مدرسة فرانكفورت..
بقلم : فرحان قاسم
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لانتاج معرفة جديدة كما يقول غارودي " لا يكفي الوصل بين بعض الاحكام وبعض الملاحظات المنهجية حتى يتكون علم معين، ان مثل هذا الاسلوب المدرسي في مراكمة الشواهد واعادة الربط بينها بواسطة استنتاجات مستخلصة بمقتضى قوانين المنطق الصوري، لن يسمح لنا بالاهتداء" الى مفهوم شائك كمدرسة فرانكفورت، وانعكست هذه الصعوبة بتعدد اسمائها الذي يعكس تعدد زوايا نظر مفكريها واختلاف مرجعياتها بالرغم من جذورهم الماركسية، وابرز مفهوم دلل على ذلك الاختلاف والتعدد والالتباس هو ما اطلقه عليها لوكاتش " فندق الهاوية الكبير "، اضافة الى مفاهيم عديدة اخرى مثل، فكر الهجرة، الماركسية الغربية، النظرية النقدية. وترتبط صعوبة هذا المفهوم " الشائك " بعوامل عديدة :

1- الظروف التاريخية التي احاطت بمدرسة فرانكفورت:

انتقال الراسمالية من مرحلة راسمالية المنافسة الحرة الى مرحلة راسمالية الدولة الاحتكارية، الذي وضع الحركة الشيوعية امام اسئلة جديدة وكبيرة للاجابة عنها سواء في الحقل النظري او التطبيقي. ووضعها موضوعيا امام ضرورة اعادة انتاج الماركسية وجهازها المفاهيمي لكي تحلل المتغيرات الهائلة التي جرت على الراسمالية والعالم تبعا لذلك.

نتائج ما بعد الحرب العالمية الاولى الدرامية، حيث انتصرت الطبقة العاملة في روسيا وفتحت عهدا جديا في النظام الدولي، ونمواً في حركات التحرر الوطني، يقابله انتكاسة لحركة الطبقة العاملة في اوربا، وانشقاقات في الحركة الشيوعية، و بروز النازية، و ازمة الكساد الكبير.

عجز الية اليد الخفية لادم سميث التي طبعت الراسمالية منذ ظهورها عن العمل في مرحلة انتقال الراسمالية وظهور الكنزية بديلا لها على اثر ازمة الكساد الكبير.

صعود النازية بعد انهيار جمهورية فايمار في المانيا، والفاشية في ايطاليا و تنامي الدكتاتورية في اسبانيا، و اشتداد الصراع بين البلدان الراسمالية لاعادة تقسيم العالم الذي مهد الطريق لاندلاع الحرب العالمية الثانية.

نتائج الحرب العالمية الثانية الدرامية ايضا حيث برز المعسكر الاشتراكي وترسخت القطبية الثنائية، وتدشين الحرب الباردة، وبروز الولايات المتحدة الامريكية كقوة راسمالية اقتصادية عسكرية كبرى. و توسع الحروب الاقليمية كالحرب الكورية وفيتنام.

الكنزية التي اثبتت جدارتها بعد ازمة الكساد الكبير عجزت عن ادارة الدفة الاقتصادية بعد الازمة التي اعقبت الفورة النفطية في بداية السبعينات وحلت محلها مفاهيم اللبرالية الجديدة وروادها من المحافظين الجدد التي كان من نتائجها المباشرة عولمة نمط الانتاج الراسمالي خصوصا بعد انهيار النظام الاشتراكي في روسيا واوربا الشرقية.

2- الظروف والمتغيرات التي مر بها معهد البحث الاجتماعي بجامعة فرانكفورت حيث تم تاسيسه عام 1923 وبعد استيلاء هتلر على السلطة اغلق المعهد عام 1933، وانتقل الى حنيف مع فرعين في لندن وباريس باسم (المؤسسة العالمية للبحث الاجتماعي)، وبعد التوسع النازي انتقل المعهد الى امريكا باسم (المدرسة الجديدة للبحث الاجتماعي)، وبعد الحرب العالمية الثانية عاد المعهد الى المانيا باسم (مدرسة فرانكفورت) الى ان تم حله عام 1960، مع استمرار رواده في انتاجهم وتاثيرهم الفكري.

3- عدد كبير من المفكرين لهذه المدرسة تتنوع اختصاصاتهم ومرجعياتهم اضافة الى الماركسية، فاستند بعضهم الى منجزات علم النفس، واخرون الى علم الاجتماع، اضافة الى تاثر بعضهم بطروحات هيغل وكانط وغيرهم ، وابرز ملاحظة على منجزهم ان كلا منهم انتج مفهوما او مفهومين وبنى عليه رؤيته سواء اقترب من الماركسية ودعمها او ابتعد عنها وتقاطع معها.

يتضح من المشهد السابق ان الحيز الزماني الذي تحركت به هذه المدرسة يتجاوز الثمانين عاما، وان حجم المتغيرات السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية والفكرية كثيرة جدا، وهذا يفسر الى حد ما تعدد المرجعيات لرواد هذه المدرسة ، وانعدام وحدة المنهج في التحليل، وعدم بروز مفكر منهم يحدد الاطر الفكرية والمنهجية في التحليل.

الماركسية والصراع الايديولوجي

النص اي نص بالنسبة للماركسية ليس مقدسا، لانه مرتبط بطبيعته التاريخية، لذلك نرى ماركس اول المناهضين للدوغما، ولم يتردد من تغيير بعض النصوص في البيان الشيوعي بعد حفنة سنين، فظهور مدارس او كما يسميها البعض نسخا جديدة للماركسية تحاكي المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية ليس امرا متقاطعا مع جوهر الماركسية وهو الديالكتيك المادي. وبالمقابل ليس غريبا ان تواجه الماركسية بسبب طبيعتها الطبقية - منذ نشاتها ماكنة ايديولوجية ضخمة معادية لها تتنوع اشكالها وتتوحد غاياتها بمعاداة الشيوعية، وخاض رواد الماركسية كفاحا مريرا ضد تلك النزعات.

التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الرأسمالية مرت بمرحلتين رئيسيتين درست الماركسية بعمق مرحلتها الاولى وكشفت من خلال ذلك تناقضات تلك التشكيلة وقوانينها بل ساعد الجهاز المفاهيمي الذي ابتدعه ماركس على اجتراح وليدين جديدين في الفلسفة : المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية الامر الذي فتح له الطريق للوصول الى استنتاجاته الكبرى في تحليل الراسمالية من خلال سفره الكبير " راس المال ".

في نهاية القرن التاسع عشر انتقلت الراسمالية الى مرحلتها الثانية، وكان ماركس وانجلز قد غادرا الحياة ووضعت هذه الانتقالة الكبرى للراسمالية الماركسية امام اسئلة عديدة تحتاج الى اجابات، وتصدى لها عمالقة الفكر في تلك المرحلة، وكل ادلى بدلوه، غرب في تحليله او شرق، ومن هؤلاء بليخانوف، لينين، روزا لوكسمبورغ، تروتسكي، كاوتسكي واخرون. ومن بين هؤلاء خرج لينين بتحليلاته المعروفة بصدد الامبريالية وما يرتبط بها من آراء حول الدولة والثورة وعلاقة ذلك ببناء الحزب الشيوعي، وحصلت بسبب الخلافات المعروفة الكثير من الانشقاقات في الحركة الاشتراكية الديمقراطية، وعلى هامشها الكثير من الانشقاقات في الحركة العمالية، وفي النهاية انتصرت ثورة اكتوبر على ضوء طروحات لينين وتحليلاته، وما ارتبط بعدها من تداعيات كثيرة واجهتها الثورة سواء في حقل النظرية اوالتطبيق.

لا شك في ان ثورة اكتوبر حدث كبير وانتقالة نوعية والاسباب معروفة، مقابل ذلك حصلت انتكاسة كبرى للحركة العمالية في اوربا ولا بد من معرفة تفاصيلها لان لها علاقة قوية بظهور عدد كبير من المفكرين الماركسيين الذين طرحوا افكارا ورؤى واجهت معارضة شديدة من عجلة الستالينية.

ما الذي جرى في اوربا بعد الحرب العالمية الاولى؟ ما هي المتغيرات التي حصلت في المعسكر الراسمالي؟ ما هي الاسباب والنتائج التي تمخضت عنها ازمة الكساد الكبير، وما هي النتائج السياسية المباشرة التي ادت اليها ؟ وما علاقة تلك النتائج بالحرب العالمية الثانية ؟ وما علاقة هذا كله بظهور مدرسة فراتكفورت، والماركسية الغربية عموما ؟.

مدرسة فرانكفورت: تعدد المفاهيم وفقدان وحدة المنهج

حينما نتحدث عن مدرسة فرانكفورت " كتيار فلسفي اجتماعي نقدي معاصر " فهذا يعني في المجال الفلسفي ان لها رؤية ونظرة اختلفت بهذه الدرجة او تلك عن المصدر الذي نهلت منه وهو الماركسية، لان قسما من روادها يعتقدون ان الماركسية " التقليدية " كما يطلقونها على ماركسية ماركس وانجلز لم تعد قادرة بجهازها المفاهيمي على معالجة مشكلات العصر والاجابة عن جميع الاسئلة التي تواجه انسان القرن العشرين لذلك بحثوا وتاملوا لتحقيق منظومة جديدة من المفاهيم تساعدهم على تحليل الواقع الجديد المتجدد لجؤوا الى توليفة من منجزات العصر سواء في العلوم الطبيعية او الانسانية، ولكننا نواجه مشكلا حقيقيا في هذا المجال حيث عجز اي من روادها من تحقيق ذلك مثلما فعل ماركس، وانما نجد مفاهيم تتوزع بين هذا المفكر او ذاك دون ان يجمع بين تلك المفاهيم جامع مشترك معين، والنتيجة النهائية انك لن تجد جهازا مفاهيميا جديدا يساعدك على تحليل الظواهر الجديدة بطريقة محكمة مثلما فعل ماركس.

من تلك المفاهيم، مفهوما " الهيمنة " و " الانسان ذو البعد الواحد " لهربرت ماركوز، لتوضيح كيفية استعباد واستلاب الانسان في مجتمع التقنية ليس عن طريق القمع البوليسي او بطرق بدائية سافرة وانما من خلال الماكنة الاعلامية الضخمة، و " توظيف النسق الايديولوجي والثقافي لتزييف الوعي باقرار الوضع القائم كوضع لابديل له، بحيث تبدو الديمقراطية البرجوازية " قمعا مموها لصنع الانسان ذي البعد الواحد بحيث لا يسمح له بالتطلع الى تغيير الواقع "، عن طريق دمجه كليا في مجتمعه، و تكييفه كليا مع ماهو قائم، وتتحول التقنية الى احدى اليات الهيمنة، " لاعادة انتاج النظام القائم و محو نقده ومعارضته "، لخلق عالم ذي بعد واحد من الفكر والسلوك " يحيل الانسان الى ذاته ويجرده من معارضة ونفي النظام الراسمالي، اي عالم تتلاشى فيه القدرة على التفكير النقدي والسلوك المخالف "، واكد على ان مفهومي الحرية والمساواة في المجتمع الراسمالي ليسا الا تمويها لتابيد الهيمنة واللامساواة، وارتباطا بذلك طرح بديلا اجتماعيا للتغيير يحل محل الطبقة العاملة وهو "الانتلجنسيا الراديكالية " كشريحة غير قابلة للاندماج بعجلة النظام الراسمالي، لانه يعتقد بان الطبقة العاملة اندمجت كليا بالمجتمع الراسمالي ولم تعد هي الحامل الاجتماعي الذي يبني الاشتراكية وبهذا يتقاطع ماركوس مع تحليل ماركس المتعلق بالتناقض التناحري بين البرجوازية والطبقة العاملة الذي يعكس التناقض الرئيس في التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الراسمالية اي التناقض بين العمل وراس المال ، بين الطابع الاجتماعي للانتاج وبين الملكية الخاصة لوسائل الانتاج.

كما طرح ادورنو مفاهيم ابتعدت كثيرا عن الماركسية، وخصوصا نظريته المتعلقة بعلم الجمال الذي نفى فيه ان الجمال انعكاس للعالم واعتبره " وسيلة هروب غامضة واعتبر عزلة الفن مصدر قوته " ورفض فكرة تحرر الفرد من التسلط عبر الجماعات المعارضة وانما " عبر الفنان وفنه الذي يواجه الواقع المعطى بالتلميح الى ما يمكن ان يكون ". واكد ان المجتمع الراسمالي يطمس الفرد تماما وان البشرية في طريقها الى شكل جديد من البربرية وان " الفاشية هي النتاج الطبيعي للراسمالية " ولم يقتصر تقاطعه مع الماركسية على مفهوم علم الجمال وانما اهمل " تحليل ماركس الاقتصادي ونظريته عن الطبقات ".

طرح جورج لوكاتش مفهومي " التشيؤ " و " الوعي الطبقي " للتاكيد على ان المجتمع الراسمالي يحول البشر الى " اشياء " ارتباطا " باتساع صنمية السلع لتشمل الوعي الانساني والمجتمع "، ورغم استناد لوكاتش الى مقولات ماركس وانجلز وخصوصا علاقة الوعي بالوجود الاجتماعي الا انه اعطى لوعي الطبقة العاملة اهمية خاصة لان الراسمالية حولتها الى بضاعة، " ولا يمكنها ان تحقق حريتها الا بتحررها من كونها بضاعة، وهي بهذا الكفاح تنقذ جميع الشرائح الاجتماعية في المجتمع البرجوازي من هذا الاستلاب والاغتراب (التشيؤ)، وبهذا يربط لوكاتش الانعتاق من الضرورة في ظل الراسمالية عبر تفعيل وعي الطبقة العاملة بجوهر الراسمالية من جهة ودورها التاريخي من جهة اخرى.

ماكس هورهايمرمؤسس النظرية النقدية اوجد منهجا نقديا جدليا يهدف الى توحيد النظرية بالممارسة العملية للتصدي الى فكرة التسلط والاستلاب لتحقيق سلطة الانسان على حياته وعلى الطبيعة معا، كما " نقد الفلسفة الوضعية لانها تعامل الانسان كشيء مجرد، ولا تميز بين المظهر والجوهر.

كما نجد مفهوم " المجال العام " لهابرماس الذي حولته الراسمالية من حقل للتحاور العقلاني الى مجال للتحكم السياسي والهيمنة عبر تحويل المواطن من مشارك ايجابي الى مشاهد سلبي، و قسم المجال العام الى مجال الدولة من جهة و المجال الخاص من الاسرة والمجتمع المدني من جهة اخرى، ونقد تحول العلم والايديولوجيا الى وسائل للقمع والهيمنة. كما اوجد نظرية التواصل التي تعتبر التفاعل الاجتماعي عاملا اساسيا اضافة الى عامل الانتاج لذلك اكد على اسبقية اللغة على العمل.

ارنست بلوخ طرح رؤية عميقة في تحليله للموروث الديني والثقافي من حكايات واساطير وثقافة شعبية، وركز على اهمية اعتبارها " منتوجا ثقافيا يحتوي على مضمون تقدمي تحرري " يجسد جنوح الانسانية نحو بناء مجتمع المساواة والعدل ولم ينظر اليها فقط من زاوية " كونها منتجات ايديولوجية تعموية لتزييف الواقع "، واستند بلوخ في هذه الرؤية الى تحليلات ماركس بصدد ازدواجية وجود العناصر الطوباوية الاصلاحية في الموروث الثقافي دون ان يهمل عناصر التعمية والتمويه فيها. ويمكن التنويه الى تجربة ناجحة لليسار في امريكا اللاتينية مع لاهوت التحرير، وتجربة فاشلة اكدها بلوخ وهي " ان جزءا من هزيمة اليسار في جمهورية فايمار في المانيا يعود الى ان اليسار ركز على النقد والادانة السلبية بينما قدمت النازية رؤية ايجابية و بدائل جذابة للجماهير الالمانية اليائسة.

مدرسة فرانكفورت بين النقد والبديل

المشهد الذي طغى على العالم خلال القرن العشرين، اثار الكثير من الاسئلة امام مفكري اليسار ممن كانوا خارج القبضة الستالينية، وخصوصا في البلدان الراسمالية التي استطاعت بوسائل مختلفة تخفيف حدة التوترات الاجتماعية داخل بلدانها، ووضع احزاب اليسار فيها وجها لوجه لحل معضلة التكتيك في ظل المتغيرات الكبيرة، فماهو الموقف من صورة " معذب الارض " لفرانز فانون التي تعكس صورة انسان البلدان المتخلفة كما طرحها جورج طرابيشي وما هو الموقف من " الانسان ذو البعد الواحد " التي تعكس صورة الانسان في البلدان الراسمالية كما طرحها ماركوز ؟ ولماذا اصبحت الثورة ممكنة وحتمية في البلدان المتخلفة، حيث لا وجود للقوة الاجتماعية للثورة الاشتراكية (الطبقة العاملة)، وكيف لم تتحقق في عالم يمتلك تلك القوة ؟ و قد ذكر فالح عبد الجبار اربعة تحليلات لثورة اكتوبر : الاول لكرامشي الذي " وصفها بانها ضد منطق رأس المال، وكاوتسكي الذي تنبا بانهيارها قبيل وفاته 1938، وماكس فيبر راى ان الدولة ستبتلع الحزب وتسود، وبليخانوف الذي اكد ان بلدا زراعيا مثل روسيا لن يسمح بنشوء نظام سوى استبداد قيصري حتى لو ارتدى رداء بلشفيا. و واضح ان التحليلات السابقة مرتبطة بموقف ماركس من الثورة الاجتماعية وقوانينها وتحليلات لينين المرتبطة بنشوء الامبريالية. وبرزت اسئلة تتعلق ببعض القوانين الاقتصادية مثل لماذا لم يقترن التراكم الراسمالي كما طرح برنشتاين - بمركزة متزايدة للثروة بين ايدي اقلية من الاقطاب؟ فقد ازداد عدد الراسماليين ولم يتحقق جيش احتياطي صناعي ولا افقار نسبي ؟ واسئلة تتعلق بقانون فائض القيمة في ظل احلال التكنولوجيا المتقدمة محل الايدي العاملة، وما هو الموقف من الامبريالية ؟ وماهو الموقف من القضية القومية سواء في البلدان الراسمالية او في البلدان المتخلفة؟ ما هو الموقف من اندماج الطبقة العاملة في منظومة المجتمع الراسمالي بهدف الازدهار والربح ؟ ان هذه الاسئلة وغيرها حفزت عقول مفكري اليسار على اعمال عقولهم لايجاد اجابات ووضع تكتيكات تتناسب ومتطلبات حركة الواقع المعيش، واستندوا الى معين لا ينضب وهو الماركسية التي وصفها المنظر الالماني كارل كورش بانها نظرية نقدية توفر ادوات نقد النظرية والمجتمع البرجوازيين وتهيئ القوة القادرة على التغيير، وان وحدة النظرية و التطبيق هي معيار اصالة الماركسية، لذلك فان توصيف مدرسة فراكفورت بانها اول مدرسة نقدية هو تجاوز لحقيقة تاريخية.

ان مدرسة فرانكفورت هي قراءة توليفية بين الماركسية والهيغلية ومخرجات علم الاجتماع وعلم النفس لتحليل المتغيرات الهائلة التي جرت على المجتمع الراسمالي بعد انتقاله الى مرحلة الامبريالية ساعية للوصول الى "مجتمع اكثر حرية وعقلانية لتحقيق التحرر الانساني من كافة اشكال الهيمنة "، و دعت الى توحيد النظرية بالممارسة العملية، و " ربطت بين رفض المجتمع القمعي وبين الدور الحاسم للعقل في حياة الانسان ". و سعت ان تكون نظرية نقدية للافكار والمجتمع على حد سواء و" تجاوزت الاقتصار على الاقتصاد السياسي في نقد المجتمع الراسمالي " وانما نوعت من ادواتها في عملية النقد الى فروع الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس. ورغم انها قدمت نقدا مركزا للفكر والمجتمع البرجوازي الا انها عجزت عن " اقامة نسق عقلي متكامل "، كما فعل ماركس.

  كتب بتأريخ :  السبت 27-02-2016     عدد القراء :  2265       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced