظمى السيستاني في النجف، تأكيداتها على رفض مواصلته لدورة ثالثة، و اكّدت طلباتها من المسؤولين الحكوميين على عدم التشبث بكراسيهم، لأجل الإتيان السريع بحكومة جديدة اكثر كفاءة، قادرة على تخليص الشعب بكل اطيافه و مكوّناته من الويلات التي يعيشها و التي كأن لانهاية لها، فيما تزايدت تصريحات المسؤولين الأميركان بضرورة تنحيّه من منصبه، و اخيراً تصريحات دوائر ايرانية عليا بمفاجأتها من اصراره اللامعقول على مواصلته للحكم لدورة ثالثة . . . رغم جهوده و جهود مرسليه لتهدئة المواقف الكبرى المعارضة لأستمراره ذلك.

و يرى محللون و سياسيون ان دورتي حكم المالكي و رغم اجراءات ايجابية لها هنا و هناك، الاّ انّها ادّت الى احتقان المجتمع و انقسامه الحاد بمكوناته، تصاعد الارهاب و الصراع الطائفي و الديني، تزايد الفساد، و الهجرة و التهجير على الهوية الثانوية . . بسبب انشغال كل سياسيي الكتل الحاكمة بتحقيق مصالحهم الشخصية و الضيّقة و زيادة تأمين بقائهم على كراسيهم بكل الوسائل اللادستورية، التي يتحمّل فيها المالكي المسؤولية الأولى بأعتباره رئيس الحكومة و المحصورة بيده و بيد مكتبه اعلى الصلاحيات التي تخص الداخلية و الدفاع، الأمن و الشرطة الاتحادية، ميزانية الدولة و غيرها، بعيداً عن السماح بأي دور للبرلمان و لرئاسة الجمهورية.

حتى وصل الحال الى سقوط الموصل ثاني اكبر مدينة عراقية اصيلة و مركز محافظة نينوى، و انسحاب الجيش النظامي منها بوحداته و اصنافه، خوفاً من عصابة قطّاع طرق و مجرمين عاديين مدعومين بفلول صدام المنوّعة . . السقوط الذي كأنه فتح تأريخاً جديداً مريراً اكثر وحشية في العراق و المنطقة الاقليمية، بعد سنوات من سيطرة و عمل داعش السريّ فيها . .

و فيما يتوسّل المالكي بكل الوسائل لمواصلة الحكم، التي وصلت الى حد تهديد (البيت الشيعي) بالتشظيّ و خاصة بسبب الخلاف الحاد بين التحالف الوطني الجامع للمكوّن الشيعي و بين ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي . . تتزايد تساؤلات و تقديرات اوسع الاوساط الشعبية و النخبوية و السياسية، لماذا يحاول المالكي باصرار على الخروج عن الدستور و لماذا يتشبث بكرسيه رغم سعة القوى المعارضة له . . ؟؟

هل يخاف من حساب الشعب ان نزعت عنه حصانة كرسيه ؟؟ هل يخاف من التقييم و الحساب عن كيفية سقوط الموصل التي يبدو ان لديه يدٌ في تركها تسقط بذلك الشكل المأساوي؟ ام هو شعوره بالذنب الذي يجعله يطمح الى فرصة اخرى، عسى ان يرقّع ماتسبب به، عاجزاً عن ادراك لااهليته للمنصب الذي شغله لدورتين !! لا اهليته لقيادة و تنفيذ العمل من اجل تحقيق حكم وطني برلماني تعددي . . ناسياً ان الإنتخابات اسفرت بالنسبة لائتلاف دولة القانون عن حصول حزبه (الدعوة) على 13 مقعدًا فقط ضمن ذلك الإئتلاف.

الأمر الذي يطرح تساؤلاً كبيراً . . على ماذا يعوّل المالكي في دعم اصراره ذلك و تحقيق هدفه في دورة ثالثة ؟؟ هل يستند على الحرس الثوري الايراني لتنفيذ مايريده بالقوة و بالتلويح بها ؟؟ ام هل سيتوجّه للتفاهم مع داعش كما فعل الدكتاتور السوري بشار الأسد للحفاظ على كرسيه و تنازل لداعش عن اكثر من ربع الارض السورية، وغضّ النظر عن استيلاء داعش على آبار النفط و اخذ يشتري منها النفط الخام و منتجاته ايضاً عبر وسطاء متنوعين ؟؟؟

31 / 7 / 2014 ، مهند البراك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) لانسلّمها لغيرنا . .

  كتب بتأريخ :  السبت 02-08-2014     عدد القراء :  2532       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced