لم يدر بخلد أم ميادة بعد كل تلك السنوات التي قضتها مع زوجها الذي احبته وتزوجته رغم معارضة أهلها سوف يتزوج عليها فقد كانت خير زوجة وخير أم حيث ساعدته على تكوين مستقبل مادي جيد اذ كانت عائلتها متمكنة ماديا وربت أولادها احسن تربية وأكملوا تعليمهم الجامعي ولكنها أحست بزوجها وقد تغير كثيرا.
كانت تظن انها علاقة عابرة وان زوجها اصبح مراهقا بعد تجاوزه سن الاربعين لكنها لم تكن تتوقع ان يتزوج مرة اخرى وحين تزوج لم يجد بدا من اخبار زوجته الاولى التي انهارت بالكامل حين اخبرها بزواجه ولكنها بعد تفكير طويل اتخذت قرارها المتزن. فلم تكن تريد ان تخسر زوجها ولا ان يخسره أولاده فقررت ان تسكن الزوجة الثانية معها في نفس البيت وسألتها كيف استطاعت ان تتخذ مثل ذلك القرار الجريء اجابت قائلة: انها فكرت في الرحيل وطلب الطلاق لكن عائلتها ستنهار بالكامل. ثم تضيف انها حين ترى الزوجة الثانية ستشاركها في الرجل الذي افنت عمرها في خدمته تحس بالألم يعتصرها لكن احتملت كل تلك الآلام من اجل أولادها ومستقبلهم انها حقا امرأة شجاعة لم تستطع ان تتخلى عن دورها الكبير كأم وكمربية فاضلة. لقد وجدت ام ميادة نفسها في موقف لا تحسد عليه وليست هي الوحيدة التي وقعت في ذلك الموقف بل هناك عشرات الزوجات تفاجأت بأزواجهن يتزوجون للمرة الثانية.
الطرف الآخر...
حين نبحث في ظاهرة تعدد الزوجات التي استشرت بشكل كبير في الآونة الاخيرة ودعونا نبحث عن طرفي المشكلة. فطرفي المشكلة هما رجل تزوج على زوجته وامرأة سمحت لنفسها ان تبني سعادتها على تعاسة امرأة اخرى لكن للزوجة الثانية هي الأخرى سبب ما دفعها الى الزواج من رجل متزوج فهي تريد ان تتخلص من نظرة المجتمع لها كعانس (فاتها القطار) بالاضافة الى تقييد الاهل لحريتها بأعتبارها ليست متزوجة فهي محاسبة على ابسط ما تقوم به فالزواج من رجل متزوج يوفر لها الحماية الكافية من المجتمع ونظرته المتخلفة. واعتقد انها اسباب موضوعية بالنسبة للمرأة لكن الرجل هل لديه اسباب موضوعية لكي يتزوج مرة اخرى؟ دعونا نحاول الحصول على الاجابة من خلال حالات حقيقية حدثت وتحدث في المجتمع العراقي.
مشكلة باسمة...
ف- باسمة- هي أم لأربع بنات وكان زوجها عديم الشعور بالمسؤولية لم يكن يعمل دائما بل يتملص من مسؤولياته كأب وزوج ونتيجة لعجزه عن توفير القوت لأطفاله الصغار مهما توسطت (باسمة) لدى احد أقاربها لكي تجد له وظيفة سائق في إحدى الشركات وهنا لعبت الأقدار لعبتها حيث كان يقوم بتوصيل الموظفات الى محل سكناهن وأثناء ذلك تعرف على موظفة راتبها كبير وتملك شقة سكنية باسمها فتزوجها وسكن معها في شقتها وترك باسمة مع بناتها الاربع في ذلك الفقر المدقع وحين قررت الذهاب الى بيت أبيها وطلب الطلاق اجبرها أبوها على العودة الى بيت اهل زوجها لانه لا يريد تربية اطفال تخلى ابوهم عنهم فأضطرت الى العودة الى بيت اهل زوجها مع بناتها بدون أب واترك لكم تقدير حالتها. ومن هذه الحالة يتضح ان السبب الذي دفع الرجل للزواج من امرأة ثانية هو سبب مادي بحت.
أبو زياد حالة اخرى...
اما أبو زياد فقد اضطر الى الزواج من زوجة اخيه التي استشهد زوجها في الحرب العراقية الايرانية فأصبح للرجل بيتان وزوجتان وأطفال. وهنا اصبح مشتتا بين العائلتين فأزدادت المشاكل بين الزوجتين فكل منهما تريد الاستئثار به لوحدها وتلك المشاكل انعكست بالتالي على الاولاد فحدثت خصومات واحقاد ونزاعات. وهناك حالات اخرى تزوج منها الرجل للمرة الثانية لكنها انتهت نهايات مأساوية فقد احرقت ام غيث نفسها بعد ان عرفت بخبر زواج زوجها بامرأة ثانية.
لو حدث العكس...
والآن دعونا نتعرف على الاسباب التي تدفع الرجل للزواج للمرة الثانية واولى تلك الاسباب هي الابتعاد عن الرذيلة والحرام او قد تكون زوجته الاولى تعاني من مرض معين او عدم قدرة زوجته الاولى على الانجاب او قد تكون رغبة لتغيير نمط حياته. ولو عكسنا الصورة فأذا كان الزوج مريضا او عقيما فهل يبيح هذا للمرأة تعدد الازواج؟ في السابق كانت الظروف تستوجب تعدد الزوجات وذلك لكون المرأة في ذلك الوقت لم تكن مستقلة اقتصاديا لذا تحتاج من يعيلها واذا كانت أرملة ولها اولاد فتحتاج من يعيل أولادها. اما المرأة اليوم فهي تعمل وتنتج ومستقلة اقتصاديا وتستطيع ان تعيل نفسها واولادها وكذلك من واجب الدولة ضمان الافراد اجتماعيا وصحيا.
وحين سألنا المحامي (زهير الخزرجي) عن الطبيعة القانونية لتعدد الزوجات اجاب مشكورا:
- ان قانون الأحوال الشخصية العراقي المعدل في المادة 3/ف 4 أ/ لم يجز الزواج بأكثر من زوجة إلا بشروط وهي ان يستحصل طالب الزواج اذنا من قاضي الاحوال الشخصية بالزواج مرة ثانية وتحقق شرط العدل وان يكون ذا كفاءة مالية بإعالة اكثر من زوجة واحدة وان تكون هناك مصلحة مشروعة من الزواج. وفي المحاكم العراقية لا يستغرق استحصال الاذن بالزواج اكثر من ساعة واحدة وذلك بإثبات الكفاءة المالية بالبينة الشخصية ويحصل على اذن الزواج من امرأة ثانية. وأخيرا فأن تعدد الزوجات هو قد حط من كرامة المرأة ويضعها موضع المهانة ويتبعها تشرد الاولاد وتنشئة ناقصة وانحرافهم وشيوع الخصومات والانقسامات ويفترض مساواة المرأة بالرجل فما يحرم عليها, يحلل للرجل.
كتب بتأريخ : الأحد 20-12-2009
عدد القراء : 2621
عدد التعليقات : 0