مقدمة لابد منها لمجرد توضيح فقط :
كان أحد أشقائي يسكن مع عائلته في إحدى مناطق ديالى ، فقد أضطر لترك بيته و الهجرة من هناك مجبورا و مرغما إلى بغداد أبان سنتي الحرب الأهلية " المحدودة "، حيث استولت عناصر القاعدة على بيته آنذاك و عاثوا فيه خرابا و تخريبا ودمارا ، الأمر الذي كلفته الملايين من الدنانير لإصلاحه مجددا ، ليعيش فيما بعد فقرا و زهدا ، بينما الحكومة " الشيعية " لم تعوضه إلا بمبلغ لم يغط ربع ما أنفقه على إصلاح البيت ، وما أن عاد إليه وسكن فيه فترة وجيزة ، و إذا به يتلقى رسائل تهديد تدعوه إلى المغادرة بوصفه " رافضيا و صفويا " ليس له مكان بين "العرب الأصلاء " والقح السفهاء ، مع أنه معروف عنه في المنطقة كناشط سياسي بإنتمائه إلى حزب يساري و عدم قبوله لسياسات أحزاب الإسلام السياسي " الشيعية " ..
ولكن ذلك لم يكن كافيا للقبول به في المنطقة ..
فأضطر للمرة الثانية للمغادرة على أثر تهديدات متواصلة و ملّحة ، ليجد في هذه المرة أن ثمة عائلة من مكوّن أخر وصاحب سطوة و بلطجة و تاريخ عنف ، قد استولت على بيته و سكنت فيه محولة إياه إلى أسطبل للبهائم فقد استخدمت هذه العائلة حتى أشجار الحديقة الباسقة والنضرة أخضرارا ، استخدمتها حطبا للطبخ بعد قطعها و يباسها ، واهملت العناية بالبيت أو صيانته نهائيا و كذلك بالحديقة التي اضحت بقعة متشققة و كانها قطعة من أرض اليباب و القفار الهباب !..
وها هو و بسبب سخونة الأوضاع الأمنية والخطر المهددِ الحقيقي و زحف داعش الداهم يضطر ليترك بيته للمرة الثالثة ، ومن المؤكد أن شقيقي ـــ وأفراد عائلته المكونة من ستة أشخاص ـــ ليس حالة استثنائية في العراق ، أنما توجد آلاف من عوائل مثلهم و من معظم المكوّنات العراقية الأخرى التي عانت و تعاني من نفس المصير المضني ، أي هجرة و نزوحا ، وربما لهذا السبب رفضت أنا الكاتب ـــ و صاحب عمود يومي ــ أن أكتب و بشكل انتقائي عن محنة شقيقي المتجسدة في "رحلة الشتاء و الصيف " المتواصلة و التي يضطر أن يقوم بها لكونه مهدد بسبب انتمائه الطائفي بالولادة فحسب ..
و كذلك نزح أولاد أعمامي و أبنائهم و أحفادهم مع عائلاتهم نحو الجنوب خوفا من المذابح والمجازر ، بعد سيطرة داعش على الجلولاء و السعدية و القرى و البلدات المحيطة بهما تاركين بيوتهم و خيراتهم و ممتكاتهم هناك ..
فيا أوغادا ويا أوباشا من صحفيين مرتزقة على موائد الخليجيين ، ممن تحاولون إبراز " مظلومية " مكّون عراقي واحد على حساب مظلومية باقي المكوّنات العراقية الأخرى من المسيحيين و الأيزديين والشيعة العرب و التركمان والشبك و غيرهم ، فهل أبناء هذه المكوّنات العراقية ليسوا بشرا يتعذبون ويعانون تهجيرا و قتلا ونهبا لممتلكاتهم و اغتصابا لنسائهم ؟!..
أما محاولة البعض الخبثاء واللئيمين الأدنياء لانتقاء حالة من هنا أو حالة من هناك ، لإثبات " مظلومية " مكوّن عراقي ما على حساب مكوّن عراقي أخر ( مثلما في التقرير أدناه ) فهي محاولة وضيعة ومفضوحة ومضرة بالجميع لأنها تصب في تأجيج الفتنة الطائفية وزيادة الأحقاد و الكراهيات المذهبية بين مكوّنات المجتمع العراقي ومحاولة التحريض على الإرهاب و العنف المتبادل من خلال إبراز مظلومية مكوّن و تصويرها و كأنها من فعل و جريرة مكوّن أخر ..