التخريب والفساد ظاهرتان لمسهما العراقيون منذ سقوط النظام السابق ، ولم يمر وقت طويل حتى تحولت هذه الظاهرتان الى معاناة شديدة مرعبة ، تمس حياة الناس بشكل يومي في الشوارع والدوائر والمؤسسات . والحكومات المتعاقبة في حيرة من معالجتها او التصدي لها . وهذا الإعتداء التاريخي على العراق ومستقبله فمصدره من الداخل والخارج .. يشارك فيه الأجنبي وابن الوطن ممن باعوا ضمائرهم ، منهم من المعادين فعلاً ومنهم من ناهزي الفرص المتسترين في الأحزاب والمنظمات ، وشاغلين مناصباً ــ منها حساسة جداً ـ في مختلف الدوائر والمؤسسات .
منذ تشكيل الحكومة الجديدة في العراق ، استنفر ازلام النظام السابق والسائرين في ركابه ـ وبدعم متواصل من بعض دول الجوار المعروفة ــ في تنظيم عمليات الهجوم على بغداد ومحافظات اخرى بحملة من التفجيرات ، تستهدف الأبرياء من الناس والدوائر وغيرها . الأمر الذي وفر فرصة امام المعادين في الداخل الذين اوكل اليهم التعرض لأمن البلاد ، لإمرار مشورع المؤامرة لإسقاط النظام . وبنفس الوقت ، انتهز المخاتلون العاملون في قطاع الدولة فرصتهم تحت الستار ، لأتخاذ مسلك الفساد في عملية ارهابية جديدة اخطر من التفجيروالقتل ، وهي سرقة المال العام وشراء الذمم ، بإعتمـاد عصابـات ومافيـات علــى اشكالها مع استفحال عمليات اخـذ الرشى ( رشوات ) في عموم دوائر الدولة ، لتستحيل الى حالة مقرونة بالواجب الوظيفي . لا خوف من التداول بها ولا حياء .
واليوم يُعــدّ الفساد المالي والإداري ، اخطر وسيلة تهديد لمستقبل العراق وحكومته التي لم تـرَ لحد الآن حلاً لهذه المعضلة المستعصية فعلاً . وكل الوعود المقطوعة من رئاسة الحكومة العراقية ، تصطدم بنوعية الإجراءات التي يستوجب اتخاذها ، لإقتحام منظومة كبيرة من السراق وذات تشعبات متداخلة ، تستمد الدعم من قطاع فاعل في دوائر ومؤسسات الدولة. وكذلك ومسنودة من مراكز قوى فاعلة .
السيد العبادي ، يعرِّف مقام هذه العصابات بأخطر ما يهدد العراق ، ويؤكد على كشفهم وردعم والقاء القبض عليهم .
متى يا ترى تنفذ الحكومة العراقية وعودها بوضع اليد على هذه الشبكات المدمرة للبلاد ، والقاء القبض على رموزها وتقديمهم للعدالة ، لينالوا جزاءهم على ما اقترفته اياديهم بحق العراق وشعبه ، والوضع السياسي والمجتمعي والإقتصادي ، في حالة تبعث التشاؤم عند كل عراقي متابع لما يدور في بلده . ولهذا نستطيع القول ، بأن العراق لا زال في كماشة ما بين الدفاع عن حياض الوطن وحمايته من هجمات داعش ومشاريعها ، وبين منظومة الفساد الكبيرة التي لم يهزها لحد هذا اليوم اي تهديد او وعيد مبني على القول ينتظر الفعل .