خطورة ( اللعب ) الأعلامي
بقلم : علي فهد ياسين
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لايختلف العراقيون على النتائج المخيبة لآمالهم نتيجة الأداء المرتبك لأحزاب السلطة منذُ سقوط الدكتاتورية التي أذاقتهم مر الهوان طوال أربعة عقود من القمع والتسلط والحروب والقتل وتبديد الثروات والفرص التي توفرت لبناء العراق ، ولايختلفون كذلك في ادراكهم أن تلك الأحزاب كانت ولازالت تسعى بكل السبل للبقاء في مواقعها في السلطة ، حتى لو تبادلت قياداتها تلك المواقع ، طالما توفرت الضمانات لاستمرار مكاسبها في السلطة والمال ، ويدركون كذلك أن ( حركة ) التبادل بينها ، تتم وفق اساليب واتفاقات تضمن مصالح الجميع .

ولم تستطع تلك القيادات على أختلاف مرجعياتها الطائفية والقومية ولن تستطيع ، هي ومؤسساتها الأعلامية ولا أحزابها ولا المدافعين المأجورين عنها ، طوال العقد الماضي والآن ، تبرير الخراب العام الذي ضرب حياة العراقيين ومازال أكثر شراسةَ وتأثير مدمر ينذر بالكثير الأسوء والأشد فتكاً ، بعد موجات القتل المتصاعدة ، التي لازالت تأكل من لب قلوبهم دون قلوب ومصالح قادتهم المتنعمين !.

المثير للجدل في العراق ، ليس أداء السياسيين فقط ، رغم محوريته في ذلك ، لكن الأكثر أهمية هو التسويق الاعلامي لأدائهم وأداء أحزابهم ، التي تتكفل به المؤسسات الاعلامية التي أسسوها بمال عام ، ( استناداً الى أن تلك الأحزاب هي بالأصل لم تكن تملك هذا المال قبل سقوط النظام السابق ) ، والتي لازالت تُذكي الصراع وتُديمه على حساب المصلحة الوطنية التي تخدم العراقيين .

في هذه المرحلة الخطيرة من تأريخ العراق ، ومع شراسة المواجهة مع عصابات ( داعش ) ، وبعد الأنتقال المفترض الى صفحة جديدة من العمل المشترك لتلك الأحزاب ، ومع تشكيل حكومة الدكتور العبادي التي تمثل أتفاقاً عريضاً على مهام كانت معطلة في ظل الحكومة السابقة على قاعدة الخلافات بين أطراف السلطة ، لازالت خطورة ( اللعب ) الأعلامي على الساحة العراقية تشغل مساحة واسعة من الصراع يومياً ، دون الاكتراث لتأثيراتها المدمرة على العراقيين .

ومثالها اليوم مانشرته وكالة كل العراق ( أين )** حول تصريح للمالكي تحت عنوان ( المالكي .. سأعود الى الحكم أذا طالبني الشعب بذلك ) ، وهو عنوان خطير في هذا الظرف بالذات ، صاغته الوكالة بتحريف بائن يتقاطع مع أصل التصريح الذي ذكرته في تفاصيل الخبر ( لا نية لي بالعودة الى رئاسة الحكومة ، الا أذا رغب الشعب بذلك ) ، ثم الحقت الوكالة عن المالكي عبارة ( أذا قرر الشعب العراقي انتخابي ، لن أرفض ذلك ) ، ثم تابعت ( وأستدرك بالقول ، أذا سئُلت شخصياً عما أذا كنت أسعى لأكون رئيساً للوزراء ، كلا لا أسعى الى ذلك ) !.

العنوان الذي أعتمدته وكالة ( أين ) وهي تنقل تصريح المالكي ، قد يكون مناسباً لحاكم يصرح من منفاه الاجباري ، وليس لنائب رئيس الجمهورية ، قبل أن يكون عنواناً صادماً ومحرضاً وغير مناسب في هذا الوقت بالذات ، ناهيك عن أن تفاصيل الخبر المنقول تتقاطع مع مفهوم عنوانه الملفت وغير المقبول ، خاصة وأن الرجل زعيم لفصيل أساسي ومهم على المسرح السياسي العراقي المرتبك أصلاً ، والذي تحركه التصريحات غير المنضبطة باتجاه المواجهة بين الاطراف السياسية طوال العقد الماضي وماتزال ، فما الغاية من التلاعب بتصريحه الواضح باتجاه الادغام والتطيير والخطورة الموحية بالتمرد ، أذا كان التصريح لم يخرج بالأصل عن التقاليد الديمقراطية التي تسمح له ولغيره من القادة الارتقاء الى منصب رئيس الوزراء بالانتخابات ؟ !.

لقد ترأس المالكي حكومة العراق بعد حكومتين أدارهما أياد علاوي والجعفري ، وكانت الحكومات الأربعة مخيبة لآمالنا في بناء الوطن ، ولم يكن هناك تقصيراً من الشعب في جهده للوصول الى حلمه الكبير في الاستقرار ، فقد قدم قوافلاً من الشهداء على مذبح تنصيبهم ، ولازال حالماً بالآمان والحياة الكريمة وهو يضع ثقته الآن بحكومة الدكتور العبادي معتبراً أنها حكومة خلاص ، لكن هذا الحلم الكبير والأثير على العراقيين لازال مهدداً بالمخاطر ، أذا كانت وسائل الأعلام المجازة من الحكومة العراقية لاتحتكم الى الضمير المهني ولا تخشى القانون في خطابها الاعلامي المثير للجدل ، وفي هذا المجال لاتنفرد وكالة ( أين ) في هذا الفعل غير المقبول ، بقدر ماتنتظم مع قائمة طويلة من المؤسسات الاعلامية التي يعرفها العراقيون وتُديرها الاطراف السياسية الفاعلة في العراق ، فهل تعيد تلك الأطراف قراءة حساباتها قبل أن يضعها الشعب في أقفاص الأتهام ؟ أم أنها لازالت تراهن على قدرتها في تضليله ؟

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 03-02-2015     عدد القراء :  2250       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced