لا يحتاج الزائر المتردد إلى العاصمة بغداد إلى استطلاعات جديدة ، ليكتشف بأن الأحزاب الإسلامية الحاكمة قد جعلت من بغداد أشبه بريف متخلف تتخلله خرائب و نفايات و حفر و أنقاض مع وجود قطعان أغنام هنا و هناك في ساحات وزوايا و أركان بعض شوارع العاصمة ، سيما في أحياء تُسمى ب" الشعبية " ؟!! ، حيث أكوام الزبالة والانقاض المتراكمة أو المرمية بكل عشوائية ولامبالاة ، فضلا عن برك آسنة و تكسرات خاسفة و روائح ناسفة ، منبعثة من بحيرات مياه صرف صحي متموجة بضربة ريح عاصفة !!..
مع شبه انعدام لوجود أرصفة ليسير عليها المشاة براحة و أمان دون أن يضايقهم سواق مستهترين و زعران مستهبلين!..
بينما عاصمة السلام " السابقة " نعني بغداد الراهنة و العابقة بزبالتها الماحقة ، تعيش أيام خسوفها الشاقة ، يحتفل سلاطين بغداد الحاليين من ممثلي هذه الأحزاب الإسلامية الحاكمة الذين أهملوا بغداد و أشبعوها خرابا و أنقاضا ــ ها هم يحتفلون بحلول ذكرى مرور1248 عاما على تأسيس بغداد كأنما مصير بغداد تعنيهم حقا و فعلا !!..
و كأنما أحوال العاصمة بغداد لم تزداد تحت أنظارهم و سلطاتهم تدهورا مزريا ، منحدرة من سيء إلى أسوأ ، لتصبح و كأنها بلدة أفريقية في مجاهل بدائية ، وهم الذين لم يروا من بغداد شيئا آخر غير بقرة حلوب لنهب منظم من خلال مشاريع ومقاولات وهمية لإثراء سريع و ثراء عجيب ..
و إلا فأليس كان من الضرورة و اللياقة بمكان توقيت و تتويج هذه الاحتفال التاريخي بفتح عشرات مشاريع عمرانية و خدمية و ترفيهية و ثقافية ضخمة تعيد لبغداد بعضا من ألقها ووهجها وروحها الخلاقة و الجميلة المشرقة التي كانت عليها في غابر الأيام حينما كانت العاصمة بغداد تسمى بحق و حقيقة بمدينة السلام والثقافة و العلم و المعارف ؟!..
لهذا .....................
فعندما نسمع سلاطين بغداد الجدد من عبعوب أو مهيوب أو دبدوب يتحدثون عن ذكرى تأسيس بغداد وهي في حالتها المزرية و الرثة الراهنة هذه ، نكاد نسمع النبرة الحزينة و المؤلمة لصوت تلك الأم المسكينة و المفجوعة عندما قالت لزوجها شاكية حالها بكل مرارة :
ــ آني بيحال و أنت تدغدغني............
عندما عبعوب و مهيوب و دبدوب يحتفلون بيوبيلية تأسيس بغداد !!
