معاينة اخرى في مشروع داعش
بقلم : عبد المنعم الاعسم
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لابد من النظر في عمق مشروع داعش، الاسم المختصر عن تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” مُطوّرا الى “دولة الخلافة الاسلامية” في صيغة تتجاوز مشروع القاعدة في الممارسة والتطبيق، كما تتجاوز جميع الوصفات الاسلامية، النظرية والتطبيقية التي طرحت منذ انهيار دولة الخلافة العثمانية، ولعل ابرزها يتمثل في مشروع اقامة دولة الخلافة في باكستان بعد انفصالها عن الهند العام 1945.

وبمعنى آخر، على المخططين والدارسين والمهتمين بالظاهرات السياسية الجديدة، ان لايقللوا من شأن هذه “الحركة” وان لايقعوا في التبسيط التحليلي بالقول انها مجرد “فقاعة” طائفية، او افراز من افرازات احتلال العراق أو رد فعل على “حكم طائفي” تشكل بعد سقوط دكتاتورية صدام حسين، او انها لاتعدو عن شريحة عراقية، اسلامية عروبية بعثية متمردة، فكل هذه التوصيفات تمس جزءا من حقيقة داعش، اقول جزءا، قد لايساعد على رصد خلفيات وزخم ومستقبل هذه الظاهرة في العراق والمنطقة والعالم، اخذا بالاعتبار وقائع انضمام و”بيعة”الكثير من منظمات القاعدة وجمهورها وانصارها الى قيادة داعش وزعيمها ابو بكر البغدادي بسرعة وحماسة لافتة، حتى لم يعد ثمة تبرير حركي وايديولوجي لوجود تنظيم القاعدة وقيادة ايمن الظواهري، في ظل هذا البديل الذي شغل ويشغل العالم الآن..

وإذ لم تتوفر الكثير من “الافكار” والبرامج والتصورات التي يؤمن بها داعش، وليس ثمة هندسة فقهية، دعوية، سياسية، تؤطر طبيعة هذا المشروع (كما كانت القاعدة) فان المراقب لابد ان يضع يده على جملة البيانات والتصريحات والمنقولات المنسوبة لداعش او مواقعها على الانترنيت لكي يسترشد بها الى “العقل” الذي يدير هذا المشروع، لكن الاسترشاد الاكثر اهمية الى عقل داعش يمكن ان الحصول عليه من الممارسات ومعطيات التطبيق على الارض، وهي جميعها تفتح الملف على الحقيقة التالية: ان داعش تمثل طورا جديدا ونوعيا، واكثر بأسا، في الظاهرة الارهابية العالمية، وهي الى ذلك اعلى اشكال التطرف التي عرفها العالم المعاصر، ما يجمع خبرة وتجربة ووحشية وضَلال كل الحركات العنصرية في التاريخ، وبخاصة التي تتخذ من الاديان جسرا الى ترويج مشروعها.

تكفي هنا الاشارة الى اعمال القتل المتوحش من قبل تنظيم داعش ضد الاقليات والطوائف (المسيحيين والايزيديين والشيعة والكرد) ما يدخل في توصيف الابادة الانسانية المحرمة دولية من زاوية الحملة الاجرامية ضد التنوع القومي والديني في العراق، وما لم ترض عنه حتى قيادة الظواهري للقاعدة في افغانستان، كما ذمته المراجع الدينية والدولية والاخلاقية على حد سواء.

في هذا السياق، لم تعد حاجة كثيرة للتفكير في علاقة مشروع داعش بالدين وتبرئة الاسلام من دم الضحايا، فان اطنانا من الكتب تعرضت الى الصهيونية العنصرية، مثلا، وبرأت الدين اليهودي من شنائع “الهاجاناه” ضد السكان الاصليين في فلسطين واعمال القتل بالجملة، لكن الامر بقي على حاله: اليهودية مصدر العنف حتى تثبت العكس، فيما البريء من هذا المطعن هم ملايين اليهود الذين نأوا بانفسهم عن خرافة “شعب الله المختار”.

“لا كلمة اضرّ بالعلم والعلماء والمتعلمين من قول القائل: ما ترك الاول للاخر شيئا’’

ابن عبد البر القرطبي

  كتب بتأريخ :  الأحد 12-10-2014     عدد القراء :  1902       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced