يا مُهَمَشي العراق ...... إنــــــتـــــــــفـــــــــــضـــــــــوا
بقلم : د. صادق إطيمش
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

الصرخة التي اطلقها رئيس جمعية المكفوفين العراقيين السيد احمد كريم فاضل تثير الألم والغضب في آن. لا لكونها الصرخة الأولى التي يطلقها المظلومون في عراق الإسلام السياسي. وسوف لن تكون الأخيرة ابداً إذا ما ظلَّ قادة واحزاب ومناصري التجارة بالدين يتربعون على كراسي الحكم وقيادة العملية السياسية في وطننا العراق الذي اوصلته زمر الكذب والدجل واللصوصية هذه لأن يتبوأ المركز الثالث في الإنحطاط سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً بين جميع دول عالم القرن الحادي والعشرين من عمر البشرية.

من خلال الرابط التالي يمكنكم الإطلاع بالصوت والصورة على هذه الصرخة التي تميزت عن مثيلاتها من صرخات المهمشين الكثار في وطننا الذين اوصلهم جشع وطمع قادة العملية السياسية من المبسملين المحوقلين، بمناسبة وبغير مناسبة، إلى هذا العدد الهائل المنتشر على كل ربوع الوطن شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً.

https://www.facebook.com/video.php?v=415377091920951

ما يميز هذه الصرخة عن مثيلاتها التي تكررت بشكل هائل منذ سقوط دكتاتورية البعثفاشية وحتى يومنا هذا، هو ذلك الوضوح الذي لم يجامل فيه السيد رئيس جمعية المكفوفين كل مَن إلتجأ إليهم من سيدات وسادة الإسلام السياسي، المعممين منهم والأفندية، سواءً مَن تواجَد منهم في مكاتب الوزراء او تحت قبة مايسمى بمجلس النواب، او مَن اكتسب منهم صفة القيادة الدينية والإجتماعية التي سهلت له، باسمه تعالى، لطش حقوق الناس والإستيلاء على ممتلكاتهم او ممتلكات الدولة بمبررات دينية والتفافات شرعية.

لقد صرخ هذا الرجل المعوق وبصوت حزين، إلا انه واضح ومبين، بوجه الوزراء والنواب والنائبات وقادة الأحزاب الدينية ومرجعياتها، وصرح باسماءهم واحداً تلو الآخر ممن اتصل بهم هاتفياً او إلتجأ إلى مكاتبهم شخصياً لغرض عرض قضايا ومشاكل ومتاعب الحياة التي يعاني منها المكفوفون العراقيون وعوائلهم وما يواجهونه من ضنك العيش في بلد يتقاضى فيه الكلب الأمريكي البوليسي آلاف الدولارات شهرياً، كما اعلن رئيس جمعية المكفوفين، مطالباً بان يتعامل قادة العملية السياسية، المؤمنين الورعين جداً، مع هؤلاء المكفوفين كما يتعاملون مع الكلاب الامريكية البوليسية، لابل حتى انه طالب بأن يُعامل كل منهم كنصف كلب، بل وحتى كربع كلب.

هكذا يصل الأمر بالإنسان العراقي الذي سرعان ما تم له الخلاص من دكتاتورية وبطش البعث حتى يقع تحت طائلة بطش وقمع وانتهاك ولصوصية الإسلام السياسي. لقد عبر هذا الرجل عن آلام وإحباطات الآلاف من المكفوفين العراقيين الذين لم يجدوا لمناجاتهم اي إنعكاس عملي او إجراء فعلي يعينهم على تخطي هذه المصاعب والعيش بكرامة الإنسان في بلد يتناسب فيه إزدياد الأموال والمردود الإقتصادي العام نسبة طردية مع الفقر المدقع الذي يعاني منه المواطن العراقي. إذ بفضل لصوصية قادة العملية السياسية والأحزاب المتنفذة وما تلاقيه من إسناد ديني من قبل المراجع الدينية التي تداعب مشاعر الناس بين الحين والحين ببيانات هزيلة لا يلتفت لها حتى من يدعون الإلتزام الديني، ناهيك عن الذين قفزوا على هذا الإلتزام فامتطوه في عشية وضحاها بعد ان خلعوا الزيتوني وكووا جباهم وتعمموا ليكونوا من المؤنين التوابين، بفضل هؤلاء جميعاً بلغ مستوى دون خط الفقر رسمياً 31% حسب إحصاءات وزارة التخطيط العراقية الأخيرة. وهذا يعني ان الوصول إلى خط الفقر سيشمل بالتأكيد ثلثاً آخراً من المجتمع ليصبح ثلثي الشعب العراقي يعيش على مستوى خط الفقر وما دون. ونرى بالمقابل ذلك الإثراء الفاحش الذي بلغه من لم يكن يملك شروى نقير من تجار الدين قبل سقوط دكتاتورية البعث. كل ذلك يجري في بلد بلغت ميزانيته السنوية اكثر من مئة وثلاثين مليار دولار امريكي ينطبق على توظيفها المثل الذي نطق به برنادشو حينما سُئِل عن رأيه في الرأسمالية فأجاب: كتوزيع الشعر بين رأسي ولحيتي ، غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع.

وها هو الإسلام السياسي اليوم يقتدي بالفكر الرأسمالي ليجعل خيرات البلد وموارده المالية تتوزع بين زمرة من الحثالات الجهلة الذين لا يهمهم إلا تكديس الأموال وامتلاك العقارات، ومن الأفضل ان يتم كل ذلك خارج العراق لكي يفروا بجلودهم إذا ما جد الجد في الوطن الذي انتهكوه وسرقوا خيراته. امام هذا كله يصرخ رئيس جمعية المكفوفين معلناً عن إعتزازه بعراقيته رغم كل ما يعانيه في وطنه هذا ويصرح ويقسم اليمين، وهو صادق في ذلك حيث يتجلى صدقه هذا من نبرات صوته، بأنه لا يريد شيئاً لنفسه ويكرر ذلك، بل انه يطالب باسعاف عوائل هؤلاء المعوقين واطفالهم ومن حصتهم في ميزانية الدولة دون منة من اي احد عليهم. كما اكد بانه سينتحر إذا لم تتحقق هذه المطالب لزملاءه المعوقين. وظل يصرخ ويطالب ليس من خلال ذِكر اسماء " كل مَن مدّ إيده على فلوسنا" ومحاكمتهم، بل ومن خلال وضع بعض المؤسسات، وخاصة الدينية منها، امام مسؤوليتها التي تجاهلت الفقراء وساندت اللصوص حيث أكد قائلاً " لا خطيب منبر ولا صلاة جمعة ولا مرجعية إلتفتت إلينا". وهنا يصدق هذا الإنسان في قوله هذا الذي عبر عنه بلهجته الجنوبية البسيطة إلا انها ناصعة بالحقيقة.

لم اتمالك شعوري بالغضب والألم حينما اطلعت على هذا الفيديو المؤثر فعلا ولم استطع في حينه إلا ان اعلق عليه مخاطباً هذا الرجل الجريئ : لقد اسمعت لو ناديت حياً ..... ولكن لا حياة لمن تنادي. إلا انني على قناعة تامة بان إنساناً كهذا يتجاهله من يدَّعون بأنهم يمثلون الدين الذي يدعو إلى الرحمة بالفقراء والعطف على المساكين ومساعدة المعوزين، خاصة المعوقين منهم، إن هذا الإنسان بصراخه هذا بوجه لصوص الإسلام السياسي من اجل حقوق المكفوفين، لا من اجله هو بالرغم من ان هذه الحقوق تشمله ايضاً، ينطبق عليه ما قاله الجواهري الكبير الذي يقول له :

وإنك اشرف من خيرهم ...وكعبك من خده اكرم

هذا إذا ما اردنا ان نرحم بهؤلاء اللصوص ولا نقول له : ونعلك من رأسه أكرم ، مع ألإعتذار لشاعر العرب الأكبر الجواهري.

يذكر لنا تاريخ اسلاف رواد الإسلام السياسي اليوم بان ذاك السلف " الصالح جداً" نفى ابو ذر الغفاري من المدينة لانه ظل يصرخ في اسواقها: عجبت لمن لا يجد قوت يومه لا يخرج شاهراً سيفه. هذه المقولة التي بلورها المكفوفون العراقيون اليوم من خلال الصراخ، لا من خلال السيف، تدعوا إلى التأمل الذي يضع السؤال المباشر حول مدى إستجابة مَن فقد الحياة الإنسانية لنداء الإلتزام بقيم الشرف الذي جاء في هذه الصرخة المدوية التي طالب فيها صاحبها لأن يمتثل هؤلاء الذين توسل بهم جميعاً من السيدات والسادة قادة العملية السياسية على الساحة العراقية إلى قيم الشرف والأخلاق في التعامل مع المعوزين والفقراء. مَن فقد الحياة الإنسانية التي لا تستجيب لصراخ المظلومين لا يهمه وجود او عدم وجود القيم التي تتفرع من هذه الحياة، كالشرف والغيرة والشهامة، المتعلقة بهذه الحياة الغير موجودة اصلاً.

والظاهر ان الجماعة قد تعودوا على سماع هذه الصرخات التي ظلت تتكرر من فقراء ومعدمي العراق الذين همشتهم العملية السياسية الإسلاموية، فلم تنل شيئاً من مسامع المبسملين المحوقلين الرُكع السجود وافكارهم إلا الإستهزاء والإيغال في اللصوصية على مختلف اشكالها. فهل يجدي الإستمرار في هذا الصراخ الذي لا طائل تحته والذي لم يجد له اي صدى وسوف لن يكون له ذلك في المستقبل؟

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 25-02-2015     عدد القراء :  2211       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced