لم أكن اتوقع، في يوم من الأيام، ان أحوّل قلمي من مُدافعٍ عن الحقوق الشعبية العامة، إلى عرض قضية شخصية في الصحافة الوطنية. كرستُ قلمي وجهدي وفكري وحياتي كلها طيلة 65 عاماً في الدفاع عن حقوق الإنسان في العراق وهو ما نظرتُ إليه بوعي النضال الوطني، منذ أيام شبابي، وقد دخلت بسببه إلى السجون والمعتقلات تحت ظلال وانحراف مختلف الانظمة السياسية، التي مرّتْ على بلادنا.
لكن ما شجعني على كتابة هذه السطور ،في هذا اليوم، هو اللقاء المتميز بنوعٍ كبيرٍ من الصراحة، عرضه تلفزيون القناة العراقية الفضائية مع الدكتور حسن الياسري رئيس هيئة النزاهة يوم الجمعة 15 – 1 – 2016 صحبة مقدم البرنامج السيد كريم حمادي. حديث هذا المسئول القانوني صَدَمني بزوايا الحقيقة عن حجم وقائع الفساد في مديرية صغيرة واحدة اسمها مديرية التسجيل العقاري في المدائن . حيث أعلن أن حجم الفساد كان يعتمد على تزوير الوثائق أو اخفائها وكان مبلغ الأموال التي نهبتها إحدى الموظفات يزيد على الخمسين مليار دينار. كلام رئيس الهيئة ، يعني بشكل من الأشكال، أن الفساد اصبح شيئاً فطرياً في مجتمعنا. لذلك وجّه الدعوة إلى كل مواطن عراقي أن يكشف اليد الخفية في كل عملية فساد كتعبيرٍ عن المساهمة في الكفاح ضد هذا العدوان الفطري. اعرض في مقالتي ،اليوم ،قضية شخصية ذات دلالة وتاريخ وتجربة بكيفية الفساد الاداري الذي يريد اغتصاب حق من حقوقي المشروعة .
تعرضتْ قضيتي إلى الإهمال في مديرية التسجيل العقاري في المدائن كان من نتيجتها اغتصاب (قطعة أرض) أملكها في المدائن بموجب (قرار الإحالة القطعية) التي اتخذتها عام 1996 محكمة تنفيذ الكرادة ببغداد. لكن (الإحالة القطعية) هذه تحولت مؤخراً إلى (عملية اغتصاب) بفعل التواطؤ المحتمل، المتوقع، بين عناصر الفساد والفاسدين في كل من محكمة تنفيذ الكرادة وعناصر مماثلة في مديرية التسجيل العقاري في المدائن، التي أصرت طوال 15 عاما على هذا الاغتصاب لأنها تطالب بما يسمى (صحة صدور) قرار (الإحالة القطعية) من محكمة الكرادة التي تدّعي في كل مرة من المراجعات لها باختفاء إضبارة المعاملة من دائرتها..! وأنها لا تملك ارشيفاً محفوظاً لديّها علماً بأن نسخة من قرارها موجودة في اضبارة المدائن، كانت قد وصلتها مباشرة بالطريق الرسمي من مديرية تنفيذ الكرادة نفسها.
استغل الفاسدون وجودي الاضطراري كلاجئ سياسي في هولندا بوضع صحي يمنعني من الحركة والسفر والتنقل منذ أواخر عام 2003 ولحد الآن.
كما تعلمون ايها السادة القضاة أن الفساد الإداري والمالي يتصنعان دائماً الحواجز والعقبات أمام المواطنين لمرور الفساد بدروبه سالماً ،بدون عوائق. كما أن الروتين القانوني المختلق يجري استغلاله من الفاسدين لكي يجبروا ضحاياهم على التراجع أمام روتين منهك و معقد لتحقيق رغباتهم الشريرة وافكارهم السيئة والمسيئة إلى القانون نفسه، أولاً واخيراً.
شجّعني الموقف التلفزيوني لرئيس هيئة النزاهة على التوجه إلى هيئة النزاهة وإلى مجلس القضاء الأعلى وإلى السيد رئيس محكمة استئناف بغداد – الرصافة بصفتها التمييزية لأن يقفوا بروح وطنية خصبة ضد شرور الفساد استنادا الى روح القوانين بالوقوف ضد محاولة انتزاع حقوقي في ملكية قطعة الارض المرقمة 3 /87 / م 13 بسماية.
لا شيء ابسط على رجال القانون والقضاء الشرفاء، المنصفين، النزيهين، من إعادة الحق إلى نصابه برفع الغشاوة عن عيون محكمة بداءة المدائن بقرارها غير العادل المرقم 461 /ب/ 2015 الموضوع الأن على منضدة السيد رئيس محكمة استئناف بغداد الرصافة الاتحادية ضمن اللائحة التمييزية، التي يتابع موضوعها وكيلي المحامي جميل عبد المجيد .
القانون يمكن ان يستدير الى الباطل إذا وُضعتْ الغشاوة على عيون منفذيه ويمكن أن يستدير إلى الحق والعدل إذا مارسه قضاة يعرفون قيمة الحق والعدل بوظيفتهم التي يشغلونها.
اتمنى ان تخرج العدالة من ضياعها بقرار عادل من قضاةٍ يحسنون الاصغاء الى الناس المغتصبة حقوقهم .
املي وطيد ان لا يظل رجال القانون العراقي يمشون ببطء أو بطريق غير مستقيم ، باحثين حقا وفعلا عن العدالة في زمان الظلم وان لا يظل القضاة مجرد اناس يجلسون على كراسي ،بل ان يكونوا صانعي معجزات حقيقية في إعادة الحقوق المغتصبة إلى أصحابها الشرعيين.
ليس من الصعب على رجال القانون النزيهين أن يظهروا قيمهم الغيرية المنصفة في الحفاظ على العدالة في بلاد الرافدين حالما تتوفر الحماسة والاخلاص في عملهم وضمائرهم في الدفاع عن حقوق الانسان.
سأكون بانتظار روح العدالة.
رسائل جاسم المطير (54) إلى رئيس وأعضاء محكمة استئناف بغداد الرصافة الاتحادية..
