منذ تأسيس بلاد ما بين القهرين في 1921 ولحد اليوم وأنا من معاصري أمتداد مطباتها السياسية ومحطاتها التراجيدية المأساوية المشحونة بالقهر واليأس والأحباط ، بيد أن هذا العراق المبتلى لم يهن ويذل وينكب ويحرق منه الأخضر والأخضر وثُم يلحقهُ اليابس واليابس وسرقة ماله وأرضه وعرضه وكرامته ومستقبله كما هو في فترة ما بعد السقوط لا أعني سقوط الصنم فقط بل سقوط أصحاب القرار في الشبكة العنكبوتية في الولاء لحزبهم وكتلهم ، وبيع الوطن العراقي أرضا وشعبا بالجملة في مزاد العهر السياسي ، بعد أن أشتراه شعبنا بالمفرد بفاتورة دماء وعرق أجياله ، وثمة أرهاصات وأمنيات أحلام يقضة (بلو---!!) نكون مثل كنشاسا أو موزمبيق أو بنكلادش ، بيد أني تذكرت السلف الطيب قد زرع (اللو) وللأسف الشديد أنه لم يورق ، وأكملت حلمي - الممنوع – لا لا لا نحن نستحق أن نكون مثل تركيا وأيران وفنزويلا وأذا بهاتف من أعماق اللاوعي يتمتم بخجل وأستحياء لا يا رجل أصحَ --- !!! { ألم تقرأ قول لقمان الحكيم : رحم اللهُ أًمرأًًعرف قدر نفسه فوقف عنده } .
ومن خلال مشاهدة مسرحية " شاهد ما شاف شي حاكه " على مسرح البرلمان العراقي ، المسخ المشوه الذي لم ينجز مهامه الموكل بها في تشريع القوانين المعطلة وواجبه الرقابي ، بل فشل فشلاً ذريعاً في مهامه كضلع هندسي مهم في مثلث الدولة الديمقراطية ، وثبت للقاصي والداني بأننا لا نستحق ( النظام البرلماني ) لكوننا :
1- نحن في تجربة ديمقراطية حديثة وخاصة جاءت بمقاسات أمريكية وهي تمارس ديمقراطيتها لأكثر من 400 سنة ، فتصبح تلك المقاسات خاطئة ولا تتلاءم مع الدول الحديثة في الديمقراطية لحاجتها إلى وعي ديمقراطي طويل .
2- وفشلنا في النظام السياسي البرلماني ولفترة 13 سنة والبرلمان عبارة عن سيرك أو روضة أطفال يمارس فيها لعبة الكراسي وقناني الماء والشتائم والتسقيط السياسي والأشتباك بالأيدي وأحياناً جلكم الله بال- !!!
بعض عيوب النظام السياسي البرلماني:
تكون السلطة الفعلية بيد رئيس الوزراء المنتخب من أحزاب الأغلبية مقابل تهميش رئيس الدولة بصورة شبه نهائية ، عدم الأستقرار للحكومة ، صعوبة حصول الحكومة على تأييد واسع في ظل الأتجاهات الحزبية المعارضة ، خضوع الحكومة للضغوطات الكتلوية والطفيلية الحزبية ، وعندما يتم تشكيل الحكومة حسب النظام البرلماني من الحزب الذي يحصل على الأغلبية في البرلمان وهنا فيها خطورة فادحة ومدمرة أحياناً كثيرة هي: في حالة عدم حصول أي حزب على الأغلبية في البرلمان ، يتحتم حين ذاك تشكيل ( حكومة أئتلاف ) أي حكومة تشترك فيها أعلى الأحزاب حصولاً على المقاعد في البرلمان ويقومون بتوزيع الحقائب الوزارية بينهم كا توزع ( الكيكة ) ولا ننسى أنّ الحكومات الأئتلافية هشة وضعيفة ومليئة بالأختلافات والأنهيارات وسرعان ما تجدها بعد شهور منهارة لشدة التيارات المتصاعدة داخل البرلمان وأنعكاساتها على الحكومة ، ويكفي أن ننظر إلى كارثة تشكيل الحكومة اللبنانية ولسنتين لم تتمكن من تنصيب رئيس الجمهورية فقط ، والنظام البرلماني يكون عرضة لأكتساب عدوى العنصرية والطائفية ، وعيب آخر أنه يقوم على مبدئين : أندماج السلطات الثلاثة ، وصناعة القرار السياسي بيد البرلمان ، والعيب الآخر في النظام البرلماني { هو أن لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الوزراء يتم أختيارهما من قبل الشعب وبهذا سيكون من الصعب على الشعب محاسبة هؤولاء من خلال ممثليه ، وأخيرا ليس آخرا : أن موعد الأنتخابات غير ثابت في هذا النظام من حق رئيس الوزراء البقاء في منصبه طالما يملك ثقة الأغلبية في البرلمان----
بأعتقادي وفي هذا الظرف الساخن وفشل النظام البرلماني ولمدة 13 سنة نجد الأتجاه إلى تطبيق النظام السياسي (الرئاسي) والمطبق بنجاح في دول عديدة منها الولايات المتحدة الأمريكية لعقود مضت منذ 1787 ، وأن أكثر من نصف أنظمة العالم ذات نظام رئاسي مثل دول أمريكا الجنوبية والوسطى ودول أفريقيا الوسطى وأيران وأفغانستان وأندنوسيا وقبرص وكوريا الجنوبية والصين وروسيا وسوريا ومصر والسودان والأرجنتين -----
النظام الرئاسي يقوم على الفصل بين السلطات الثلاث ، ويمنح صلاحيات واسعة للرئيس ، وهو أحد الأنظمة السياسية الديمقراطية التمثيلية ويتركز على فصل صارم بين السلطات ، وتكون السلطة التنفيذية بيد الرئيس الذي ينتخب عن طريق الأقتراع العام المباشر ، ويشكل حكومة لتنفيذ برنامجه السياسي وتكون مسؤولة أمامه وليس أمام البرلمان وبذلك يكون البرلمان مجردا من صلاحية أسقاط الحكومة ، ومن محاسن النظام الرئاسي أنه يحافظ على توازن القوى بين السلطات الثلاثة ، وأنه يطوي مشاكل الحكومات الأئتلافية والحكومات الحزبية ، ويكون دور البرلمان رقابي للرئيس وحكومته ، ولماذا هذا النظام يلائم الشعب العراقي ؟ لآن المجتمع العراقي عشائري وقبلي فتكون العلاقة مباشرة بين الرئيس والمرؤوس ، فهو يمكن أن يكون رئيس دولة + رئيس حكومة وهو الذي يعين وزراءه ويمكنهُ أقالتهم وصلاحية تعينهم ، وهو المسؤول الأول عن السلطة التنفيذية والحكومة ويمثل السياسة الخارجية وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة ، وله حق العفو ( العفو الرئاسي ) وله صلاحيات خاصة في حالات الطواريء والأستثنائية ( خطر على الدولة ) يمكنه أعلان حالة الطواريء دون أنتظار قانون ، وهو يعبر عن أرادة الأغلبية ، وهوأفضل العلاجات للثنائية الحزبية سواء أن كان بين اليسار و اليمين أو بين جمهوريين وديمقراطيين ، وفي النظام الرئاسي تختزل فيه البيروقراطية والروتين والجمود القانوني وأحتمالات الأجتهاد الشخصي في (حمالة أوجه) الدستور ، ويكون أمام هذا النظام مساحة واسعة في تعزيز الأمن الداخلي وتحقيق الخدمات الأساسية للشعب بتحمل الرئيس المسؤولية الشخصية أمام هذه الواجبات ، لا كما في النظام البرلماني عندما ترمي كل كتلة فشلها على الأخرى ، وأخيرا نجاح النظام الرئاسي يتوقف على شخصية ذلك الرئيس وكياسته وحكمته في القيادة بحيث لا يشوب أنتماءه الوطني أي حزب أو كتلة أو طائفة -----
في 3 مايس 2016