نهجٌ مدمّرٌ لحاكمين !
بقلم : د. مهند البراك
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

حُذّرَ و قيل و كُتب الكثير عن مضار و مخاطر المحاصصة الطائفية العرقية رغم قناعة البعض في البداية بكونها تحقق وحدة الشعب . . الاّ ان المحاصصة تطبقّت و استمرت بعقلية طائفية، حتى سعّرت العداء الطائفي و الديني و العرقي و وضعت بيد ذلك العداء كراسي حكم، و دمّرت و حطّمت و تحطّم الدولة و المجتمع بل و ادّت الى عقبات كأداء تعيق التوجّه لتلاحم قوى الشعب العراقي بمكوناته، بوجود من يثير الفتن الطائفية من موقعه في قمة الحكم و هو محفوظ بأنواع الحصانات . .

فالسيد المالكي الأمين العام لحزب الدعوة الحاكم، الذي حكم كرئيس وزراء و قائد عام مباشر للقوات المسلحة، الذي اعتمد التعيينات الفردية التي شخّصها بمفرده في تسمية القادة الكبار للوحدات العسكرية و الأمنية، بغلق ملفات و حصرها بيده و التلويح بها عند حاجته، وسط اسكات مبرمج بانواع الاتهامات و الاغتيالات و سكوت آخرين و انشغالهم بمغانمهم، و وسط اشاعة الرعب باطلاق الرصاص الحي على متظاهري المطالبات الحياتية . .

المالكي الذي حكم غالبية سنين الفترة التي اعقبت سقوط الدكتاتورية ـ طيلة 9 سنوات من 12 سنة ـ و تسبب فيها بتكوّن حكم فردي يسير على طريق مكوّن واحد بعينه وسط اثارة انواع الفوضى و الصراعات و الصدامات مع المكوّنات العراقية الأخرى و بين احدها و الآخر بشعار (ماننطيها) سئ الصيت، حكم فردي حكَمَ فيه (مختار العصر) كما اطلق على نفسه . . الذي رغم انهائه دورتين حكوميتين، لم يطق بعدها التنازل عن كرسيه لخلف دستوري اصولي وفق نتائج الإنتخابات التي جاءت لتؤكّد على التبادل السلمي للسلطة . .

و رغم انه كان المسؤول الأول من موقعه كقائد عام للقوات المسلحة، عن خسارة الموصل و بالتالي سقوطها بيد داعش و المسؤول عن مذبحة سبايكر التي فقد فيها المئات من خيرة شباب الوطن ارواحهم بالخداع و التضليل، التي تؤكدها شخصيات و وسائل اعلام متنوعة . . استمر المالكي و يستمر على مهاجمة نهج رئيس الوزراء الجديد الدكتور العبادي في نشاطه و سياسته الداعية الى وحدة صفوف كل المكونات لمواجهة داعش الارهابية، و التي تواجه انواع الصعوبات و خاصة تلك التي تكوّنت كنتائج لحكم المالكي الطائفي .

و فيما يستمر السيد المالكي في محاولته تزعم القوة المسلحة الناهضة " الحشد " في مواجهة داعش و التي تكونت و تتوسع على هدي نداء المرجعية العليا للسيد السيستاني و فتواها بالجهاد الكفائي و بوحدة الصفوف بغض النظر عن الدين و الطائفة و العرق . . و بعد تصريحاته النارية التي بيّن فيها انه يواصل هدفه باستلام السلطة و عودته كالسابق، ( استنادا إلى التأييد الشعبي القوي الذي يتمتع به ؟؟ ) على حد تعبيره، معززاً علاقاته علناً ومنذ تحرير تكريت . . بميليشيات شيعية في الحشد الشعبي، كما لو كان لا يزال في منصبه السابق، حين قال ( انهم يشعرون بالولاء له . . لأنه اسس تلك الميليشيات عندما كان في السلطة، و هم مخلصون له . . ).

اثارت تصريحاته المتلفزة و المنشورة في تجمّع عشائري في الهندية في ذكرى سقوط الموصل، و هو متمتع بكل مواقعه و تأثيراته في الدولة من موقعه كنائب رئيس الجمهورية و موقعه في حزبه . . تصريحاته التي يسميّ فيها مايجري في البلاد بكونه ثورة طائفية لسنّة في مواجهة شيعة بعد تأكيدات سابقة له بأن " حرب انصار الحسين في مواجهة انصار يزيد مستمرة " ؟؟ (1)، و غيرها من الاوصاف التي لاتذكّر الاّ بتنظيرات و دعوات الدكتاتور صدام و قمعه الدموي لانتفاضة الشعب العراقي عام 1991 التي اتّهم فيها الشيعة و الأكراد بالخيانة .

فيهاجم السّنة و الاكراد بكونهما المسببين لضعف الجيش و بالتالي انحلال وحداته، لهروبهما منه في الموصل و تسببا بسقوطها ؟؟ على حد تعبيره، و يطالب باعدام من هربوا دون تحديد، يفهم منه كأنما اثارة استعداء كبير ضد الاكراد و السّنة في هذه الظروف الخطيرة. و يهاجم اوساطاً شيعية كبيرة بوضوح العبارة لكونها عارضته، باعتباره ايّاها (متأثّرة بافكار بعثيين و تكفيريين بتعبيره) ؟؟

ليطرح الحشد الشعبي كبديل للجيش (لأن الجيش تحطّم على حد تعبيره) (2) دون اي ذكر لمئات مليارات الدولارات التي تصرّف هو بها لإعادة بناء الجيش و تدريبه و تسليحه، في سلوك تمويهي لصرفيات زمن حكمه التي لم يقدّم بها قوائم صرف، في طرح لايمكن وصفه الاّ بكونه استهانة و استهزاء بجهود رئيس الوزراء و الحكومة الحالية الساعية الى وحدة الجميع لمواجهة داعش، التي يشكّل فيها الجيش و تحسينه و تسليحه و تدريبه و اصلاحه و تلبية احتياجاته عنصراً هاماً لتحقيق وحدة القوات المسلحة لكونه جزء من الدولة تأريخياً و لأنه يشمل بمظلته و انظمته و اختصاصاته و انواع وحداته كل الشعب بانواع مكوناته من خلال الخدمة الالزامية فيه .

ويرى مراقبون و خبراء انه بسلوكه هذا و بتصريحاته، لا يشجّع الاّ على ظهور اقطاب طائفية متزايدة مواجهة تتحرّك و تنشط على نهج طائفي كنهجه . . كمحافظ الموصل المُقال اثيل النجيفي و الملاحق بالتحقيق بسقوط الموصل . . الذي يلوّح بذات الاسلوب الطائفي المفرّق للصفوف و كأنه هو الذي يمثّل السنّه في البلاد، من جهة.

و من جهة اخرى، و فيما تسببت تصريحات السيد المالكي بغضب و استغراب اوساط بارزة شيعية و سنية اجتماعية و اكاديمية، برلمانية و سياسية . . أكدت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية أن ( المالكي كان هو المسؤول المباشر، وبالتالي كنا نأمل منه أن يقدم ما بحوزته من معلومات إلى لجنة سقوط الموصل البرلمانية، وأن يشكل هو لجنة تحقيق حكومية ويقدم المقصرين إلى القضاء كجزء من مسؤولياته بوصفه القائد العام للقوات المسلحة) كما تناقلت وكالات انباء دولية و اقليمية و داخلية، و يتساءل كثيرون هل هو بتصريحاته الآنفة يراهن على قوة مسلحة ما من التي اسسها كما مرّ قوله ؟؟ بعد فشل جهوده في تزعّم قوات الحشد الشعبي، و مواجهة السيد العبادي صعوبات على طريق وحدتها رغم اجتيازه لها ؟؟

و يرى مراقبون و محللون مستقلون بان هذه الطروحات لايفهم منها للاسف الاّ تشديد الاستقطاب و الصراع الطائفي و محاولة تكتيل و تمييز باطلة بين طائفة صديقة و طائفة عدوّة و السير على تفسير طائفي اصمّ خطير للاحداث، و يرى سياسيون بارزون انها قد تستهدف استعداء اهل السنّة اكثر و دفعهم للارتماء باحضان داعش كمنفذ وحيد لخلاصهم، لتصورهم ماهية تبعات كلمات المالكي عليهم و على نسائهم و اطفالهم، لأنهم جرّبوا قساوته و قساوة اجراءاته الدموية بحقهم و كيف انه خلط باجراءاته القاسية كرئيس وزراء ماكان يجري في الموصل و الانبار من مطالبات مشروعة سلمية باعمال الارهاب، الأمر الذي وظّفته داعش الإجرامية لصالحها و لإحتلالها بعدئذ.

انها كلمات نائب رئيس جمهورية و رئيس حزب حاكم يتمتع بكل الصلاحيات ولم يجرِ اي توقف لمحاسبته و مساءلته او معاقبته وفق الدستور، على سلوكه السياسي المدمّر و على اخطائه الكبيرة و الاتهامات الكبيرة الموجهة اليه من اطراف بارزة في العملية السياسية لاتقلّ شأناً عن موقعه.

16 / 6 / 2015 ، مهند البراك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. راجع الرابط : http://www.youtube.com/watch?v=7Pkw7Zgknhs

2. في محاولته التهرب من كونه المسؤول الأول عن تسمية قيادات الجيش (بالوكالة) لأبعاد تعييناته عن موافقة البرلمان لكونها بالوكالة و ليست مسؤوليات اصلية، و دون اي تطرق لحصره الوزارات العسكرية بيده هو شخصياً في حكوماته .

  كتب بتأريخ :  الجمعة 19-06-2015     عدد القراء :  2151       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced