الولايات المتحدة بذريعة إسقاط النظام أسقطت الدولة العراقية تمهيدا لتقسيمها الحالي
بقلم : مهدي قاسم
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لو كنا نمتلك قليلا من الجرأة الأخلاقية لاعترفنا بأن إدارة بوش قد اسقطت النظام العراقي السابق ، ليس بهدف جلب الحرية للعراقيين ولا تكريسا لنظام التعددية و ضمان الأمن و الأمان و الرفاهية مثلما زعمت قبل السقوط ، بقدر ما قامت بإسقاط الدولة العراقية و تفكيكها تمهيدا لتقسيمها إلى إمارات إقطاعية و دويلات ذات مسحة قدسية و خرافية غيبية في منتهى الغرابة و السوريالية غير المعقولة ، حيث بتنا نرى سريعا نتائجها الكارثية الرهيبة : دولة منهارة و متقوضة شذرا مذرا ، و شعب مقّسم على نفسه ، مفتتا ، متشظيا ، و بعض فئاته و شرائحه متناحرة بكل ضراوة و دموية في خنادق متعادية على أسس طائفية ، شعب أغلبيته إما نازحون و مهجّرون أو مهاجرون في كل أنحاء العالم ..

و ما تبقى منهم في العراق : إما يخطط للهجرة ، بكل ما يملك من أمل و مال ، بينما قسم آخر يحلم بذلك عسى ولعل يوفقّه الحظ ذات يوم نجاحا في تحقيق ذلك ليصبح نازحا في السويد أو كندا !! ..

بينما كان بإمكان هؤلاء اليانكيين الأوغاد أن يقسّموا العراق دون دفع الشعب العراقي إلى تقديم كل هذا الثمن الباهظ بملايين الأرواح القتيلة و المذبوحة على أيدي التنظيمات و العصابات الدينية الفاشية و المشكلة

على أيدي السي إي أي ، من" قاعدة " و داعش و غيرها ، و كذلك ضياع مئات مليارات دولارات من واردات ثرواتها النفطية المسروقة و المنهوبة و المهدورة عبثا و هباءا على أيدي حرامية و لصوص قد جلبتهم دبابات الغزاة الخبثاء ، لغاية تفكيك الدولة العراقية و ضياع العراق هكذا و مثلما في الواقع اليوم ..

بحيث اصبحت لدينا الآن دولة تحكمها عصابات داعش من جهة ، دولة تتحكم ببعض قراراتها ميليشيات مسلحة و صاحبة إرادات نافذة ..

أما الدولة الكوردية فهي الآن دولة قائمة بحد ذاتها و جاهزة و كاملة لا ينقصها غير الإعلان فحسب ..

وها هم ــ أي اليانكيون الأوباش ــ بعد دفع كل هذا الثمن الباهظ جدا دما و مالا من قبل الشعب العراقي ، يريدون التعامل مع العراق على أساس أنه قد أضحى دولا ثلاثا و شعوبا ثلاثة !!..

ولكن أحقر و أخبث ما في سياستهم إنهم بعدما أسقطوا سلطة البعثيين أخذوا بالتباكى عليهم ، و على باقي أزلام النظام السابق سواء في الكونغرس الأمريكي أو في محافل و مؤسسات دولية آخرى ، زاعمين بأنهم ــ أي البعثيون و كل منتفعي النظام السابق ــ قد أصبحوا مهشمين و مظلومين ليذرفوا عليهم دموع التماسيح !!..

كأنما ليسوا هم الذين بالذات من أسقطوا سلطتهم الدموية التي دامت أربعين عاما من عمليات قمع و حروب و دمار و خراب ..

وهو نفس التمثلية لعبوها مع " الشيعة " العراقيين قبل إسقاط النظام السابق ، بغية كسب تعاطفهم و تأييدهم بهدف الإيقاع بهم فيما بعد ، ثم تركهم لقمة صائغة بين أشداق الإرهاب التكفيري الشرس و المسعور و المتواصل حتى الآن ، بحيث تجاوز ضحاياهم الملايين من القتلى و الجرحى بسبب انتمائهم المذهبي فحسب ..

حقيقة : لو وجُدت ذرة من عدالة دولية أو قوة عدالة إجبارية و نافذة ، لكان ينبغي مقاضاة الإدارات الأمريكية المتعاقبة على كل جرائمها الخبيثة و الوضيعة التي ارتكبتها بحق العراقيين أجمع ، و من ثم دفعها إلى تعويض الشعب العراقي عن آخر نفس من أرواح أبناء شعبه الضحايا بالملايين بل و التعويض عن آخر فلس من ثرواته المفرهدة بكل وقاحة و صلافة ..

لا يظنن بعض بإننا نتباكى على النظام الدموي السابق و على زوال الديكتاتور الأرعن البائد ، لا أبدا و قطعا ، بقدر ما يؤلمنا بأن هؤلاء اليانكيين الأنذال قد ضحكوا على ذقون الملايين من العراقيين عندما وعدوه بالتحرير و الحرية و الرفاهية المزعومة ..

إذ فهم لا حافظوا على وحدة العراق بشكل كما ينبغي و لا قسموه مثلما يجب ، ولا تركوه ذات نظام ديكتاتور صارم ، ولا أقاموا نظاما ديمقراطيا حقيقيا بمؤسسات قانونية نافذة وسائدة و راسخة ، مثلما الأمر في باقي الأنظمة الديمقراطية القديمة أو الناشئة ..

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 29-04-2015     عدد القراء :  1722       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced