اليوم، تسلل التعب إلى كل زوايا روحي، أو هكذا شعرتُ، من أن حبال المقاومة قد تقطعت، فما عدتُ ذلك الطائر الجنوبي، الذي يحلقُ عاليا، كي ترتوي السماء كبرياءً بخفق جناحيه.
عدتُ إلى القسم الداخلي، متجاوزة نصيحة وصال، بالذهاب والمجيء مشيا، وبالفعل فقد ندمت كثيرا، حين أقنعت نفسي بالوصول السريع، وأنا أستقلُ سيارة الكيا، الذاهبة إلى حي الطالبية: كان مساعد السائق، ينادي بكلمات لم أفهم منها شيئا، فاضطررت لسؤاله، عما إذا كانت تمر قريبا من الأقسام الداخلية، أجابني ((اصعدي.. اصعدي خاله راح نتحرك)).
أنا اعرفُ حواجز الحزن هذه، فقد تعودت عليها، منذ اليوم الاول لوصولي إلى بغداد، كان سير السيارات، يذكرني بالسلاحف الكسولة على شاطئ نهرنا، تسير لحظة وتتوقف عاما، تحاملت على روحي بالصبر أسوة بالآخرين، وأنا أتساءل مع نفسي، من أي بئر صبر، يأتي هؤلاء الناس بكل هذا التحمل.
مرت ثلاثة أرباع الساعة، حين تجاوزنا سيطرة التفتيش، أحسست أن أعضائي تتهدم من فرط الإرهاق، لهذا طلبت من السائق التوقف، لكي أواصل مشيا على الأقدام.
دخلت إلى بوابة القسم الداخلي، وأنا اسبح في عالم من وهم الأماني، تمنيت أن أرى أمي، وقد جلبت لي بعضا من الطعام، وقبل أن أتذوق ما أتت به، أرتمي بين يديها، وأستنشق دفء الأمومة من جيدها، كما كنت طفلة، وقبل أن استفيق من أوهام أمانيَّ، جاءني صوت مسؤولة الاستعلامات، (( اليوم أجه واحد سأل عنك، إيكَول هو خطيبك، أسمه عبد الله، وهذا رقم تلفونه)
مددت يدي إلى الورقة، كأنني مددت يدي إلى عالم من الحراب.
كتب بتأريخ : الأحد 20-12-2009
عدد القراء : 2388
عدد التعليقات : 0