وزارة الحزب ..!
بقلم : علي فهد ياسين
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

خلافاً للبرامج الانتخابية التي اعتمدتها احزاب السلطة في وصولها للبرلمان , والتي كان شعارها المحوري هو ( التغيير ) , لم تتضمن الكابينة الوزارية الجديدة خروجاً عن شقيقاتها الاربعة السابقات في الاعتماد على المحاصصة الطائفية البغيضة , بل زادت عليها في تعميق التحاصص بين مكونات الطائفة الواحدة وصولاالى تقسيم الحصص بين كتل الحزب الواحد , وقد يصل الامر لاحقاً الى اننا نكتشف أن ترشيح الوزير كان جرى وفق التزامات يجب عليه تنفيذها اثناء اعادة هيكلة وزارته , ناهيك عما اشيع من صفقات مالية لشراء المناصب , وصل أمرها الى تهديد رئيس البرلمان ورئيس الوزراء المكلف , بأنهم سيضطرون الى كشف الجهات التي تمارس هذه الافعال للرأي العام .

لقد تعرض الشعب العراقي ومازال , لصنوف الويلات والمآسي نتيجة لهذا المنهج العقيم الذي اعتمدته قيادات الاحزاب التي تحكمت بأذرع السلطات منذ سقوط الدكتاتورية في التاسع من نيسان 2003 , مع أنها كانت أسست معارضتها للنظام السابق على رفضها احتكار حزب البعث المقبور للسلطة واقصائه الآخرين , وأعتماده في ادارة البلاد على مبدء الولاء للحزب دون الاهتمام بالكفاءة مهما كانت على درجة عالية من الاختصاص والمهنية , اذا لم تزكيها بطاقة الانتماء الحزبي التي اصبحت كالسيف المسلط على رقاب العراقيين , لكنها اعادت انتاج نفس سرطان الهيمنه الحزبية وزادت عليه وفقاً لمتطلبات توزيع المناصب والوظائف الرئيسية والمهمة على الكتل والاحزاب المشاركة بالسلطة , بعد ان كانت تلك المناصب خاصة بحزب واحد , مما ادى الى ترهل الجهاز الحكومي على حساب مصلحة المواطن وثروات البلاد من جهة , وضعف امكانية محاسبة المقصرين المحميين من احزابهم من جهة أخرى .

لقد أنتج الاداء الضعيف للحكومات الأربعة الماضية مفاهيم جديدة لم تكن معروفة أصلاً في أروقة الادارة الحكومية العراقية ومؤسساتها , وكان أكثرها رواجاً هو مفهوم ( وزارة الحزب ) الذي تصدر المشهد بامتياز , عندما اصبحت الوزارات تنسب الى حزب وزيرها , واصبح الوزير يقود الوزارة لتحقيق اهداف ومصالح حزبه وجماهيره وليس لتقديم الخدمات لعموم العراقيين , وعلى هذا كانت طواقم ادارة الوزارات ونسب كبيرة من عموم موظفيها يجب ان يدينون بالولاء للوزير وحزبه وليس للعراق وشعبه , وكانت انشطة الوزارات وتعييناتها تحديداً تخص منتسبي حزب الوزير واقاربه وعشيرته , وان زاد شيئاً منها فيجوز ان يباع الى احزاب اخرى , وفق مبدء المقايضة .

لقد اعادت الوزارة الجديدة الى الواجهة اسلوب ( وزارة الحزب ) بدلاً من ان تتجاوزه الى وزارة الشعب , وتم تدوير المناصب بين قادة الكتل واحزابها لضمان بقاء نفس النسب ومراكز النفوذ التي سيطرت على القرار طوال الفترة الماضية , ضاربةً عرض الحائط بوعودها للناخبين بتغيير اسلوب ادارة البلاد , في واحدة من أكبر عمليات النصب السياسي التي اشتركت فيها جميع احزاب السلطة رغم خلافاتها المعلنة في الاعلام , ونسقت فيمابينها لضمان عدم حدوث التغيير وليس لتحقيقه , وقد اعتمدت نفس الوجوه والطواقم مع تغيير في المواقع والمسؤوليات وضمان عودة الوزراء السابقين الى مجلس النواب , ممايوفر للجميع الحصانة أمام القانون , بعد ارتكابهم قوائم طويلة من المخالفات التي يرقى بعضها الى الجرائم الجنائية التي يفرض الدستور وجوب تقديمهم للمحاكم على اساسها , ليس فقط احتراماً لدماء الشهداء انما كذلك لاسترداد ثروات البلاد المنهوبة , اضافة الى أهميته في أن يكون درساً للقادمين الى مواقع المسؤولية .

لقد كانت هناك فرصة للسياسيين ليكفروا عن بعض من ذنوبهم أمام الضحايا , لواعتمدوا على الكفاءة والمهنية في ترشيحاتهم للوزراء من المستقلين غير المنتمين لاحزاب السلطة , لتكون الحكومة مكشوفة لمجلس النواب , دون ان تكون محمية من أحزاب الوزراء ليقف المجلس عاجزاً عن محاسبتها في حالة التقصير , ودون ان يتجاوز الوزير على القانون وبرنامج حكومته وينفذ اجندات حزبه , عندها يكون اجتهاد الوزير وعمله هو الفيصل في بقائه في منصبة , ويكون رئيس مجلس الوزراء متحرراً من الضغوطات التي تفرضها الاحزاب عليه لحماية وزرائها , لكنهم مرة أخرى فضلوا العمل لخدمة مصالحهم على حساب مصالح الشعب , ليضيفوا أربعة أعوام جديدة من الخراب الذي ستنتجه الوزارة الجديدة لأنها ( وزارة الحزب ) وليس وزارة الشعب .

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 09-09-2014     عدد القراء :  2229       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced