في عيد الجيش !
بقلم : د. مهند البراك
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لعب الجيش دوراً كبيراً في تأسيس الدولة العراقية و الدفاع عنها في البدايات . . و فيما لعبت نخب من ضباطه و مراتبه و جنوده (*) ادواراً هامة في اسناد الانتفاضات الشعبية كما في انتفاضة تشرين الشعبية عام 1952 بتكاتف القوى الوطنية حينها . . . حين كان الجيش مدرسة للوطنية بفعل عوامل موضوعية متنوعة رغم انف الطغاة، و حتى تكللت جهود تلك النخب بقيام ثورة 14 تموز و الإعلان عن قيام الجمهورية العراقية التي حوّلت البلاد الى مرحلة جديدة دعت الى الحرية و الديمقراطية و التقدم الإجتماعي و التآخي القومي و الديني و المذهبي، قبل ان تنتكس .

لعبت مجاميع من كبار ضباطه ادواراً سيئة بسبب انانيتها و تطلعاتها القومية الشوفينية، ادّت الى خسارات متنوعة و الى تكوّن طغم مالية عسكرية، ادّت بالتالي الى قيام دكتاتوريات عسكرية، عن طريق القيام بأنواع الإنقلابات التي لم تؤدي الاّ الى قيام حكومات دكتاتورية فردية اعاقت نمو البلاد و غمرتها بمستنقع الفقر و الجهل و المرض . .

كانت اخطرها و اشنعها و بطرق ملتوية معقدة دكتاتورية صدام التي اشعلت الحروب في المنطقة بحثاً عن مزيد من التسلط و الاستغلال لصالح طغم عائلية بالترابط مع مصالح دوائر خارجية، راح ضحيتها مئات الألوف من خيرة شباب الوطن بكل اطيافه و مكوناته في ساحات و سواتر المعارك او على يد فرق الإعدام و القوانين العسكرية الرهيبة و عقوبات الموت . . رغم محاولات من مجاميع من الضباط و المراتب لتعديل المسار او للانتفاض على القيادة الدكتاتورية المجرمة، انتهت بالفشل و نُكّل تنكيلاً وحشياً بمن نشط فيها و برزت فيها اسماء الفريق عدنان خير الله، العقيد الركن محمد مظلوم الدليمي، تجمّع الضباط الجبور . .

و لابد من التذكير بأن انتفاضة آذار شعبان المجيدة عام 1991 اطلق شرارتها عسكري بطل انسحبت وحدته اثناء انسحاب الوحدات العسكرية بأوامر صدام، بعد ان تحطمت بأوامره نفسه بإحتلال الجارة الكويت . . حين اطلق العسكري النار على جدارية الدكتاتور في ساحة سعد بمركز مدينة البصرة، فهبّ افراد الجيش المنسحب و تلاحموا مع الشعب الذي انتفض لدكّ عرش الطاغية، الاّ ان الإنتفاضة اخمدت بالحديد و النار و بوحدات الحرس الجمهوري و انواع الوحدات الخاصة سيئة الصيت التي صارت بمجموعها بعدئذ هي الذراع العسكري للدكتاتور، و أُهمل الجيش حتى صار افراده يستجدون الطعام و الملابس هائمين في الشوارع . .

و يخوض الجيش العراقي اليوم و القوى الأمنية و القوات شبه النظامية معارك قاسية ضد قوى الارهاب الشريرة داعش و اخواتها، المدعومة من أنواع البيوتات الدولية و الإقليمية تحت رايات الطائفية البغيضة، التي ادّت اعمالها الإجرامية الى احتلال مايقارب ثلث البلاد من جهة . . فيما قدّمت و تقدّم من جهة اخرى القوات المسلحة العراقية ـ بضمنها قوات البيشمركة الباسلة في كردستان العراق ـ انواع التضحيات و البطولات من اجل تحرير الاراضي المحتلة من يد داعش الإجرامية.

في وقت عانى و يعاني الجيش فيه من بناء و تدريب ضعيفين و من تمزق بسبب المحاصصة الطائفية و العرقية التي ابتليت بها البلاد، بعد ان كانت حلولاً مؤقتة لحل الأزمات و الفراغات، التي نشأت بسبب حلّ الجيش و اعلان الإحتلال و مقاوماته المتنوعة السياسية و العسكرية. و يحمّل متخصصون مسؤولية الضعف ذلك، قيادات عسكرية فاسدة و اخرى تدين بالولاء لأشخاص لاخبرة عسكرية لديهم ابرزهم المالكي في رئاسته، اضافة الى اهمال و طرد اعداد كبيرة من الضباط الذين تحتاج كفاءاتهم البلاد، بجريرة كونهم من العهد المباد دون التريث بدراسة اوضاعهم .

الامر الذي جعل الجيش و القوى الامنية قابلة لإختراقات خطيرة من قبل الإرهابيين والمجرمين، كانت من نتائج ابرزها كسر و تهريب اعتى الإرهابيين من سجن ابو غريب و قمّتها سقوط الموصل بيد داعش الإجرامية، و جعل من الجيش مؤسسة عاجزة عن اداء دورها الدستوري. فالتعيينات واختيار القيادات والملاكات فيه، كان يعتمد الانتماء السياسي والولاء الطائفي والقومي وليس معايير الكفاءة والمهنية، اضافة الى عوامل متنوعة يضيق بها مقال، ادّت الى تشكيل جيش ضعيف، لاعقيدة قتالية واضحة لديه . رغم انواع المطالبات و التحذيرات من قوى و شخصيات وطنية عسكرية ومدنية و مطالبات برلمانية من اجل حلول، الاّ انها أُهملت . .

و بمناسبة الذكرى الرابعة و التسعين للعيد، تزداد مطالبات اوسع الفئات و المكونات باهمية و ضرورة بناء قواتنا المسلحة على أسس وطنية سليمة، بعيداً عن الانتماءات التكوينية، وإبعادها عن الصراعات طائفية كانت ام دينية او سياسية، و عن الولاءات و الصراعات الفردية. و تقوية العقيدة الوطنية القتالية فيها على اساس العراق الإتحادي الدستوري الموحّد . . و اعتبار النضال ضد الارهاب و من اجل حق شعبنا بالحياة و الأمن و الحرية ، الهدف المقدس الأساسي للجيش . وان تجري تربية منتسبيه بروح الولاء للوطن واحترام المؤسسات الديمقراطية.

و السعي الى إعادة العمل بالخدمة الإلزامية تعزيزا لروح المواطنة لعموم الشعب، و كما تتزايد المطالبات الشعبية بها، على اساس انه بدون ذلك لن تتمكن القوات المسلحة من النهوض بدورها المنتظر على الوجه المطلوب. الأمر الذي يتطلب مواصلة مكافحة الفساد فيها بلا هوادة و محاسبة و معاقبة و تنحية الفاسدين و الجبناء و الوصوليين من اركانها و قياداتها . .

و الإنهاء العاجل لملف (الفضائيين) الذي وضع اليد عليه و اعلنه السيد رئيس الوزراء الدكتور العبادي . . و الإعادة السريعة لبناء الجيش على اساس تحويله من (جيش المالكي شبه الفضائي) الى جيش البلاد، على اساس تحقيق المصالحة الوطنية التي تحققها الجهود المتفانية للقوى و الأحزاب المشاركة في العملية السياسية، وطنية متنوعة سنيّة و شيعية، عربية و كردية.

و تتزايد المطالبات بالتشديد على حصر السلاح بيد الدولة، وعدم السماح للمظاهر المسلحة خارج المؤسسات الرسمية من خلال مليشيات او جماعات مسلحة مهما كانت مسمياتها، التي تستّرت بها انواع العصابات الإجرامية، من عصابات الكواتم الى عصابات الإختطاف، و تستّرت و تتستر بها انواع التدخلات الخارجية. و تشريع القوانين الصارمة لضبط ما تشكّل منها لضرورات واجبات الدفاع و ما يمليه النفع العام من تشكيلها . . الأمر الذي يساعد القوات المسلحة و قوى الأمن على أداء واجبها في حفظ الأمن والاستقرار.

اضافة الى الأهمية الكبرى للعناية و الإهتمام بجرحى المعارك و ادامة التجهيزات اللوجستية و الإدارية، و تطبيق نظام الحوافز و التشجيعات و المكافئات و تحسين الرواتب على قدر جهود المقاتلين ضد داعش الإجرامية و مشاق معارك مواجهة وحوش كاسرة، تريد إشاعة الفوضى والذعر في حياة العراقيين، على اختلاف أديانهم وطوائفهم وقومياتهم.

6 / 1 / 2015 ، مهند البراك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) راجع البحوث و الكتابات عن منظمات الضباط الأحرار و شخصياتها في سنوات الحكم الملكي.

  كتب بتأريخ :  الخميس 08-01-2015     عدد القراء :  2217       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced