العراق في خطر وهل من ولادة طبيعية من مخاض العملية السياسية
بقلم : فاضل پـولا
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

انصرمت على سقوط النظام العراقي السابق احدى عشر سنة ونيف ، وحالة العراقيين غنية عن وصف مآسيها واحداثها المهلكة .. تلك التي لا زالت تصور هول الأشلاء المتناثرة وبرك الدماء في الشوارع والمحلات العامة ، تاركة بصمات الدمار على كل آليات اعادة بناء البلد المخرب.

على هذا الوضع المأساوي ، ينام ويصحو شعب العراق ليتصدى لمهام صعبة ، ونيسجه الإجتماعي مهلهل ومتهرىء ، يتيح لكل مارق أن يلعب دوره في انواع العبث والإعتداء .

وإزاء ذلك ، لا زالت القوى السياسية  العراقية تعلن عن تحمل مسئوليتها التاريخية في هذا الوضع الدقيق الذي يمر به الوطن المبتلى ، لكنها ما فتئت تبحث بارتباك عن بودقة عراقية ، تستوعب صهر الآراء  والإتجاهات المتباينة كافة ، وبلورة موقف وطني يكون بمستوى التحدي المطلوب لإنقاذ العراق من مأزقه . ولا زالت رهانات القوى السياسية في هذا المسعى ، متضاربة ويشوبها  الكثير من التخبط  ، والنتيجة لا زالت غير واضحة ، لا للعيان  ولا حتى في الموشور السياسي .

وبقدر توفر حسن النوايا في تخطي المحن ، كان التعثر في التطبيق العملي يفرض نفسه نتيجة الإصطدام بازدواجية المواقف عند كتل عديدة فاعلة في العملية السياسية التي كانت على الأغلب تتأثر بولاءات ، منها حزبية وطائفية واخرى عشائرية .

ولا زال فرقاء العملية السياسية في تماهل يخوضون في جدالات بيزنطية تلحق الضرر الكبير بالمصلحة الوطنية  الملحة التي كانت دائماً البديل الملح في انهاء الفوضى المتحكمة في عموم البلاد  لا بل تعتبر حجر الزاوية في بناء العراق الجديد . وأن هذا التخبط ، لا يثير العجب لما كان المجتمع العراقي  يعاني من حالة  تمزق كانت ولا زالت عاملاً  في تأزيم الوضع السياسي في عموم البلاد الى جانب العوامل الأخرى المنسوبة الى تدخل دول الجوار المستمرة في اجنداتها التخريبية في بلدنا بالدرجة الأولى وفي دول عربية اخرى .

على هذا المنوال تسير الأمور على مدى هذا العمر للوضع السياسي الجديد . ولازال الشعب يحصد نتائج تلكؤ العملية السياسية ، بسبب تباين مواقف فرقائها الذين وُضعَ بأياديهم مصير الناس ومستقبل الوطن . وقــد لمسنا فــي قدرات الحكومــة التي قامت على مبــدأ التوافق والمراضـاة الشكليــة احياناً  الكثيــر مــن الترهـل والضعف فــي مجابهــة الأوضـاع المتردية التي غدت تسير من سييء الى اسوأ ، حيث كانت الخروقات التي تترى من داخل وخارج العراق على اشدها ، وتحدث ارباكاً شديداً فــي اداء الحكومة لواجباتها الأساسية وتُصرِفها عـن متابعة المسيئين والمفسدين فــي مؤسسات الدولة ، ليعم الفساد في معظم المرافق الحيوية للبلاد . واضحت العملية السياسية تسير في طريق وعر المسالك ، تجتاز فيها صراعات دامية مع جبهة ارهابية شرسة ومتعددة الأطراف والمهام في القتل والتخريب ، وأخيراً وصل الركب السياسي المتعب الى محطة تقرير مصير الوطن .

إن وضع العراق يضرب العالم المثل في شدة تدهوره ، حيث يضطرم لهيب الفتنة والتمزق في طول وعرض البلاد . ترى من أين تأتي سيادة ذات نظرة موحدة ورأي سياسي واحد ، والحكومة المنتظرة لازال المعنيون في تشكيلها في حالة من الإنقسامات السياسية والطائفية والعشائرية . وتعاني من ازمات على اشكالها لعقد من السنين .. حتى وجد الجميع انفسهم عاجزين عن توحيد الإرادة  لوقفة تاريخية مهمة جداً ، وهي انقاذ الوطن في حراك سريع  لتجاوز جميع المثبطات والإنصراف بروح وثابة لإستئصال الورم السرطاني الذي بات يهدد العراق وشعبه .

ولكي لا نكون في منأى عن المغزى المطلوب في هذا الموضوع ، نشير الى بديهية ، نستخلص منها ما معناه : أن العناصر التي تتسابق على شكل قوائم او افراد  لتحمل المسئولية في هذا الوضع الراهن  اي الظرف الدقيق الذي يهم استقلال العراق  ومستقبله كدولة ، لابد لهم أن يعوا  دقة الوضع السياسي وخطورته . وبخلاف ذلك ، يبقى كل ما يُصرَّح به و ما يُسرَّب مــن اخبار عن اللقاءات والإجتماعات ، مجرد ( صيحة في وادي ) اي مضيعة للوقت الدقيق والمهم في انقاذ الوطن الذي تدنسه اقدام ارذل  الغزاة .

شئنا أم ابينا أن الكارثة التي فاجأت العراقيين والعالم بإختراق داعش لحدود كردستان واحتلال بلدتي زمار وسنجار بإكتساحها لقوات ( البيشمركة ) وفي الوقت الذي ما برحت صولات الغزاة تهدد بغداد من جوانب عديدة وقريبة . كل هذا ،  ينبيء عن تحول العراق الى ساحة حرب تتواصل مع سوريا .

داعش عبارة عن الوف من المقاتلين . فكيف ياترى تتمكن التحرك بهذه السرعة ، وتحقق انتصارات على الأرض في بلد مثل العراق ذي مساحة جوغرافية واسعة وكثافة سكانية كبيرة ويتمتع بعسكرة اكثر من مليون مقاتل . هنا تسكن العبرات .!!

فمن هو المسئول عن هذه الكارثة غير كتل واحزاب سياسية ، يطغي عليها مبدأ تمثيل الطائفة والعنصر ، مما جعلها متضاربة الأهداف والنوايا وغافلة عن العراق ولحمة شعبه . وبعضها انتبذ له مواقع الموالاة ، لا بل التآمر بعد إرتهانه دولاً من الجوار ضالعة في معاداة العراق وتطلعات شعبه .

وقعت الكارثة وشعب العراق منشق على نفسه بسبب المناوأة بين الكتل السياسية والأحزاب التي تعمل بمبدأ " نتفق على أن لا نتفق " وكان هذا دأبها منذ تحملها مسؤولية قيادة العملية السياسية في بناء الدولة العراقية الجديدة بعد سقوط النظام السابق . وتأسيساً على ذلك نقول ، كل طرف منها يتحمل قدراً من المسؤولية عما  حصل ويحصل بالعراق . وفي هذا المآل ، لابد من الإشارة بالقلم الأحمر على مروجي مرض الطائفية وبالتحديد المكوَّن الذي هاله سقوط نظام البعث وادار ظهره للعملية السياسية في تشكيل حكومة العراق في عهده الجديد ، واتخذ لنفسه موقعاً عدائياً متحزباً مع الأصوليين والمسلفيين في محاربة العراق وحرف مسيرته ، متهالكين لإدخال البلاد في اتون حرب أهلية لا تبقي ولا تذر ، ولا زالت محاولاتهم ماثلة في عمليات التفجير والتخريب والتدمير .

وأخيراً استطاعوا تنفيذ مؤامرتهم الخسيسة بعد أن تسنى لهم جمع حولهم شلل من شذاذ الآفاق من القتلة والمجرمين والإنتظام وفق مشروع ، تقوده حكومات عربية معروفة تلك التي تتولى التوجيه والدعم اللوجستي الكامل لهذه الشراذم المعنية في بناء دولة شامية عراقية ارهابية الهوى (داعش)

  كتب بتأريخ :  الإثنين 04-08-2014     عدد القراء :  3318       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced