تبديد حلم الاستقلال الكردستاني... كردياً
بقلم : احسان جواد كاظم
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

من لايتمنى تحقيق حلمه الجميل, فما بالك لو كان الحلم شعبياً شاملاً بقيام دولة مستقلة, لكن يبدو ان قادة الاكراد اول من خذلوا جماهيرهم بأنتهاج سياسات عدمية انانية, تخلق للأقليم العراقيل والعداوات وتجرده من عناصر قوته ومنعته.

فلقد كانت الصراعات الداخلية التي اشعلها استئثارالسيد رئيس الاقليم مسعود البارازاني المنتهية ولايته برئاسة الاقليم واصراره على البقاء وتعطيل المؤسسات الديمقراطية كالبرلمان عن العمل بعد طرد رئيسه نتيجة خلافات سياسية ثم الشلل الذي يعتري دوائر الاقليم الحكومية نتيجة اقالة وزراء حركة التغيير, أدخل الأقليم في دوامة المشاحنات السياسية وأضرّ كثيراً بالتجربة الكردية الغير مكتملة اصلاً.

كما ان الكثير من الانتقادات الشعبية تثار حول الطبيعة العشائرية في توزيع المناصب العليا وتركيزها بيد عائلة البارازاني, وهي بالتأكيد مشكلة بنيوية تتعارض مع المبدأ الديمقراطي الصحيح.

ووجه الأنكفاء السياسي الاكبر كان القرار الغير حكيم بأستبعاد حركة التغيير كوران عن مواقع القرار وهي التي تميزت عن الاحزاب الكردستانية الاخرى, كونها حازت على اصوات الجماهير ببرنامجها البديل وفرضت نفسها ديمقراطياً وبجدارة, رغم حداثة تكوينها, ولم تكن جزءاً من الصفقات المسبقة التي عقدتها الاحزاب الكردستانية المعروفة قبل الانتخابات.

لقد اظهرت الازمة الاقتصادية بسبب تراجع اسعار النفط التي تعصف بالأقليم حقيقة ما سمي ب " المعجزة الاقتصادية في كردستان العراق " والتي تبين انها مجرد وهم يتعكز على مظاهر اعمار لاتستند على اساس اقتصادي وقاعدة تحتية, بل اعتمدت على تصدير براميل نفطية وبعض الاستثمارات الخارجية التي انسحبت بمجرد ظهور بوادر العجز الاقتصادي, اضافة الى الأعتماد الاكبر على حصة الأقليم من الخزينة المركزية البالغة 17% لتمشية اموره. لقد شرب القادة الاكراد في اربيل من نفس الكأس الذي شرب منه حلفاؤهم في المحاصصة في بغداد, بعدم توجههم لايجاد مصادر دخل بديلة.

كما تُثار الكثير من الشكوك حول احتكار اشخاص مقربين من الرئيس البارازاني للمعلومات الخاصة بتصدير النفط ومصير ايراداته التي تحول الى حساب خاص, وعدم معرفة ابناء الشعب بوجوه صرفه.

ولابد من الاشارة هنا انه حتى مظاهر الاعمار في الأقليم هذه, التي هي مصدر فخر لنا, والتي يجري الحديث عن عائدية بعضها الى افراد متنفذين في الحكومة, ما كانت لتنجز لولا ارادة مقاتلي البيشمركة المفعمين بالوطنية والنقاء الذين قاتلوا نظام صدام الدكتاتوري وفرضهم انجازها, قبل ان يجري استبعاد غير المريحين منهم وتحييد بعضهم وتدجين البعض الآخر بالامتيازات والوظائف.

كما ان السياسة الخارجية لحكومة الاقليم بأنتهاج سياسة المحاورمع السعودية وتركيا وقطر, وعموم المواقف السياسية الاخيرة المتناغمة مع سياسات هذه الدول قد ولدت لها عداوات اقليمية هي في غنى عنها. فقد تكون هذه التحالفات مفيدة على المستوى القريب ولكنها لن تكون في صالح الدولة المنتظرة, التي سوف تكون دولة غير قابلة للحياة بسبب تدخلات الدول. فاذا كانت تركيا والسعودية تلتقي مع رئاسة الاقليم في تقسيم العراق الى دويلات فانها سوف لن تقبل بدولة كردية فاعلة بل بتابع ذليل ينفذ سياساتها, خصوصا ً وانها ستكون محكومة بالتبعية الاقتصادية. فالسعودية حتى لو دعمت الدولة الكردية بعد تقسيم العراق, فانها لاشك ستحاول توريطها في مغامرات ضد الدويلات المحاددة لها, ثم الضغط على الدولة الفتية للتخلي عن مظاهر العلمانية, والتي ينظر العراقيون لها بعيون الامل, والتي ستتميز بها كردستان عن الدويلات الطائفية الناشئة.

اما الدولة التركية فليس من ضرورة لتبيان حقيقة مواقفها من القضية الكردية وعدم الثقة الشعبية برئيسها اردوغان, الذي قد تغريه الفوائد الاقتصادية المكتسبة من الاقليم المستقل كمصدر للنفط وسوق تصريف لمنتجاته, لكنه يريدها دولة خاضعة لارادته وبأستقلال شكلي, يمكن استغلالها كشرطي منطقة وحائط صد للاكراد الآخرين وخاصة البه كه كه.

كما لايمكن ان ننسى بأن سياسات تصديرحكومة الأقليم للنفط العراقي بشكل غير شرعي أضرت بصورة الاقليم الدولية, تجارياً ودبلوماسياً بسلوك حكومته طرقاً لا قانونية في التعامل التجاري. كما ان ما يتداول عن تعامل نفطي حكومي كردي مع داعش, أضر بنظرة اوربا ودول الغرب للاقليم ومصداقيته في محاربة الارهاب.

ورغم التودد الكردي للامريكان والاستعداد لتقديم كل ما عنده للحصول على الدعم السياسي والدبلوماسي والعسكري الامريكي لكسب موقفاً مؤيداً للاستقلال فان المصالح الامريكية مع العرب والعراقيين تبقى اهم لديها منها مع الاكراد.

ان مجموع السياسات والمواقف التي اتخذها قادة الاقليم هي التي ستؤدي الى تبديد حلم الاستقلال قبل اية مؤامرة تُحاك هنا او هناك.

كما ان تكرار تصريحات القادة الاكراد عن فشل الدولة العراقية, اصبحت مجّة. فهم في حقيقة الأمر جزء من هذا الفشل, لابل هم وانجازاتهم رضعوا من درّه المرّ. وهم مدينون لهذا الفشل ببعض النجاحات التي حققوها, وكان بعضهم عناويناً لهذا الفشل أسوة بمحاصصيهم من احزاب الاسلام السياسي.

وان كنا نتمنى لكردستان الاستقلال الناجز, فأننا لانتمناه بهؤلاء القادة بالتأكيد.

  كتب بتأريخ :  السبت 09-01-2016     عدد القراء :  2121       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced