تقسيم العراق نتيجة ملازمة للصراع الطائفي
بقلم : فاضل پـولا
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

الخوض في هذا الموضوع للوصول الى اساسياته من خلل مجريات الأحداث المهولة ومسبباتها ، يدعونا للعودة الى ايام الحرب العراقية الإيرانية واسباب قيامها .

قامت الدولة الإسلامية في ايران تحمل معها مشروع تصدير الثورة ، ونظام البعث في العراق يزهو بقوته وسيطرته  ، وكان قد سبق له التنازل للنظام الشاهنشاهي الإيراني عن جزء من الأرض العائدة للعراق وفق معاهدة تايلوك ، لكي يحافظ على سطوته المتجسدة في حكم عشائري دكتاتوري بقيادة صدام حسين ، الذي كان قد تسلم زمام السلطة العراقية بعد تصفية الحساب مع مجمل القوى السياسية وجعل من العراق من شماله الى جنوبه خاتماً في بنصره . ففي تلك الفترة ، تركت الثورة الإيرانية ايحاءاتها في جنوب العراق لتكوين احزاب دينية من  المبتهجين والمؤمنين بثورة إيران وقائدها السيد الخميني . وبنفس الوقت جنحت حكومة الثورة الإيرانية نحو تمتين العلاقات بدرجة عالية مع نظام البعث السوري المعادي للنظام العراقي . ومن هنا نجم الحذر ، وبعده العداء بين الطرفين ( ايران والعراق ) واخذ الحذر من ايران بالتوسع الى الساحة العربية السنية ، وذلك بعد قيام ايران بارسال الموسوي الى لبنان لتحفيز المكون الشيعي هناك ، وأخيراً تكونت قوة عسكرية من ابناء الشيعة هناك تحت اسم حزب الله صاحب الموالاة القوية لإيران.

تعاظم الإحتقان بين العراق وإيران ، وتمخض ليلد حرباً ضروساً قلب الموازين في منطقة الشرق الأوسط ، وخاصة في مواقف الدول العربية . منها من ناصر العراق على إيران كالأردن واليمن والكويت والسعودية ، وعلى عكس ذلك ، وقفت سوريا مع ايران .

وفي خضم تلك الأحداث ، ازداد تحفظ نظام البعث من الجماهير الشيعية في العراق ، واخذ يلاحق احزابهم بقسوة . ولم يتوقف عند ذلك الحد ، بل طارد الكرد الفيليين العراقيين وعمل بهم مذبحة بالتصفية والتهجير الجماعي ، كونهم من المكوَّن الشيعي ، كما التفت الى الآلاف من العوائل العراقية وقلع جذورهم من وطنهم تحت حجة (  التبعية ) وتلك كانت ذريعة خبيثة للتخلص منهم كشيعة  .

كانت تلك الظاهرة بداية لبعث روح الطائفية في المجتمع العراقي ، وطفقت تتصاعد مع رحى الحرب المدمرة التي اتت على مدى ثمان سنوات على الحرث والنسل .

وبعد أن وضعت الحرب اوزارها ، خلفت وراءها حقداً جماهيرياً دفيناً على النظام العروبي العشائري ، وبالتحديد عند الشيعة الذين كانت نسبة الخسائر في صفوفهم اضعاف ما  كان عند بقية المكونات العراقية .  وكانت الإنتفاضة الشعبانية بعد هزيمة العراق في الكويت ، انعكاساً لذلك الحقد . وكانت ايضاً إيذاناً بولادة الصراع الطائفي ، وبدليل كانت تلك الإنتفاضة مقصورة على الشباب الشيعي دون السنة الذين اعتبروا ذلك التحرك من صنع ايراني .

بعد سقوط النظام البعثي ، اندفع الشيعة بقوة لسد الفراغ في الساحة العراقية  بعد الإطاحة بهرمية النظام من الأعلى الى الأساس . وتشكلت حكومة في غياب السياسيين من السنة الذين نأوا بانفسهم ، يؤازرون رجالات البعث القاصدين دولاً عربية من سوريا وسعودية ودول خليجية اخرى ، بالإضافة الى حواضن عشائر الأنبار .

وبمرور الوقت ، تزايد سعير الطائفية وتولد صراع دامٍ في عموم الساحة العراقية كما جرى تصاعده بخطوط بيانية ، تؤشر قيام حرب اهلية بين الطرف العراقي السني مدعوماً من دول عربية سنية ، وبين الطرف الشيعي مدعوماً من ايران . ودارت دوائر ذلك الصراع حتى شمل المحافظات والمناطق والأحياء . ونتج عن ذلك ، التهجير والترحيل بين الطرفين . واليوم من النادر مشاهدة سنة في مدينة شيعية او قرية أو حتى منطقة ، ونفس الصورة بالنسبة لوجود الشيعة  في اماكن السنة .

طيب لما كان هذا وضع الشعب العراقي على خارطة الوطن . الشيعة لهم محافظاتهم ودساكرهم ومحلات سكناهم ، والسنة على نفس الوضع في الجانب الآخر . والأكراد في فدراليتهم شمال العراق . لماذا نحمل دول اجنبية مسئولية تقسيم العراق المتوقع . والمتهم الأكبر في هذه المشروع هو اميركا التي يعتبرها البعض بأنها على رأس مؤامرة لتقسيم العراق .!! اما ترانا كنا دائماً ومازلنا وسنبقى نرمي بمسئولية فشلنا على غيرنا ..؟

أما اميركا في منطقة الشرق الأوسط الحساسة جداً بالنسبة اليها ، تتصرف بالشكل الذي يوفر لها حماية مصالحها  قبل كل شيء ، وهذا واقع لا جدال فيه . ولكن هذا لا يستدعيها التآمر على بلد آمن يبني نفسه بعيداً عن المساس بأمن واسقرار المنطقة . الم تكن اميركا هي التي حررت العراق من نظامه القمعي الجائر الذي استعبد العراقيين طيلة اربعة عقود من الزمن .؟ نعم احتلت العراق ، وأخيراً انسحبت نزولاً عند طلب الحكومة العراقية ... انسحبت وهي مثقلة بخسائر فادحة بالأرواح وبالأموال  . ومنها مبالغ كبيرة تقدمت بها لمساعدة الحكومة العراقية الفتية ، وتم سرقتها من  قبل ازلام تلك الحكومة .

أن تقسيم العراق وارد من خلال وضعه السياسي اصلاً . وهو ناجم عن الصراع الطائفي الذي نحن بصدده . ليس هناك قوة ولا دولة تستطيع النيل من وحـدة شعب متماسك ومتمسك بلحمته ، ولا تتجرأ بتغيير حدوده الوطنية ، طالما كان عليها شعب يدافع بيد واحدة وأرادة موحدة عن تلك الحدود .

العراقيون جميعاً هم المسئولين عن مستقبل وطنهم وليست اميركا ولا غيرها . وعليه نقول مادام  الوضع المجتمعي العراقي على هذه الصورة ، ستبقى علة العراق والخوف من التقسيم  من ابنائه وليس من غيرهم .

  كتب بتأريخ :  الإثنين 16-02-2015     عدد القراء :  2337       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced