خطورة الخبر الذي يفضل ناقله عدم ذكر اسمه ..!
بقلم : علي فهد ياسين
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

وفر سقوط الدكتاتورية في العراق فضاءاً واسعاً لحرية الاعلام باعتباره السلطة الرابعة في الأنظمة الديمقراطية ، وقد كفل الدستور العراقي ( على علاته ) حماية تلك الحرية من خطورة التعسف السياسي والاداري ضدها ، لكن منظومة الحكم التي خضعت للتقاسم الطائفي للسلطات ، فشلت في الحد من استخدام الاعلام كسلاح للهدم من قبل أطراف سياسية باتت معروفة لاسباب عديدة ، لعل أبرزها أختيار أحزاب السلطة كوادر حزبية لأدارة مؤسسة الاعلام الرسمية التي يفترض أنها مستقلة استناداً للدستور العراقي ولعنوانها الذي يؤكد استقلاليتها الوظيفية ، ناهيك عن تجاوز الكفاءة المهنية في أختيار هؤلاء ، لصالح الولاءات الشخصية على حساب المصلحة العامة التي يفترض وضعها فوق كل اعتبارفي هذه المواقع المهمة في اعادة البناءالفكري والثقافي للمواطن العراقي ، بعد عقود من القمع والواحدية الاعلامية البغيضة .

لقد أعتمدت أحزاب السلطة مجتمعة منهج التسويف في عرقلة أقرار قوانين مهمة تضمنها الدستور العراقي ، خدمةً لمصالحها الضيقة على حساب المصلحة العامة ، لعل من أهمها قانون الأحزاب الذي لازال مركوناً على رفوف التوافق ، رغم أهميته في تنظيم الحياة السياسية في البلاد من خلال كشف مصادر تمويل الأحزاب التي تدير من خلالها وسائلها الاعلامية الموجهة للشعب ، والتي يساهم الكثير منها في أرباك الوضع السياسي بشكل عام والأمني على وجه الخصوص ، والذي كان مصدراً فاعلاً في أكثر من مناسبة أجج فيها الصراع السياسي وزحف به الى مواجهات دموية شرسة ، دفع الشعب ضرائبها دماءاً زكية من خيرة أبنائه ومايزال .

لم تكن الديمقراطية على مدى تأريخها وفي جميع البلدان التي أعتمدتها منهجاً لأدارة الدولة ، مصدراً للفوضى المفضية لاراقة الدماء وسرقة المال العام وتعطيل مشاريع البناء والمحسوبية والفشل العام على جميع المستويات ، ولم تكن كذلك في كل تجارب الشعوب فضاءاً للصراعات السياسية العقيمة وتعطيل القوانين وحماية المجرمين ، لكنها في العراق كانت ولازالت كل تلك العناوين السوداء ، نتيجة الاداء السياسي الهزيل للنخب الحاكمة التي أثبتت عدم اهليتها لمواقعها الوظيفية الخطيرة في مرحلة اعادة بناء البلد بعد سقوط الدكتاتورية .

لقد حول الساسة في العراق مفهوم الأعلام الى ثرثرة واستعراضات شخصية أمام كاميرات التصوير التابعة لوسائل اعلام مدفوعة أثمانها من قوى داخلية وخارجية تتلاعب بالشأن العراقي وصولاً لمصالحها الخاصة ، ولم يفهم الثرثارون أمامها دورها المدمر للعراق طوال السنوات الماضية ، حتى أنقسمت الساحة العراقية التي قسمها التحاصص أصلاً ، الى معسكرين متحاربين لايمكن بناء البلاد وفق اسلوبهما العدائي المتنابزكأنهم في بلدين متحاربين .

لكن أخطر مافي فوضى الاعلام في العراق هو اسلوب اطلاق خبر مهم دون الاعلان عن مصدره ،   تحت ذريعة مايسمى بـ ( حماية الجهة الاعلامية لمصادر معلوماتها ) ، وهو حق يراد به باطل ، لأنه لايتوافق مع أوضاع العراق الاستثنائية نتيجة ماتتعرض له البلاد من هجمة شرسة للارهاب ، خاصة الاخبار التي تتسبب في تأزيم الوضع السياسي والامني المتدهور أصلاً ، حتى وصل الامر الى كشف خطط عسكرية وتعليمات أمنية تتعلق بحماية حياة المواطنين ، من قبل بعض وسائل الاعلام المعروفة بعدائها للعراقيين واصطفافها مع الارهاب ، دون أن تحرك السلطات العراقية السياسية والقانونية ساكناً ضدها ، بحجج واهية ترتبط بقراءات خاطئة لمفهوم الحرية الاعلامية ومفهوم الحريات بشكل عام ، وكلما حاولت جهة حكومية التصدي لهذه القنوات والجهات الاعلامية السوداء ، كان الاتهام جاهز بانها تضييق على الاعلام وتخرق الدستور .

لقد بنت قنوات اعلامية بعينها جيوشاً من المنتفعين من سياساتها داخل العراق باسلوب شراء الذمم نتيجة لضعف المؤسسات القانونية والادارية التي يفترض أنها تراقب الاداء الاعلامي في الساحة العراقي المشتعلة بالصراعات ، وهي تساهم في ارباك الاوضاع الامنية بشكل واضح للعيان ولايحتاج الى المزيد من الشواهد والوثائق والبينات ، اضافة الى أن لها رجالاتها في مفاصل الدولة وفي اعلى المستويات ، وملفاتها موجودة في مدارج الوثائق الخطيرة في المكاتب الحكومية الامنية والقضائية منذ سنين ، فهل يتحرك القضاء العراقي لحماية الشعب من انشطتها المدمرة ، خاصة مايتعلق بـ ( المصدر الذي يفضل عدم ذكراسمه ) ليوقف أحد أخطر اساليبها في اللعب الاعلامي الموظف لاجنداتها السياسية ؟ أم أن سطوتها وأذرعها الفاعلة أقوى سلطةً من القوانين النافذة وأكثر أهميةً من الدستور؟ !.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 14-01-2015     عدد القراء :  2124       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced