تتسارع خطوات الكتل السياسية استعدادا للانتخابات رغم ان مجلس النواب لم يحسم امره في هذا الشان سواء ما يخص الموعد المقترح من الحكومة او القوانين التي ستسير بموجبها انتحابات مجالس المحافظات ومجلس النواب .
واذا اخذنا ما يعلن من مواقف بشان موعد الانتخابات فمن الواضح ان هناك اغلبية تريد ان تجري في وقتها المعلن ، للحد الذي وصفه البعض ، وهذا يتكرر في كل انتخابات ،بانه موعد " مقدس" ولا نعرف كيف تطلق هذه الاوصاف على موعد يتحكم فيه البشر في نهاية المطاف . وهناك من يهول في الامر الى الحد الذي يحذر فيه من " يوم القيامة" اذا تزحزح الموعد عن 12 ايار القادم . وهناك من يقدم بعض المبررات لدعم دعوته الى التأجيل ولها صلة بالنازحين الذين ما زال ما يربو على ثلاثة ملايين لم يعودوا بعد الى دورهم ومدنهم وهم في ظروف غاية في القسوة ، وضاقوا مرارات كل الفصول ، وللاسف، وطبقا لما يتم التصريح به من عدد من البرلمانيين ، فان موانع العدودة لا تعود كلها الى الدمار الذي لحق بالبنى التحتية .على انه يبقى مفتوحا السؤال عن السبب الحقيقي وراء دعوات التاجيل ؟
فجدل يتواصل حول الموعد ، واخر حول القانون ولو يبدو انه اخف وطأة بين المتنفذين اذ هم قد اتفقوا جميعا ، ومنذ الدورة الانتخابية البرلمانية السابقة، على سد المنافذ امام أي مسعى جدي لتغيير آليات الانتخابات وتوزيع الاصوات بما يضمن قدرا معقولا من العدالة واحترام خيارات الناخب وعدم مصادرة صوته لصالح الكتل التي تقاتل وتتقاتل فيما بينها على تأبيد سطوتها وسلطتها من دون ان تلتفت الى الحصيلة المخزية للاربعة عشر عاما من حكم نظام المحاصصة المتجسد في احزاب وافراد ، عدا بعض الومضات المشرقة ذات الصلة بدحر داعش الارهابي وتحقيق النصر والذي له ظروفه واسبابه التي قادت اليه .
ولعل من اللافت ، وهوايضا ليس بالجديد عن الانتخابات السابقة ، ان يجري من الان الحديث عن المناصب وتوزيعها وفي المقدمة منها منصب رئيس مجلس الوزراء ، من دون الذكر ، مجرد الذكر ، اوالحديث عن البرامج والاولويات التي يتعين تحديدها خلال الفترة القادمة وهي حقا حاسمة بالنسبة الى بلدنا وشعبنا الذي صبر طويلا وانتظر ولعل القسم الاكبر منه، المتضرروالمهمش ، قد ادرك الان الخطأ الفادح في تجريب المجرب تحت أي عنوان طائفي او قومي او مناطقي .
الفشل الغالب هو سمة الفترات السابقة ، ولا يغير من هذه الحقيقة اعلان بعض التوجهات الصحيحة التي ما لبثت وان اختفت او هي في احسن الاحوال لم تمس جوهر المأساة وأسها ، وهو المنهج الفاشل في ادارة الدولة على مختلف الصعد.
الانتخابات على الابواب ، والمتنفذون بدأوها مبكرا بما يملكون من قدرات وامكانات وغالبا ينطبق عليها سؤال : من اين لك هذا ؟ ومبكرا ايضا بدأ الضرب تحت الحزام وهو امر قد يميز كثيرا هذه الانتخابات لحدة المنافسة بين المتنفذين .
ومن جانب اخر تسارع قوى الاصلا ح الى لملمة صفوفها وتحشيد قواها لكسر احتكار السلطة وفتح فضاءات للتغيير المرتقب .
انها حقا ليست انتخابات تقليدية ، بل يمكن القول باطمئنان انها معركة بين دعاة التغييروبين من يريد الامساك بالسلطة وصولا الى تدميركل شيء في هذا الوطن العزيز . فمن ينتصر للوطن من ابناء شعبنا؟