بعد جهد جهيد ، توصل البرلمانيون العراقيون الـى تشخيص علـة كبيرة ، دون جميـع العلل التي تقـض مضاجع العراقيين . ولـم يخطـر هذا الإكتشاف على البال ، الا بعـد عقـد مـن السنين علـى انبثـاق البرلمـان ( العتيد ) الموصوم بكل انواع التقصير في اداء المهام المطلوبة منه ، في اخطر مرحلة يمر بها العراق .
وفي الوقوف عند هذا الإكتشاف المحمول على قرار مجلس النواب ، والمعلن عنه في وسائل الإعلام ، ماذا ترى عزيزي القاريء غيــر حملــة كبيرة مـن التعليقات العراقيــة الساخــرة ، تحيــط بقــرار نيابـي عنوانــه ( حجب المواقع الإباحية ) هذا هو كل ما توصلتم اليه ايها السادة ، والعراق يمر في اخطر مرحلة وشعبه يتشبث بتلابيب النجاة من الكوارث التي تلم به ..!؟ تتركون كل ما تواصيتم وتكفلتم به ، وتصبِّرون المواطنين بقرار مضحك ، يجبر الشباب العراقي على حفظ طهارته. !!!
عراقكم ايها السادة ، على شفير اهوال سحيقة . وانتم منذ قيام البرلمان والى يومنا هذا ، عليكم مؤشرات كثيرة من التقاعس في اداء مهامكم في الوقت الذي تمثلون ارادة شعب في ظروف حساسة تطالبكم بالتصدي لها بالإخلاص والتفاني ، لدفع العملية السياسية الى امام .
الشباب العراقي اليوم ، يعيش اتعس ظروف التسكع والرعب والحرمان . والكثير منه ، فقد الأمل ولم يبق امامه سوى التعلق باذيال هجر الوطن والإغتراب في اقاصي الدنيا . وانتم اليوم وكأنكم وجدتم له العلاج الشافي في حكمة حجب الإباحية بقرار ، تم التصويت عليه في مجلسكم الموقر ، يلزم وزارة الإتصالات على تنفيذ قطع موقع افلام الجنسية من الكوبيوتر .
مرت اثنتا عشرة سنة على تأسيس مجلس النواب العراقي . ومنذ ذلك التاريخ والى يومنا هذا ، لم يتم في جلسات البرلمان بحث اية قضية تخص الشباب من الذكور والإناث ، الا في هذا القرار الذي انبلج طيفه بين جموع النواب ، يناديهم بالإسراع الى الكومبيوتر وقطع دابر الإباحية فيه ، للمحافظة على الشباب الغالي عليهم . !!
وما نقرأه اليوم في هذا الخصوص ، الكثير من ردود الفعل . تحمل اشكال التعليقات التي تندد ساخرة بهذا القرار . وهذا ، إن دل على شيء ، هو سخط شعبي لعدم شعور النواب العراقيين بما هو على الساحة العراقية من معارك طاحنة ومظاهرات صاخبة . وما ارادوه من قرارهم هذا ، كان لفت انظار الناس واشغالهم بترهات ، تمثلت في هكذا قرار الذي قوبل بالضحك والتندر من جانب . ومن جانب ، آخر بإدانة البرلمانيين على هذه الغفلة من مهامهم الأساسية في تناول ومداولة قضايا مهمة جـداً ، لا زالت طـي النسيان .
يعلن احد القراء مذكراً بما تعانيه الناس من حالة يرثى لها . ومجلسها النيابي ، يصدر قرارات تثير الضحك والسخط والقهر . وينبري آخر ساخراً بأن القرار ، يأتي في صالح المومسات العراقيات ، لأن في حالة حرمان الشباب من المناظر الإباحية في الكومبيوتر ، لم يبقَ امامهم سوى اللجوء الى الدعارة . وهناك من يشير الى أن الإباحيــة الجنسيــة فــي الكومبيوتــر ، ليست اقــوى من الإباحية فــي دوائـر الدولة حين تتعاطــى الرشى ( الرشاوى ) وبشكل مكشوف ، وتأخير المعاملات والى غير ذلك من الفساد والمفسدات .
فالناس من الشباب وغيرهم ، لهم حرية التصرف بموجب ما تسمح به القوانين الديموقراطية التي ينص عليها الدستور العراقي . أما في حالة تصريف مفهوم الديموقراطية ، وفق ارادة نخب ، تتشبث بقيم جاهزة متحجرة . في هذه الحال ، لم يبق للديموقراطية سوى عنوان للتشبث به ، وشعار للتسويق ، لتحقيق رغبات فئوية او شخصية.