اقتحام السماء .. تأملات في الحراك الشعبي (4) إشكاليات فكرية .. ونزعات \"طفولية\"
بقلم : رضا الظاهر
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

بعيداً عن خشية من هزيمة، وجزع قصير النظر، وتفاؤل ساذج، وكابوس تشاؤم، ومتاهة حيرة .. وقريباً من توازن الواقع والأفق، وائتلاف السخط والأمل .. نعرف أن خريفاً زائل، ذلك أن هناك ضفافاً نحن اليها سائرون ..

وفي أهدأ المراحل، وكما يبدو في أكثرها "عذوبة وسذاجة"، حسب تعبير ماركس .. في مراحل "الركود الكئيب" كان ماركس يعرف كيف يشعر باقتراب الثورة، وكيف يرفع البروليتاريا حتى تدرك مهماتها الطليعية ..

* * *

لم يكن من غير المتوقع أن يطرح الحراك الشعبي، في مسيرته المعقدة وتطورها المركب، طائفة من القضايا ذات الطابع الفكري والسياسي، التي ماتزال موضع جدل في "ساحات التحرير"، ومواقع التواصل الاجتماعي، وفي كتابات عالجت موضوعة الحراك.

وكان من بين هذه القضايا ما يكشف عن توجهات متطرفة، وميول فوضوية، ومطالب عدمية، يمكن لاستمرارها أن يلحق ضرراً فادحاً بمصائر الحراك، ويتحول الى عائق أمام تطوره، ووصوله الى غاياته.

ومن بينها، أيضاً، تفسيرات وتأويلات تكشف عن التباس مفاهيمي في مسائل خطيرة الشأن بينها، على سبيل المثال لا الحصر، مفهوم الدولة المدنية، وسبيل الخلاص من المحاصصة الطائفية والاثنية.

وفي غضون ذلك تمس الحاجة الى تدقيق بعض المفاهيم الأساسية المرتبطة بالحراك الشعبي بعيداً عن نزعة التبسيط والتفكير الرغائبي.

وليس من باب المفاجأة أن نجد بين المشاركين في الحراك الشعبي من يتسم نفَسه بالقصر، فيفقد صبره عجولاً، لأن "التغيير" لم يحصل كما أراده، أو بالسرعة التي توهمها، متجاهلاً أو غير مدرك للعوامل الموضوعية التي تحكم هذه القضية الاشكالية، ولحقيقة أن أي تغير نوعي لا يمكن الا أن يكون عاقبة لتراكم كمي.

أسئلة حارقة وميول ضيقة

وفي مقالنا هذا نسعى الى إضاءة ما يمكن من هذه الموضوعات الهامة. وعلى أننا لا نرى، على الدوام، جدوى في اللجوء الى المقارنات بين أحداث التاريخ في فترات مختلفة، فان مثل هذه المقارنة قد تكون، أحياناً، ضرورية لتوضيح بعض المواقف، وتدقيق بعض التحليلات.

ومن الطبيعي أن يطرح مآل الحراك الشعبي والانتفاضات الثورية عدداً من الأسئلة الحارقة، التي تزداد تعقيداً بالارتباط مع "يأس" البعض من رؤية النتائج والثمار الملموسة للاحتجاجات، وقد توهموا أن حركة الجماهير الثائرة يمكن أن تغير الواقع بين عشية وضحاها.

ولنا في مثال الثورة الفرنسية العظمى، التي اندلعت عام 1789، وما أحاطها من عفوية في حركة الثوار، والتباس في المفاهيم، وغموض في البرنامج، ما يمكن أن يضيء المصائر التاريخية للتحول الاجتماعي العاصف. فقد انتهى الأمر، كما نعلم، بهيمنة نابليون بونابرت على السلطة وتحوله الى امبراطور ظل حاكما مطلقاً حتى هزيمته عام 1815، وهي الهزيمة التي فتحت الأبواب أمام الأفكار التنويرية للثورة الفرنسية.

لقد ابتدأت الحركات الاحتجاجية والمظاهرات المطلبية بحضور نسبي أكبر لجمهور القوى المدنية في البدايات. غير أن المعاناة ليست محصورة بهذا الجمهور، وانما معاناة وطنية شاملة، ولهذا انخرطت أوساط واسعة من مختلف الاتجاهات والتوجهات في قوام هذا الحراك.

ونشأت بعض الميول الضيقة، التي حاولت وضع جدار بين قوى مدنية علمانية وقوى دينية اسلامية. وسعت، عن وعي أو دونه، الى دق أسفين وايجاد شرخ مفتعل بين أبناء الشعب، بين الجماهير المكتوية بنيران فساد السلطة وشحة الخدمات وسائر تجليات الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخانقة، في وقت تقتضي فيه الضرورة اشراك أوسع جمهور ممكن في ظل الشعارات المشتركة، وتشكيل ضغط فعال من ناحية على السلطة ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية لاعتماد المنهج الاصلاحي السليم، ومن ناحية ثانية لجم كل عناصر التخريب والاعاقة من المتضررين من اجراءات الاصلاح، أو المتورطين في الفساد ومؤسساته.

غير أن هذه الطروحات لم تفلح، لحسن الحظ، أمام الادراك الذي تحلى به الواعون والأغلبية الساحقة من المتظاهرين. فكل أبناء المعاناة ذوو مصلحة بانجاز الاصلاحات بغض النظر عن انتماءاتهم وهوياتهم الفرعية.

وحاول البعض، أيضاً، أن يضع التظاهر والمطالبة بالحقوق في تعارض مع مقاومة الارهاب والتصدي له، ونقيضاً للمجهود الحربي الذي يقوم به أبناء القوات المسلحة والحشد الشعبي والبيشمركة وأبناء المناطق المحتلة.

وهذا نفاق مفضوح وموقف سلبي مناويء للاحتجاج، ومحاولة لتغطية الاصلاح بكلمات معسولة عن ضرورات التركيز فقط على محاربة الارهاب، وكأن لا علاقة للارهاب بالفساد، وهما وجهان لعملة واحدة، يغذي أحدهما الآخر. ومن المستحيل القضاء التام على أحدهما وابقاء الثاني منتعشاً. إن كل الحقائق والوقائع تؤكد التخادم المتبادل بين الارهاب والفساد. فالارهاب يخلق البيئة المناسبة للمفسدين ويحميهم، والفساد لا يواصل ممارسة نهب الدولة بدون الفوضى التي تؤمن له الانتعاش.

غير أن التظاهرات تمكنت، في تيارها الأساسي، أن تحتوي وتحجّم تأثير الطروحات والشعارات غير المنضبطة، المغالية، غير الواقعية، والتي تتجاوز المهمة الأساسية للحراك الجماهيري حالياً، والمتمثلة في انجاز الاصلاح الحقيقي. وهذه الشعارات المتطرفة تدعو، من بين أمور أخرى، الى الغاء الدستور وتشكيل حكومة انقاذ وطني لاسقاط الحكومة القائمة وانهاء البرلمان.

ولا ريب ، ان هذه الشعارات، التي يتسم بعضها بالعدمية، تصيب، إن تنامت، الحراك بمقتل إذ تدفعه الى المغامرة، وعلى نحو يساعد القوى المتربصة بالاصلاح والمتضررة منه على اقتناص الفرصة، واحداث اختراق وخلاف في صفوف المحتجين ومن يناصرهم لتسهيل مهمة اجهاض الحراك.

وبوسعنا القول إن البعض مازال أسيراً لمثل هذه الطروحات التي تعكس إرادوية ورغبوية مقيتة تخفق في قراءة الواقع على نحو سليم، بل تنظر الى الأمور نظرة استعلاء، مستصغرة الوقائع وتوازنات القوى والظروف التي تمر بها البلاد.

ويحاول بعض هؤلاء المتطرفين الضغط باتجاه دفع المظاهرات للخروج عن سمتها السلمية وتجاوز حدود امكانياتها وطاقاتها، وما رسمته لنفسها طوعياً من رغبة عارمة، مشروعة وحكيمة، في الحفاظ على سلمية التظاهر والامتناع عن أية مبادرة من شأنها التورط في معارك جانبية أو احتكاكات غير مرغوبة أو ممارسة أعمال شغب واعتداء على المال العام ومؤسسات الدولة.

لقد رفع بعض المتظاهرين شعارات طالبت باقتحام "المنطقة الخضراء" بهدف الاطاحة بالبرلمان والحكومة. ويطرح علينا هذا النمط من التفكير والسلوك طائفة من الأسئلة المتعلقة بالنضال البرلماني والمساومات السياسية. ومن الجلي أن هؤلاء المتظاهرين ينطلقون من مقدمات صحيحة ليصلوا الى استنتاجات خاطئة. فمن المعلوم أن البرلمان قائم على مبدأ خاطيء، مبدأ المحاصصات، وهو يضم متشبثين بالامتيازات. غير أن هذا لا يبرر الوصول الى استنتاج أنه ينبغي الاطاحة بهذا البرلمان المنتخب (بغض النظر عن أسباب وظروف وعوامل وعدالة الانتخاب وقانونه) عن طريق اقتحام المنطقة الخضراء وممارسة سلوك لاسلمي، عدمي وفوضوي ومتطرف.

التباسات مفاهيمية

ومن ناحية أخرى تستدعي منا بعض الالتباسات المفاهمية التدقيق والتوضيح. فمن المعلوم أن اقامة الدولة المدنية مطلب أساسي للحراك. وقد تضمنه شعار (خبز .. حرية .. دولة مدنية) الذي تصدح به أصواتنا كل جمعة.

وهذه الدولة المدنية دولة ديمقراطية تستند الى مبدأ المواطنة. وتقوم على أساس نظام مدني للعلاقات تخضع فيه كل المؤسسات، بما فيها العسكرية، الى ادارة مدنية منتخبة ديمقراطياً. وتضمن هذه الدولة حقوق الناس بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الفكرية, وهي دولة قائمة على مباديء السلم الأهلي والتسامح الاجتماعي والتعددية وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات. وتطبق هذه الدولة القانون وتضمن حقوق الانسان، وتفصل الدين عن السياسة، وترفض استخدام الدين لأغراض سياسية.

وقد بات جلياً اليوم أن النظام السياسي القائم في بلادنا يستند الى المحاصصة الطائفية والاثنية التي تشكل جوهره وأساس البلايا والمآسي التي يعاني منها الشعب. أما طريقة الخلاص من هذه المحاصصة فتتباين بتباين مواقف القوى السياسية والاجتماعية وامتيازاتها.

فقوى التحالف الوطني تطرح اقامة حكومة أغلبية. غير أن هذا يعني من الناحية العملية، وفي ظل ظروف البنية الاجتماعية والسياسية الراهنة، حكم طيف واحد والغاء مشاركة وتمثيل الأطياف الأخرى. وهو ما يؤدي الى استمرار شكل آخر للمحاصصة ربما يكون أكثر تعقيداً واثارة للتوتر السياسي والاجتماعي.

وتتبنى بعض القوى، وبينها مدنية، تشكيل حكومة تكنوقراط بعيداً عن الأحزاب والكتل السياسية. وهو حل غير واقعي، ذلك أن دعم الوزير التكنوقراطي لا يأتي الا من قوة سياسية مؤثرة تمكنه من تحقيق استقلاليته مقابل الكتل السياسية المختلفة. وهذا غير ممكن في ظل التوازن السياسي الراهن، وفي ظروف غياب دولة مؤسسات.

والحق إن الغاء المحاصصة يمر عبر اعتماد مبدأ المواطنة وليس التوازن الطائفي أو السياسي، كما أنه يتطلب منهجية مؤسساتية تعتمد المهنية والكفاءة وتكافؤ الفرص. ويستدعي هذا، أولاً وقبل كل شيء، التخلي عن نمط التفكير السياسي الضيق، وإرساء أساس مادي للدولة المدنية، في سياق عملية وطنية ديمقراطية سلمية.

عدمية وتناقض "الفوضوية"

ومن المؤكد أن النزعة الفوضوية (الأناركية) هي إحدى أخطر النزعات المتطرفة التي تؤدي، من بين عواقب أخرى، الى حرمان الحراك الشعبي والانتفاضة الثورية من القيادة.

ويسعى بعض الفوضويين الى استثمار مثال الثورة المصرية عام 2011 محاولين الايحاء بأن أحداثها جاءت مصداقاً على منهجيتهم. فقد أطاح تمرد تلقائي قام به ملايين من الناس المحتجين الذين ملأوا شوارع البلاد بحكم استبدادي. وكان المتمردون في غالبيتهم من الشباب الذين استثمر سخطهم وجرت تعبئتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وهذه الصورة صحيحة الى حد ما. فمعظم الثورات الكبرى، بما فيها الثورة الفرنسية وكومونة باريس والثورة الروسية، بدأت تلقائية ثم دخل فيها عنصر القيادة والتنظيم.

غير أن التأمل في هذه الأحداث التاريخية الثورية وتحليلها بصورة عميقة يظهر، على نحو جلي، أن هناك الكثير من العمل السياسي الذي يقف خلف ما يبدو تلقائية. فتمرد 25 يناير 2011 في مصر لم يأت فجأة، وانما جاء نتاجاً لتراكمات كفاحية، مطلبية وسياسية، وأحداث عاصفة ملهمة كان آخرها انتصار الثورة التونسية قبل أيام من الحدث المصري الباهر.

وهكذا فان مثال الثورة المصرية لا يزكي موضوعات "الفوضويين" بل يكشف تناقض مواقفهم وتحليلاتهم.

ومن بين تجليات عدمية الفوضويين رفضهم لفكرة "القيادة"، اذ يحاولون خلط الأمور، ولا يميزون بين هذا القائد السياسي أو ذاك، واضعين الجميع في سلّة واحدة.

صحيح أن الطبقات الحاكمة في مجتمعات الاستغلال تفرض هيمنتها وتزعم أنها ولدت لتقود المجتمع ولتجعل ثقافتها هي السائدة فيه، وتحاول اشاعة هذه الثقافة التي تفترض، من بين أمور أخرى، خنوع الناس لـ "القيادة الحكيمة" التي لا ينبغي الاعتراض على ارادتها. فكان من الطبيعي أن يرتبط مفهوم "القيادة"، والحال هذه، بسطوة وغطرسة وامتيازات الحكام، وهو ما رفضه "الثوريون الفوضويون" عن حق.

ويقدم الفوضويون، في الجانب الآخر، أدلة على اخفاق "القيادات الثورية" التي يرون، عن حق في حالات غير قليلة، أنها تخلت عن روح القيم الثورية ووقعت تحت اغراء الامتيازات، بحيث باتت أسيرة للنظام الذي أرادت هي، أصلاً، الاطاحة به. ولا يندر أن يجدوا أمثلة في ظل التحول التاريخي العاصف في عالمنا المعاصر.

ويلفت الانتباه أن الفوضويين يعودون الى أحداث ايار 1968 في فرنسا، كمثال كلاسيكي على الدور الذي قد يمارسه هذا النمط من القيادات "الكارثية". ففي حين تفجرت حركة عفوية طلابية وعمالية ضد نظام ديغول، لتتحول الى معارك ثورية في شوارع المدينة التي كانت قبل ما يقرب من قرن من الزمان مسرحاً للكومونة، واندلع اضراب عام على مستوى البلاد شارك فيه عشرة ملايين عامل، انهمك القادة، وكانوا منتمين بشكل أساسي، الى الحزب الشيوعي الفرنسي ونقابات العمال (السي جي تي)، في اتخاذ مواقف "انتهازية متخاذلة" أدت، كما يرى الفوضويون، الى اجهاض الحركة التي كان يمكن أن تطيح بنظام الاستغلال الرأسمالي، وحولوا الحراك الثوري العاصف الى مجرد طائفة من المطالب المتواضعة المتعلقة بالأجور وظروف العمل، فكان أن أجهضت الانتفاضة وألحقت بها هزيمة نكراء، وعاد "الثوار" الى مواقع عملهم "خانعين".

وعلى أية حال فان حقائق الواقع الصارمة تكشف عن أن الأناركيين، الذين رفضوا "القيادة" في الحركة الثورية، طالما كانت لهم قياداتهم، التي تحول بعضها الى رموز في القرنين التاسع عشر والعشرين، وبينهم، على سبيل المثال لا الحصر، برودون وباكونين ودوروتي.

قطف ثمار قبل أن تنضج

ومن ناحية أخرى يتسم أصحاب الميول الثورية الضيقة، العدمية، بروح الاستعجال في قطف الثمار، وقبل أن تنضج بالطبع. وعندما يمارسون هذا السلوك، المنطوي على النفَس القصير، غالباً ما تؤدي بهم الهزائم الى "اليأس"، والتخلي عن النضال الثوري، بل وربما انتقال موقعهم الى معسكر "الثورة المضادة"، مدافعين متحمسين عن سلطة الاستبداد التي باتوا خائفين عليها بعد أن كانوا خائفين منها.

ومرة أخرى يتعين علينا القول إن هذا الذي يحدث في ساحات التحرير هو تمرين كفاحي يسهم في التراكم الذي يؤدي الى تعميق الوعي بضرورة التغيير، ويخلق القوى الاجتماعية القادرة عليه.

ويتعين علينا أن نعترف بحقائق الواقع، ومن بينها، بالطبع، حقيقة أن "الملايين"، القادرة بحركتها الشعبية العاصفة على إحداث التغيير، ماتزال بعيدة عنا، وما يزال تأثيرنا عليها محدوداً، اذ ما فتئت هاجعة، مغسولة الأدمغة، متدنية الوعي، وخانعة للثقافة السائدة وخرابها العميم ودمارها الروحي.

ويمكننا القول إن الشروط الموضوعية لتحقيق الحراك الشعبي النصر النهائي المنشود غير متوفرة الآن. وهذا لا يعني بالطبع، وعلى الاطلاق، وكما يوحي ويريد خصومنا، أن مظاهراتنا ستخفت وأن حركتنا الاحتجاجية ستضمر، وأن مصيرنا هو الهزيمة، وأننا ينبغي أن نرفع أيادينا استسلاماً. بل يعني العكس، بالضبط، أي ضرورة أن نضاعف الطاقات الثورية، متمسكين بالأمل وقيم الكفاح، والثقة بأننا نحن من سيحدث التغيير على يد الملايين، ونحن نسير معها وفي طليعتها، عبر استثمار السخط، واتساع النهوض الثوري وتنويع أساليب الكفاح، وخلق الأساس السياسي والمادي للمضي بالحراك الشعبي حتى نهاياته.

* * *

أولئك الفتية المفعمون بالرجاء والتحدي وروح الاقتحام .. الذين تخفق راياتهم في سماءالبلاد وهي تنتظر مآثرهم الملهمة .. الذين تحلّق هتافاتهم في ساحات التحرير .. يقرأون ما قاله ماكبث في إحدى أعظم تراجيديات شكسبير، في مونولوغه الدراماتيكي المثير:

"غداً .. وغداً .. وغداً ..

وكل غد يمشي بهذه الخطى الوئيدة

يوماً إثر يوم حتى المقطع الأخير من الزمن المكتوب

ألا انطفئي أيتها الشمعة الوجيزة

ما الحياة الا ظل يمشي

ممثل أبله يتبختر ..

يستشيط ساعة على المسرح، ولا يقول شيئاً

إنها حكاية مليئة بالصخب والعنف

ولكنها لا تعني شيئاً" ...

يقرأونه على نحو مختلف، يتعارض مع ممجدي النزعة العدمية، الذين يبسّطون قول ماكبث، وينظرون نظرة قاصرة لا ترى دلالته العميقة .. يقرأونه قراءة الأمل لا قراءة اليأس ..

"إنها لسذاجة صبيانية أن يجعل المرء من جزعه الشخصي برهاناً نظرياً" .. قال معلمنا إنجلز !

  كتب بتأريخ :  الخميس 18-02-2016     عدد القراء :  2364       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced