انكسار داعش و التسوية الوطنية ـ 3 ـ
بقلم : د. مهند البراك
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

و فيما ينبّه سياسيون و مراقبون الى تداخل عدة ملفات معاً، كتداخل المختلفين مع العملية السياسية و المعارضين لها و كأنما هم من الارهابيين او من البعثيين الصداميين اللذين لا تسوية معهما، و الى ضرورة التمييز بينهم. فإنهم ـ السياسيون ـ يرون في طرح وثيقة مشروع التسوية الوطنية من قبل المجلس الاسلامي، السعي للتصالح و الغاء ماجرى و كأن شيئاً لم يكن، الذي قد يعدّ اعترافاً صريحا و واضحاً بفشل معادلة الحكم القائمة على اساس المحاصصة، المحاصصة التي تسببت بتصدّع العلاقة حتى مع اقليم حكومة كردستان السند الهام للحكومة الإتحادية، بل و تسببت بما يشبه التصدع في وحدة الإقليم .  

حيث ما يجلب الانتباه  هو مرور الوثيقة على موضوع المحاصصة الاثنية والطائفية سيئة السمعة، و وباء الفساد الذي ينهش بالبلاد و بالدولة، بشكل عابر .  . و ليس بما يستحقانه من تصدي و ادانة و استعداد لإستئصال جذوره ومحاسبة المتورطين فيه، الامر الذي لا يمكن الا ان يقود الى الخشية من ان يتحول الحديث الجاري عن تصفير الازمات الى مسعى لتصفير العدادات وملفات فساد المتنفذين، و قبول ماحصل على اساس عفى الله عمّا سلف .

و الذي يمكن ان يفسّر بأن واضعي الوثيقة كأنما غير معنيين بما يشغل الراي الشعبي العام من مطالب اساسية تشكّل جوهر معاناة الجماهير الواسعة و نبضها، وان الامر لا يعدو اكثر من اعادة ترتيب الحصص والمواقع والملفات على ذات الاسس السابقة. في وقت يؤكدون فيه على ان لامصالحة دون اصلاح حقيقي لأنهاء المحاصصة، و اعتماد المواطنة القائمة على اساس الإنتماء للهوية الوطنية، و ان يكون الإختيار الى مناصب الدولة، على اساس النزاهة و حب الوطن و الكفاءة العلمية و المهنية، و ملاحقة و القضاء على الفساد بتفعيل دور القضاء  .  .

من جهة اخرى، و فيما يشددون على تفعيل دور القضاء العراقي واحترام استقلاليته، في مكافحة الفساد، يرون اهمية تقييم حساب موازنات دورات حكم المالكي، أطول دورات حكم منذ سقوط الدكتاتورية، الدورات التي اختفت خلالها مئات مليارات الدولارات، و تشكّلت خلالها انواع الجيوش الفضائية العسكرية و المدنية، التي تسببت بأكبر الانتكاسات من سبايكر الى سقوط الموصل. و تحديد اين ذهبت تلك الأموال لإسترجاعها في الظروف المالية الصعبة التي تعيشها البلاد من جهة، و تحديد من المسؤول عن اختفائها و سرقتها لينال جزاءه العادل داخل البلاد من قبل القضاء المحلي، الذي عليه ان يوقف عمل الاحزاب التي سرق قادتها اموال الدولة، و يرفع عنها الحصانة و يحكم بعدم صلاحيتها للمجتمع و للحكم، وفق القوانين القضائية و قانون الأحزاب .

و خارج البلاد عن طريق القضاء الدولي لإلقاء القبض عليهم و ملاحقة شبكاتهم لإسترجاع الأموال للبلاد، في ظروف تطور فيها القضاء الدولي، و تصاعد الفساد في البلاد و صارت الأموال المنهوبة فلكية و ادّت الى توقف اتفاقيات و مشاريع و انسحاب استثمارات، و صارت انباؤها تنشر في وسائل الإعلام الدولية، اضافة الى مطالبات الجهات الدائنة و وصلت الى حد اعلانات عن عدم الثقة بالدولة العراقية و الحكم القائم بسبب الفساد، اضافة الى الإرهاب  .  .

في وقت تزداد فيه مطالبات تدقيق معالجة ملف السجناء والمعتقلين والهاربين في اطار القانون والدستور، و  الحاجة القائمة ايضا لإعادة قراءة قانون مكافحة الارهاب، وتكييف او تدقيق مواده بما يساعد على خلق اجواء ايجابية للحوار والتفاهم. و تزداد التساؤلات عن الاتفاقية العراقية ـ الاميركية " اتفاقية الاطار الستراتيجي " البعيدة المدى، التي تدفع الحكومة العراقية رسومها الدورية العالية، هل وضعت على الرف بابوابها الإقتصادية و الدفاعية و الأمنية و القضائية و الثقافية و غيرها ؟  لماذا لايجري تفعيلها و الاستفادة منها في ظروف العراق الصعبة القائمة ؟؟

فيما تطالب اوسع الاوساط بإعادة كتابة الدستور بروحيته العامة ذاتها، و تعديل و اشباع عدد من فقراته، بعد التجارب المريرة و ضحاياها الدستورية ان صحّ التعبير من جهة،  و لأجل عدم حصر التعددية بالمحاصصة، وابطال و منع أية إجراءات لحرمان المواطنين من فرص التعيين أو الترقي الإداري وفق مفاهيم المحاصصة الطائفية المقيتة ولاعتبارات غير مشروعة، ورعاية المهجرين والعمل على إعادتهم الى أماكن سكنهم التي هجروا منها قسرا، وتأمين حياتهم وممتلكاتهم.

و ليتناسب مع الظروف و الأحوال التي تعيشها البلاد و التهيؤ للانطلاق الى آفاق أرحب، مع التركيز على الأهمية الفائقة لإعادة بناء الهيئات المستقلة و اشباعها بالعناصر المهنية الكفوءة النزيهة و الحريصة على البلاد و تقدّمها، و تحريرها من المحاصصة  .  . الأمر الذي سيطوّر العمل و الفعل الديمقراطي في البرلمان و يصونه من التدخلات من خارجه و يطوّر عموم مفاصل العملية السياسية الجارية، و يزيد ثقة كل المكونات بها و بجدواها   .  .

و يرى ابرز المحللين و المراقبين، ان توثيق العلاقة بين الحكومة الاتحادية و حكومة اقليم كردستان، يشكّل حجر الزاوية الأساسي في المصالحة  الوطنية و التسوية السياسية، عبر تقوية الحكم الفدرالي و اشباعه بالحقوق و الواجبات الاساسية و تحديثه، و خاصة في الظروف الصعبة التي يمر فيها الإقليم، و تتربص به انواع الجهات المعادية للكرد و للتكوينات الدينية و القومية الأخرى التي تعيش في الاقليم، و تلوّح بالعداء لحقوقهم المشروعة  .  .

في وقت تتحقق فيه لأول مرة الوحدة الكفاحية بين القوات المسلحة العراقية و البيشمركة في خنادق المعارك الصعبة ضد داعش الارهابية و تسيل دمائهما متعانقة في معارك الموصل .  . الأمر الذي يتطلب من الجانب الكردستاني السعي الأكثر دأباً للحفاظ على وحدة البيت الكردستاني و تلبية مطالب جماهير كردستان، السند الأمين لحكومة و رئاسة اقليم كردستان في عراق فدرالي ديمقراطي موحد، تتحقق فيه للمرة الأولى الارادة الموحدة بين رئاسة وزراء الحكم الاتحادي و الرئاسة الكردستانية، من ساحات المعارك ضد اعداء الشعبين .  .

و تبقى الأسئلة مفتوحة على، هل ستبقى القوات المسلحة من الجيش و القوات الامنية و الحشد الشعبي و البيشمركة و المتطوعون، هل ستبقى ساكتة عن المحاصصة و الفساد اللتين تعمان البلاد كما مرّ ؟؟ و هي التي تتعمّد في نيران المعارك الشرسة ضد داعش الوحشية الإجرامية، و تقدّم الغالي و النفيس من جحافل الشهداء، في المعارك ضدها .  .  داعش التي تسبب بانتشارها و توسعها قادة طائفيون فاسدون شيعة و سنّة لازالوا يحكمون،في وقت يحاول الطائفيون الشيعة منهم السيطرة على الحشد الشعبي الباسل و تجيير انتصاراته و شهدائه لهم من خلال ميليشياتهم ايّاها التي ضموّها اليه، و بتشجيع من امثالهم من الطائفيين السنّة كي يشكّلوا من جانبهم بالمقابل حشداً او حرساً سنياً طائفياً رسميّاً لهم على ذات الاسس الطائفية، و يزيدوا بذلك تمزّق البلاد و بالتالي تقسيمها الى دويلات طائفية متصارعة تحت ظلال المحاصصة بداية .

فيما تؤكد القوى و الشخصيات المشهود لها بالامانة و نظافة اليد، على ضرورة خلق الظروف والأجواء اللازمة لتفعيل المساهمة الشعبية وتعبئة الجماهير، وتحويل المصالحة الوطنية الى تيار شعبي وطني جارف، بزيادة الاهتمام بالاوضاع المعاشية لأوسع الفئات الشعبية عملياً، و على سبيل المثال من خلال اجراء تعديلات على الموازنات السنوية لصالح تلك الفئات الواسعة التي تزداد فقراً، و يلاحظون انه في موازنة 2017  واولياتها. انها تحتوي على تقشف، ولكن لايزال الموظفون و المتقاعدون هم الذين يتحملون اجزاءً كبيرة من ذلك التقشف، حيث ان زيادة التقشف فيها تعود لنسب الاستقطاع من رواتب المتقاعدين والموظفين، فيما لا يزال الاسراف  مستمراً ! اضافة الى استمرار الفساد وضياع المال العام .  .  بل و حتى القروض الدولية  لا توجد خطط لكيفية التصرف بها واين ستصرف؟ في ظروف يُلمس فيها استسهال في طلب القروض، دون النظر الى عواقبه . (انتهى)

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 30-11-2016     عدد القراء :  2235       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced