الشرق الاوسط
يشعر سكان مدينة الفلوجة، إحدى مدن محافظة الأنبار غرب العراق، بالقلق من أحداث أمنية وقعت أخيرا في المدينة، والخشية من عودة عناصر تنظيم القاعدة إليها، وأرجع قاسم محمد، محافظ الأنبار، أسباب التدهور الأمني الأخير في الفلوجة إلى تغلغل بعض عناصر «القاعدة» من خلال الفجوات الأمنية، والتناحرات السياسية مع قرب الانتخابات النيابية، فيما أكد مسؤول أمني من داخل المدينة أن الأوضاع مسيطر عليها تماما، ولا يمكن لـ«القاعدة» العودة ثانية.
ومدينة الفلوجة، كانت تعتبر أحد أبرز معاقل تنظيم القاعدة في العراق، بعد الإطاحة بالنظام العراقي السابق، وتم تطهير المدينة منهم إثر عملية أمنية كبيرة نفذتها القوات الأميركية أواخر عام 2004. وشهدت مدن الأنبار تحسنا أمنيا بشكل تدريجي، بعدما كانت تعتبر من أشد المحافظات العراقية سخونة، إثر تشكيل قوات الصحوات العشائرية لمحاربة تنظيم القاعدة. واغتال مسلحون مجهولون السبت الماضي ضابطا كبيرا بشرطة حماية المنشآت النفطية، بانفجار عبوة لاصقة أمام منزله، وسط مدينة الفلوجة، وجاء ذلك متزامنا مع مقتل الشيخ محمود العبيدي، بانفجار عبوة ناسفة خارج منزله في منطقة أبو غريب الواقعة بين بغداد والفلوجة، كما شهد الأسبوع الماضي سلسلة من التفجيرات بالعبوات الناسفة.
وقال محافظ الأنبار لـ«الشرق الأوسط» إن «سهولة الدخول والخروج من مدينة الفلوجة باعتبارها مدينة مفتوحة جغرافيا، منح «القاعدة» سهولة بالتحرك والانطلاق ثم الاختفاء» مؤكدا أن «الأوضاع مسيطر عليها وأن أسباب الخروقات الأمنية، ومحاولة استهداف بعض عناصر الشرطة تأتي ضمن الاستهداف العام لكل العراقيين» غير أنه أضاف قائلا «إن بعض عناصر (القاعدة) استطاعت أن تتغلغل في مدينة الفلوجة بسبب الفجوات الأمنية، وبسبب الصراعات السياسية بين الكتل المتناحرة وصولا إلى الانتخابات».
ونفى أن تقف أطراف سياسية وراء «تسهيل» عودة عناصر «القاعدة» إلى المدينة، لكنه أضاف أن «التناحر السياسي يمنح الأعداء دوما فرصة للتغلغل، في محاولة لتوسيع حجم الخلاف، وبالتالي السيطرة على الأوضاع».
وأكد محمد «لا سيطرة لـ(القاعدة) الآن، وأن الحكومة المحلية يمكنها أن تتصدى للجانب الأمني وتُفعّل غلق فجواته، لكنها غير قادرة على التدخل السياسي بين الكتل السياسية المتناحرة».
وكانت مصادر قد ذكرت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» أن هناك خلافات بين العشائر في محافظة الأنبار، تجلت بعد إجراء الانتخابات المحلية والصراع على المناصب في المحافظة. ومن جانبه، أرجع أحمد أبو ريشة، رئيس الصحوة في العراق، أسباب العنف الأخير إلى «انتقام» عناصر تنظيم القاعدة من قوات الصحوة التي طردتهم من المحافظة. وقال أبو ريشة لـ«الشرق الأوسط» إن «فكر (القاعدة) لم يعد له وجود في الأنبار بشكل عام، و(القاعدة) رسمت لنفسها أجندات في العراق، فهي تستهدف كل التجمعات وكل الأقضية والنواحي كنوع من الانتقام والثأر، وخصوصا ممن ينتمون للصحوات باعتبارهم أول من حاربها وفضح أجنداتها».
لكنه أكد أن «عودة (القاعدة) بالشكل الذي كانت عليه لن يكون؛ لأن أفكارهم الإجرامية لم تعد تلقى آذانا صاغية من أحد، لذا فعملياتهم متفرقة وقليلة، ولن تستمر طويلا»، وتوقع وقوع خروقات قُبيل إجراء الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في مارس (آذار) المقبل.
فيما أكد محمود العيساوي، قائد شرطة الفلوجة أن «القاعدة» لم يعد لها وجود كما كانت عليه قبل ثلاث سنوات، وأن أهالي الفلوجة يدركون هذا الأمر، وأن الخروقات الأمنية تحصل كما يحصل أي خرق أمني في أي مدينة عراقية.
غير أن أهالي الفلوجة أكدوا في اتصالات مع «الشرق الأوسط» أن مخاوفهم تزداد هذه الأيام، بسبب الخروقات الأخيرة واستهداف الأشخاص. وقال بعضهم إن «التطمينات الأمنية من قبل المسؤولين في الحكومة المحلية أو المركزية لن تجدي نفعا، وخصوصا بعد أن استهدفت أماكن حساسة في العاصمة بغداد أمام أنظار الحكومة وفي عقر دارها، لذلك فإن أي تطمين لن يجدي نفعا أبدا»، وذلك في إشارة إلى سلسة التفجيرات الدامية التي استهدفت مقرات حكومية في بغداد، وأسفرت عن وقوع مئات القتلى والجرحى.
كتب بتأريخ : الإثنين 28-12-2009
عدد القراء : 2236
عدد التعليقات : 0